الجزائر: الشركات الناشئة حبل نجاة للاقتصاد المتعثر

08 أكتوبر 2020
كورونا أصاب مختلف الأنشطة الاقتصادية بأضرار بالغة (بلال بن سالم/فرانس برس)
+ الخط -

أطلقت الجزائر صندوقا سياديا لدعم الشركات الناشئة، رغم مرور البلاد بأزمة حادة، ما يترجم حجم الرهان الذي ألقته حكومة الرئيس عبد المجيد تبون الأولى، على هذه الكيانات الإنتاجية والخدماتية البديلة للشركات التقليدية، التي عجزت عن تحرير اقتصاد البلاد من التبعية لعائدات النفط التي تمثل نحو 92 في المائة من إجمالي صادرات الجزائر، حسب بيانات رسمية.
وأعلن الرئيس الجزائري عن إطلاق صندوق لتمويل المؤسسات والشركات الناشئة، لتمكين أصحاب المشاريع المبتكرة من إنشاء مؤسساتهم بعيداً عن عراقيل البنوك واشتراطاتها للتمويل، وذلك خلال مؤتمر وطني، عقد مؤخرا، شارك فيه أكثر من ألف شاب من أصحاب المشاريع والمؤسسات الناشئة والأفكار المبتكرة وممثلي هيئات حكومية ومالية ومتعاملين اقتصاديين وخبراء وممثلي جمعيات وجامعات ومراكز بحثية.
وشدد الرئيس الجزائري على ضرورة محاربة البيروقراطية ورفع كل العراقيل الإدارية لتمكين الشباب من تجسيد مؤسساتهم الناشئة، وأكد تبون أن مشروع دعم المؤسسات الناشئة العاملة في القطاع الرقمي والتكنولوجيا، يُعَدّ أساس خطة الإنعاش الاقتصادي التي يتبناها منذ توليه الحكم في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وفي السياق، أوضح الوزير المنتدب المكلف بالمؤسسات الناشئة، ياسين وليد، أن "الصندوق سيتولى تمويل المشاريع الناشئة، وتحمّل الأعباء الأولية، بما فيها تغطية الخسائر الممكنة للمشروع، أي أنه سيكون بمثابة ممول ومُؤمن في نفس الوقت، وذلك ما يسمح للشركات الناشئة بالمبادرة والابتكار، بعيدا عن حساب الربح والخسارة".
وأضاف: "بالطبع ستكون هناك دراسة حول نجاعة الشركات وهوامش الخسارة قبل تمويل شركة "STAR-UP"، وسيكون الصندوق تحت وصاية رئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة المؤسسات الناشئة التي ستضع الأولويات فيما يتعلق بالمجالات الأكثر ربحا."

وتابع الوزير المنتدب في حديث مع "العربي الجديد" عقب المؤتمر الوطني حول المؤسسات الناشئة أن "الحكومة اتخذت قرارات أخرى لدعم المؤسسات الناشئة منها الإعفاء من دفع الرسم على النشاط المهني والضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على أرباح الشركات لمدة ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ النشاط، وكذلك ضريبة القيمة المضافة على المعدات، وتحريرها من قيود نسبة رأسمال المال الاستثماري، التي لا تجيز الاستحواذ على أكثر من 49 في المائة من رأسمال مؤسسة واحدة، لتنويع مصادر التمويل."

وفي ظل تدني أداء المؤسسات الاقتصادية الكبرى وتراجع عدد مؤسسات الاستثمار الخارجي باتت الجزائر تراهن على المؤسسات الناشئة والمشاريع الصغرى باعتبارها الأكثر ملاءمة لأوضاع البلاد خاصة لتوفير التنمية ومواطن الشغل في الجهات.
وبدأت طفرة الشركات الناشئة في الجزائر بعد سنة 2010، ولكنّ البيئة الريادية ما زالت تكافح من أجل الازدهار، بسبب غياب التنظيم والإطار القانوني إضافة إلى عدم مرونة الإجراءات المالية.
وباتت العديد من المشاكل تعرقل تطور المؤسسات والشركات المُبتكِرة رغم حاجة الجزائر لها، وفي مقدمتها البيروقراطية والفساد الإداري، بالإضافة إلى عدم فتح الحكومات السابقة لأبواب الحوار مع رواد هذا القطاع من الاقتصاد الذي فرضه التطور التكنولوجي.
ويرى الخبير المالي والمتخصص في الاقتصاد الرقمي، عبد الله بتقة، أنه "يجب المراهنة على مؤسسات ناشئة ذات محتوى اقتصادي واستثماري نظرا لنجاعتها، فالأزمة الاقتصادية تستوجب رؤية حديثة تتفاعل مع الأسواق الصاعدة التي يطغى عليها الاقتصاد الرقمي".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأضاف بتقة الذي يسير شركة في مجال التسويق الإلكتروني أن "الحكومة اليوم مطالبة بفتح قنوات اتصال مع ممثلي الشركات الناشئة لوضع إطار قانوني ينظم عمل هاته الشركات، بالنظر لخصوصياتها، فهي مثلا تعمل مع العديد من القطاعات الوزارية وليس مع التجارة والمالية والصناعة كما هو الحال مع الشركات التقليدية، كما أن الشركات الناشئة تحتاج لحاضنات تكنولوجية كما هو معمول به دوليا، مثل "سيليكون فالي" في أميركا أو "فرانش تك" في فرنسا، تساعدها على التطور داخليا وخارجيا من خلال تبادل الخبرات والتجارب."
وأكد الخبير الجزائري أن "البيروقراطية هي عدو الشركات الناشئة، فمن حيث المبدأ يتطور هذا النوع من الشركات بسرعة، إلا أن الإدارة الجزائرية لا تستطيع مواكبة هذه السرعة، فلا يمكن أن ينتظر شاب من 6 أشهر إلى سنة حتى يتلقى الضوء الأخضر لإطلاق مشروعه، فالفكرة في تطور دائم ومضي الوقت يقتلها قبل ترجمتها على أرض الواقع."
وتسعى الحكومة الجزائرية إلى الخروج من عنق أزمة مالية حادة تعاني منها بسبب تهاوي إيرادات النفط وتداعيات فيروس كورونا. وقال الديوان الوطني للإحصاءات (حكومي) في بيان سابق، إن اقتصاد البلاد انكمش بنسبة 3.9 في المائة في الربع الأول من العام الحالي بعد نمو بنسبة 1.3 في المائة في نفس الفترة من عام 2019، مشيرة إلى أن ذلك ناجم عن إجراءات العزل العام جراء تفشي فيروس كورونا والأداء السيئ لقطاع النفط والغاز الحيوي.

وأضاف الديوان الوطني للإحصاءات، أن قطاع الطاقة انكمش بنسبة 13.4 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020، أي ما يقرب من ضعف الانكماش الذي بلغ 7.1 في المائة قبل عام، وفقا للديوان الوطني للإحصائيات.

وانخفضت عائدات الطاقة بنسبة 26 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام بسبب تراجع الإنتاج والصادرات، وكذلك انخفاض أسعار النفط العالمية جراء تفشي كورونا.

المساهمون