السيسي: الحكومة لديها رؤية للتعامل مع أزمة الدولار في الفترة القادمة

24 يناير 2024
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (رويترز)
+ الخط -

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، إن "أزمة الدولار ستظل قائمة حتى تتساوى موارد البلاد مع إنفاقها من العملة الأجنبية، وهناك رؤية طرحتها الحكومة للتعامل مع الأزمة خلال الفترة المقبلة، لا سيما أن الأزمات على حدود مصر (الحرب الإسرائيلية ضد غزة) لها تأثير وتداعيات على اقتصادنا".

وأضاف السيسي، في احتفالية أقامها بمناسبة عيد الشرطة (ثورة 25 يناير)، أن "استقرار الدول والحفاظ على أمنها لا يخص الحكومة والقيادة السياسية فقط، وإنما معني به جميع أفراد الشعب، حيث إن كل مصري مسؤول عن أمن واستقرار الدولة. وأي تحديات أو صعوبات من الممكن أن تمر إذا وقف الجميع متحدين في مواجهتها".

وتابع: "أقدر جيداً حجم المعاناة والضغوط الاقتصادية الحاصلة في مصر، وأقدر أكثر صلابة المصريين، وأعلم أن الحياة باتت صعبة، والأسعار مرتفعة. لكن الله أراد أن نرى مشاهد قاسية جداً في غزة، مع سقوط نحو 25 ألف شهيد من المدنيين، وأكثر من 60 ألف مصاب، مع تدمير كامل للبنى التحتية في القطاع".

وزاد السيسي مخاطباً المصريين: "أنتم ترون كيف تعيش المنطقة والعالم في وضع صعب ومضطرب، والأشهر الأربعة الأخيرة لم تمر على مصر بسهولة. نحن واجهنا أزمات متعاقبة كجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وأخيراً موضوع الملاحة (هجمات الحوثيين) في البحر الأحمر، وتأثيره على حركة السفن المارة بقناة السويس".

وواصل السيسي: "نحن نواجه ظروفاً صعبة على حدودنا الغربية والشرقية والجنوبية، وهذه الأزمات تؤثر علينا، وتؤثر على اقتصادنا. كل حدث له تداعيات، وأحداث ثورة 25 يناير عام 2011 شهدت اقتحاماً للسجون، ومحاولات لتقليب الرأي العام على أجهزة الدولة".

وأكمل: "أحداث 2011 كانت تستهدف وجود الشعب في مكان، ووزارة الداخلية في مكان آخر، الأمر الذي ساهم في تقليب الرأي العام، وأداء دور سلبي تمثل في الإساءة للدولة وأجهزتها، وما حدث للشرطة لم يكن قاصراً على اقتحام السجون، وإنما غير من مسار علاقتها مع الشعب، ولم يكن أمرا يسيرا أو سهلا الخروج منه".

وقال السيسي: "يجب دائماً أن نقف صفاً واحداً، وكتلة واحدة، حتى لا نشهد ما شهدناه في 25 يناير (الإطاحة بالرئيس الراحل حسني مبارك). نحن في حاجة إلى حوار أعمق وأشمل يخص الاقتصاد، ويوجد فارق كبير بين ما يقوله بعض المحللين الاقتصاديين في الفضائيات والصحف، وبين تنفيذ هذه الآراء على أرض الواقع، لأنه يجب وضع الكثير من الظروف في الاعتبار".

وزعم السيسي: "نحن خسرنا 450 مليار دولار تقريباً نتيجة الأحداث التي عاشتها مصر في أعوام 2011 و2012 و2013، وتكلفة محاربة الإرهاب فقط زادت على 120 مليار جنيه. مصر دولة ليست غنية، ومواردها لا تتحمل مثل هذا الصدمات بسهولة".

وأضاف: "أعرف أن الدنيا غالية (الأسعار مرتفعة)، لكننا نستطيع أن نعيش، وأن نتحمل حتى نتجاوز الأزمة. وكما أطلقنا حواراً وطنياً قبل عامين، ومثل فرصة جيدة للحديث في ملفات كثيرة سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية، فإننا سنطلق حواراً ثانياً تحت إشراف مجلس أمناء الحوار الوطني، حتى نبقي على الحيوية التي حققها خلال الفترة الماضية"، على حد تعبيره.

وتطرق السيسي إلى أزمة شح النقد الأجنبي، بقوله: "مصر تواجه أزمة في توفير الدولار كل عدة سنوات، ليس فقط بسبب الإنفاق الخاص بنا على المشاريع (القومية)، أو الحرب التي خضناها ضد الإرهاب، ولكن لأننا نقدم خدمات ونبيعها بالجنيه، رغم أننا نستوردها من الخارج بالدولار. نحن نستورد سلعاً أساسية بمليار دولار في الشهر مثل القمح وفول الصويا، ثم نبيعها للناس (المصريين) بالجنيه، ومحطات توليد الكهرباء تحتاج إلى غاز طبيعي لتشغليها بنحو مليار دولار شهرياً، وبالتالي نحن نواجه تحديات كانت موجودة حتى قبل عام 2011".

واستدرك قائلاً: "إذا لم نستطع زيادة مواردنا الدولارية من التصدير والسياحة وقناة السويس، حتى تساوي الإنفاق العام للدولة أو تزيد عنه، فإن الأزمة مستمرة معنا. والأزمة الراهنة يوجد لها حلول، ومنها على سبيل المثال الحد من استيراد السيارات، والذي وصل إلى مبلغ 4.5 مليارات دولار سنوياً".

وتابع السيسي: "مصر أمانة يا مصريين، وكل حاجة تهون إلا بلدنا، يعني مثلاً مش هنأكل أو نشرب؟ صحيح الحاجة (السلع) غالية ومش متوفرة، لكن ربنا أعطى لنا مثالاً حياً في غزة، حيث إننا لا نستطيع إدخال الأساسيات مثل القمح والدقيق (الطحين) وزيت الطعام حتى تأكل الناس وتعيش".

وأردف: "قطاع غزة كان يدخله قبل الأزمة الحالية نحو 600 شاحنة يومياً، وفي أعلى التقديرات يدخل الآن ما بين 200 و220 شاحنة. طب الناس دي عايشة إزاي؟ أؤكد أن الدولة المصرية لم تغلق معبر رفح الحدودي على الإطلاق، أو تسعى إلى منع دخول المساعدات للقطاع. وهذا رد مني على الكلام الكثير الذي قيل بشأن منع المساعدات، لو أني السبب في عدم دخول لقمة العيش إلى غزة فأين سأذهب من الله؟".

وختم السيسي، بالقول: "معبر رفح مفتوح على مدى 24 ساعة في اليوم، والإجراءات التي تتم من الجانب الآخر (دولة الاحتلال) حتى ندخل المساعدات تشكل وسيلة من وسائل الضغط على القطاع، ووزارة الخارجية أو الداخلية أو المخابرات العامة في مصر لا يتحملون مسؤولية ذلك".

ولم يخل حديث للسيسي، في كل عيد للشرطة، من ذكر ما حدث في 25 يناير/ كانون الثاني 2011، واستمر حتى 11 فبراير/ شباط من العام نفسه، عندما أعلن مبارك تخليه عن السلطة استجابة لمطالب ملايين المصريين، الذين خرجوا للميادين والشوارع في المحافظات كافة لإسقاطه، في ثورة شعبية اعترف بها العالم أجمع.

ولطالما ربط السيسي بين ثورة يناير، والخراب والدمار الذي سببته الثورة، من وجهة نظره، مؤكداً، في أكثر من مناسبة، أن "الله أنقذ البلاد من مصير دول مجاورة مثل سورية واليمن". وهو حديث فسره مراقبون بأنه "يعكس خوفاً شديداً من جانبه، من تكرار ما حدث والإطاحة به من السلطة".

وتعيش مصر أزمة اقتصادية طاحنة منذ تولي السيسي الحكم في 2014، بسبب إصراره على تنفيذ مشاريع عملاقة ممولة بقروض خارجية ضخمة، ولا تدر عائداً مباشراً على الاقتصاد، مثل العاصمة الإدارية الجديدة والقطار السريع والمونوريل، ما تسبب في ارتفاع سعر صرف الدولار إلى نحو 64 جنيهاً في السوق السوداء، أي بما يزيد على ضعف سعره الرسمي، عند 30.95 جنيهاً للدولار في البنوك.

وبلغ حجم الديون الخارجية لمصر نحو 164.5 مليار دولار، في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، مقارنة بـ43.2 مليار دولار عند تولي السيسي مقاليد الحكم. وتلتزم الحكومة بجدول سداد مدفوعات للديون بقيمة 42.26 مليار دولار في عام 2024 وحده، منها 6.7 مليارات دولار لصندوق النقد الدولي.

وأمس الثلاثاء، شارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره المصري عبد الفتاح السيسي أعمال صبّ خرسانة المفاعل الرابع لمحطة الضبعة النووية، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وهو المشروع الذي تنفذه شركة "روساتوم" الحكومية الروسية في نطاق محافظة مطروح المصرية، ويشمل 4 وحدات للكهرباء بقدرة إجمالية تبلغ 4.8 غيغاوات.

وتقدّر تكلفة المشروع الضخم بنحو 30 مليار دولار، منها 25 ملياراً اقترضتها مصر من روسيا، على أن يبدأ سداد القرض اعتباراً من أكتوبر/ تشرين الأول 2029، ولمدة 35 عاماً، بفائدة 3%.

المساهمون