العنصرية في أبهى صورها

11 مايو 2015
تصريحات وزير العدل المصري إهانة لملايين المصريين (أرشيف/Getty)
+ الخط -
إذا كان النظام المصري يمارس العنصرية بكل أنواعها وأصنافها، فهل نستغرب أن يمارسها وزير عضو في هذا النظام.

وإذا كان النظام فرّق بين المصريين وتعامل معهم بمنطق عنصري بحت، فهذا شخص منبوذ مطارد لأنه يعارض سياسات القتل والاغتصاب والظلم والفساد، وذاك وطني لأنه يرقص طرباً على جثث أشقائه المصريين الذين ماتوا في ميادين رابعة والنهضة ورمسيس، أو تم شويهم في سيارة الترحيلات.

وهذا مواطن صالح يسمع الكلام ويمشي بجوار الحائط، وذاك إرهابي لأنه يطالب بحريته وكرامته وحقه في ثروة بلاده.

وهذا مواطن يستحق الإشادة لأنه يسبح بحمد السلطان ليل نهار ويشكره على أننا لم نصبح مثل ليبيا أو سورية، وذلك آخر يستحق السحل والرصاص الحي لأنه تجرأ وانتقد أسياده من ضباط الشرطة، أو حتى انتقد همساً ارتفاع الأسعار وتردي الأحوال المعيشية.

فهل نستغرب بعد ذلك من وزير في هذا النظام أن يمارس هو الآخر العنصرية في أبهى صورها وأن يعاير الشرفاء من الشعب المصري بأنهم بوابين وعمال نظافة؟

لم أستغرب التصريحات الصادرة عن المستشار محفوظ صابر، وزير العدل المصري والتي قال فيها، إن «ابن عامل النظافة لا يمكن أن يصبح قاضياً أو يعمل بمجال القضاء، لأن القاضي لا بد أن يكون قد نشأ في وسط بيئي واجتماعي مناسب لهذا العمل، وأن ابن عامل النظافة لو أصبح قاضياً سيتعرض لأزمات مختلفة منها، الاكتئاب، وحينها لن يستمر في المهنة".

لو جاع هذا الوزير يوماً ما، ما تجرأ على التلفظ بهذه الكلمات العنصرية، ولو أدرك الوزير أن هناك أكثر من 4 ملايين مصري لا يجدون قوت يومهم وما يسدون به رمق أسرهم وأمعائهم الخاوية ما نطق بهذه الكلمات التي تخدش حياء هؤلاء ملايين المصريين معدومي الدخل قبل أن تعاقب عليها القوانين الإنسانية قبل القوانين الوضعية.

ولو أدرك الوزير أن نصف المصريين فقراء، وأن ملايين الشباب عاطل عن العمل، وأن خريجي الجامعات تجبرهم سياسات حكومته على العمل حتى ولو في مجال النظافة أو أفراد أمن، أو حتى إلقاء نفسه في غياهب البحر المتوسط والخضوع لعصابات الهجرة غير المشروعة، ما تجرأ على التفوّه بهذه الكلمات البذيئة.

السؤال: هل يقوم النظام بمحاسبة هذا الوزير على الكلمات التي تفوه بها، أو على الأقل يطلب منه الاعتذار عنها لملايين المصريين، لأن البواب وعامل النظافة هم مصريون شرفاء يستحقون منا كل احترام؟

اقرأ أيضا: قراءة مختلفة للصراع في مصر
المساهمون