استمع إلى الملخص
- فرضت الصين حظراً على تصدير أربعة معادن نادرة إلى الولايات المتحدة، مما يهدد بتقسيم سلاسل التوريد العالمية ويعكس تصعيداً في الحرب التكنولوجية.
- تتزايد المخاوف من تأثير السياسات التجارية الصارمة بين البلدين، حيث تحذر الولايات المتحدة من ارتفاع التضخم، بينما تعزز الصين إنتاجها المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.
بدأت بكين إشهار أسلحتها ومنها شن حرب عملات ضدّ رسوم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في وقت مبكر، حيث يدرس كبار القادة وصناع السياسات في الصين السماح لقيمة عملة اليوان بالانخفاض خلال عام 2025، تأهباً لمخاطر فرض إدارة ترامب تعريفات جمركية إضافية على صادرات البلاد. وقالت مصادر لوكالة "رويترز" إن البنك المركزي الصيني لن يعلن صراحة على الأرجح أنه لن يدعم سعر صرف العملة المحلية، لكنه سوف يترك مساحة أكبر لقوى السوق في تحديدها.
وفي وقت سابق، قررت الصين فرض رسوم على منتجات أميركية قيمتها 50 مليار دولار، وأعلنت بكين عن حظر واسع لتصدير المعادن النادرة للولايات المتحدة والشركات الأميركية. كما أن هناك دلائل تشير إلى أن الصين قد تفكر في السماح لعملتها، اليوان بالانخفاض مقابل الدولار، في ردة فعل استراتيجية على التعريفات الأميركية. وتاريخياً، خلال تصعيد التعريفات السابقة في دورة الرئيس ترامب الأولى في الفترة من 2018-2019، سمحت الصين لعملتها بالضعف كإجراء مضاد. ومن الناحية النظرية، فإن اليوان الأرخص سيعوّض بعض تأثيرات التعريفات الجمركية، من خلال جعل المنتجات الصينية أقل تكلفة بالنسبة للمستهلكين الأميركيين.
وكانت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين قد حذرت من عواقب فرض إدارة دونالد ترامب المقبلة التعريفات الجمركية، وأنها قد تؤدي لارتفاع التضخم، وفق وكالة فرانس برس مساء الأربعاء، وذلك بعدما هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين الثلاثة: كندا والمكسيك والصين، عند تنصيبه في العشرين من يناير/كانون الثاني 2025.
يتزايد القلق بين الشركات متعددة الجنسيات التي تتعامل مع الصين بشأن قرار بكين فرض حظر تجاري على تصدير أربعة معادن مهمة إلى الولايات المتحدة
وأوضحت يلين في ندوة لـ"وول ستريت جورنال" قائلة إن خطط ترامب لفرض تعريفات جمركية جديدة من شأنها أن ترفع الأسعار بشكل كبير على المستهلكين الأميركيين وتشكل ضغوطاً على التكاليف على الشركات. وتابعت قائلة: ذلك سيكون له تأثير سلبي على القدرة التنافسية لبعض قطاعات الاقتصاد الأميركي، وقد يعرقل التقدم الذي أحرزناه بشأن التضخم، وسيكون له عواقب سلبية على النمو.
وعلى صعيد سلاح المعادن النادرة التي تهيمن عليها الصين، وتحتاجها الدول الغربية بشدة للتقنيات المتقدمة والصناعات الدفاعية، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير اليوم، إن الحظر الذي تفرضه الصين على المعادن الحيوية أصعب مما كان متوقعاً، حيث أمرت بكين الشركات في جميع أنحاء العالم بعدم السماح للمعادن الحيوية المستخرجة في الصين بالوصول إلى الولايات المتحدة، مع تعميق جهودها لاستبدال الواردات بالمنتجات المحلية.
وفق التقرير، يتزايد القلق بين الشركات متعددة الجنسيات التي تتعامل مع الصين بشأن قرار بكين الأسبوع الماضي بفرض حظر تجاري على تصدير أربعة معادن مهمة إلى الولايات المتحدة. والموضوع الرئيسي المثير للقلق هو بند يوسع الحظر ليشمل الشركات في البلدان الأخرى التي تنقل المعادن إلى الشركات الأميركية بعد الحصول عليها من الصين.
وقال التقرير، إنّ هذه المرة الأولى التي تدرج فيها الصين حظراً واسع النطاق على ما يسمى بالشحن العابر في لائحة حكومية بشأن الصادرات. كما يؤكد استعداد بكين لتصعيد ردها المتبادل على السياسات التجارية الأكثر صرامة التي وعد بها الرئيس المنتخب دونالد ترامب. ولطالما أدانت الصين محاولات دول أخرى، وخاصة الولايات المتحدة، لفرض قيود مماثلة على إعادة الشحن من قبل الشركات خارج حدودها.
ويهدد الحظر الذي فرضته بكين بتقسيم سلاسل التوريد العالمية بشكل أكبر، من خلال إجبار الشركات على اختيار ما إذا كان يمكن توفير المنتجات التي تحتوي على مواد ومكونات معينة فقط للسوق الأميركية أو للسوق الصينية فقط. وتحاول الصين إقناع الشركات في أماكن أخرى، وخاصة في أوروبا، بضرورة الاستثمار وبناء سلاسل التوريد في أسواقها، وليس داخل الولايات المتحدة.
وتابع التقرير: "تمثل هذه الخطوة تصعيداً كبيراً للحرب التكنولوجية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي. وقال ينس إسكيلوند، رئيس غرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين، إن الشركات تشعر بقلق متزايد بشأن الوقوع في مرمى النيران. ويعد الحظر على المعادن أحدث جزء من مبادرة واسعة النطاق قامت بها الصين على مدار ما يقرب من العقدين الماضيين لاستبدال الواردات بالإنتاج المحلي.
وفي 3 ديسمبر/كانون الأول، وهو اليوم نفسه الذي نشرت فيه وزارة التجارة حظر المعادن، وجهت أربع جمعيات تجارية مرتبطة بالحكومة الشركات لتجنب شراء رقائق الكمبيوتر الأميركية. وبعد يومين، كشفت وزارة المالية عن مسودة خطة لإصلاح العطاءات على العقود الحكومية، مع تفضيل الشركات التي تنتج في الصين بشكل كبير.
تحاول الصين إقناع الشركات في أماكن أخرى، وخاصة في أوروبا، بضرورة الاستثمار وبناء سلاسل التوريد في أسواقها، وليس داخل الولايات المتحدة.
وقال يورج ووتكي، الرئيس السابق لغرفة تجارة الاتحاد الأوروبي في الصين، إن أقرب ما توصلت إليه الصين في السابق من حظر الشحنات غير المباشرة كان في مايو/أيار الماضي. لكن هذا ينطبق على شركة واحدة فقط، وهي شركة أميركية مستوردة للأجزاء البلاستيكية المقولبة المخصصة من الصين.
وفي إشارة أخرى إلى أن الحكومة الصينية مستعدة لاتخاذ موقف صارم رداً على السياسة الأميركية، قالت يوم الاثنين إنها بدأت تحقيقاً لمكافحة الاحتكار في شركة إنفيديا، العملاق الأميركي الذي يهيمن على السوق العالمية للرقائق الأكثر تقدماً اللازمة للذكاء الاصطناعي. ويمكن أن تشير سلسلة الإجراءات أيضاً إلى استعداد بكين لعقد صفقة مع الولايات المتحدة.
ودافع المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية، هي جيانداو، عن اللوائح الجديدة بشأن صادرات المعادن، باعتبارها "إجراء معقولاً" وقال إن الصين "ترغب في تعزيز الحوار مع جميع الأطراف في مجال ضوابط التصدير، والحفاظ بشكل مشترك على الاستقرار والتدفق السلس للصادرات".
وفرضت إدارة بايدن سلسلة من القيود الواسعة بشكل متزايد على تصدير المنتجات "ذات الاستخدام المزدوج" إلى الصين، وهي تلك التي لها تطبيقات مدنية وعسكرية. وشملت هذه القيود حظر إعادة الشحن. وفي الثاني من ديسمبر/كانون الأول، أضافت واشنطن أكثر من 100 شركة صينية إلى القائمة التجارية المقيدة، وحظرت بيع بعض أسرع أشباه الموصلات والمعدات اللازمة لتصنيعها للصين. وصورت الإدارة الإجراء على أنه تعديل فني لمعالجة مشاكل مثل إنشاء شركات وهمية لتجاوز العقوبات المفروضة سابقاً على الشركات القائمة.