العراق يراهن على قانون الاستثمار المعدني لاستغلال ثرواته

12 أكتوبر 2022
يمتلك العراق احتياطات ضخمة من النفط والمعادن (فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت لجنة الاستثمار والتنمية في البرلمان العراقي استئناف العمل على مشروع قانون الاستثمار المعدني وعرضه للقراءة الأولى في جلسة مجلس النواب، التي عقدت بتاريخ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، واستضافة عدد من الوزارات المعنية بهذا القانون للأخذ بمقترحاتهم تجاه بنود هذا القانون وفقراته، فضلاً عن الاطلاع على تجارب الدول المتقدمة في مجال الاستثمار المعدني.

وأكدت اللجنة، في بيان لها أمس الثلاثاء، أن هذا القانون سيعمل على تطوير القطاعات الصناعية الحكومية والخاصة، لما فيه من امتيازات كبيرة ليحقق المصلحة العامة للبلاد.

وأوضحت اللجنة أن القانون يعدّ من القوانين المهمة التي يعوّل عليها في النهوض بالواقع الصناعي وتعظيم واردات البلد، من خلال الاستثمار الأمثل لموارد البلاد المعدنية، ورفد الموازنة العامة، وجذب الاستثمارات الخارجية من شركات عالمية خاصة، واستثمار موارد البلد بالشكل الذي يؤمن إيرادات دائمة للدولة.

أهمية القانون

ويحتل العراق المركز الثاني عالمياً في احتياطي الفوسفات، الذي يُقدَّر بنحو 10 مليارات طن، ويمثل ما يقارب 9 بالمائة من حجم الاحتياطي العالمي. كذلك يمتلك العراق خامات المعادن الصناعية الفلزية واللافلزية، مثل الكبريت الحر ورمال السيلكا، وغيرها من المعادن في مناطق مختلفة من أراضيه، التي تشكل فرصاً استثمارية للصناعات التعدينية والإنشائية.

ويرى مختصون أن الثروة المعدنية في العراق لم تستثمر بشكل يضمن تحقيق موارد مالية كبيرة للبلاد يمكن من خلالها رفد موازنة الدولة بدلاً من اعتمادها الكلي على الإيرادات النفطية، وأن هناك الكثير من المعادن ما زالت في مكانها وغير مستثمرة جيداً.

وأوضح الباحث الاقتصادي، عز الدين الشمري، أن تفشي الفساد المالي والإداري والمحاصصة السياسية، فضلاً عن غياب التخطيط الاستراتيجي للنظام الاقتصادي، من أهم أسباب عرقلة عمليات الاستكشاف المعدني واستثمار الثروة المعدنية.

وشدد الشمري، من خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، على أهمية تشريع قانون الاستثمار المعدني في العراق بما يضمن عدم استغلال هذا القانون لأغراض نفعية خاصة بالأحزاب والشركات المتنفذة أو الجهات الداعمة لها، إنما السعي لرفد خزينة الدولة العراقية بموارد مالية جديدة تعزز قوة الاقتصاد الوطني.

وأكد الشمري ضرورة عرض فرص الاستثمار أمام الشركات العالمية الرصينة للاستثمار المعدني، لأن ذلك يحتاج إلى مبالغ مالية طائلة، مع ضمان حماية قطاعات الاقتصاد الوطني من هيمنة رأس المال الأجنبي.

هفوات القانون

من جانبها، شككت النائبة المستقيلة عن الكتلة الصدرية، أنعام الخزاعي، في سلامة هذا القانون ونزاهته، معتبرةً أن خلاصته "تشجيع الاستثمار الأجنبي للولوج إلى قطاع الاستخراج كما حدث مع قطاع النفط".

وأكدت الخزاعي، في تصريح صحافي، أن هذا القانون "يوحي بأنه كتب بضغوط من مستثمرين وشركات أجنبية لإقراره من أجل السيطرة على المعادن الثمينة في البلد، التي تقدر بمليارات الدولارات على حساب الشركات الوطنية وثروات الأجيال القادمة".

وأشارت الخزاعي إلى أن المادة 4/ سابعاً من مقترح هذا القانون تنص على التعاقد مع القطاع الخاص لاستثمار الأراضي، بينما ينبغي أن "يحصر استخراجها واستثمارها بالقطاع العام عبر الشركات الوطنية، لكون الثروات الموجودة في باطن الأرض ملكاً للشعب كما كفل الدستور، واستثمارها يجب أن يكون كالنفط والغاز لمصلحة الشعب، وعبر القطاع الحكومي حصراً".

وشددت على أهمية الإشراف على اتفاقات الاستثمار من قبل الدولة، و"أن يكون التصرف بهذه الثروة برعاية لجان عليا مشتركة بين وزارة النفط والصناعة، وبمستويات رفيعة ورفعها لمجلس النواب من أجل بيان الرأي لضمان التصرف السليم بموارد البلد المعدنية، وحصر استخراج واستثمار المعادن الثمينة بالشركات الوطنية حفاظاً على ثروة البلد القومية".

وانتقدت أيضاً فقرات المادة الـ16 من القانون نفسه، التي حددت بدلات الإيجار بشكل رمزي جداً، ما يعزز ضعف قانون الاستثمار المعدني، وكيفية أن يكون منح إجازة الاستثمار يراوح بين (1-25) مليون دينار، فيما تصل رسوم منح إجازات الاستثمار المشابهة إلى مئات الملايين من الدولارات، معتبراً أن ذلك يُعَدّ "هدراً صارخاً لموارد البلد وثرواته دون أسباب وجيهة".

فيما حددت المادة 17/ أولاً جملة من الامتيازات والإعفاءات، أهمها إخراج رأس المال مع العوائد متى شاء المستثمر، وإعفاء رأس المال الثابت الأجنبي من الضرائب والرسوم، وإعفاء الموجودات الثابتة المستوردة للأجنبي من الرسوم والضرائب أيضاً.

تطبيق قانون الاستثمار المعدني 

من جهته، قال عضو مجلس النواب العراقي، معين الكاظمي، إن تطبيق قانون الاستثمار المعدني يحتاج إلى حكومة ذات صلاحيات كاملة لتكون مسؤولة عن تنفيذ بنود هذا القانون وفقراته.

وشدد الكاظمي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على ألّا يكون هذا القانون "هدراً للموارد الطبيعية، وألّا يكون الهدف من الاستثمار المعدني الاستحواذ على المعادن والثروات الطبيعية في البلد".

وأشار إلى أن هناك عدداً من أعضاء مجلس النواب طالبوا بترحيل هذا القانون لحين تشكيل حكومة جديدة ذات صلاحيات كاملة، والتشديد على ضمان حقوق الشعب من الضياع، و"عدم منح إجازات الاستثمار وفق مصالح خاصة، لأن الموارد المعدنية والطبيعية ملك للشعب العراقي، ويجب السيطرة عليها من قبل الدولة".

ويرى الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، أن هذا القانون مهم جداً بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني العراقي، لأنه يفتح المجال للاستثمار أمام الشركات الاستثمارية العالمية.

وأوضح الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، أن إنشاء الصناعات المعدنية والتحويلية في العراق يحتاج إلى قانون ينظّم عمل المصانع الاستثمارية ويضمن حقوق جميع الأطراف ويسيطر على أموال الدولة ويحميها من الهدر والضياع.

وأكد العبيدي أن هذا القانون "يعتبر نافذاً حال إقراره ونشره رسمياً، حتى في ظل حكومة تصريف الأعمال، لأن التشريعات الدستورية والبرلمانية لا علاقة لها بشكل السلطة التنفيذية".

المساهمون