اقتناء منزل في سورية محصور بالمقتدرين: وتيرة متسارعة لارتفاع الأسعار 

15 مايو 2021
زيادة في أسعار مواد البناء (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

أصبح اقتناء منزل بالنسبة للسوريين رفاهية المقتدرين، بعدما تعدى متوسط سعر البيت في دمشق 200 مليون ليرة سورية، في حين لا يزيد متوسط الأجر الشهري عن 60 ألف ليرة. واقع وسّع الأزمة السكنية في البلاد، وسط أرقام صاخبة تدل على قسوة الأزمة المعيشية التي تطاول السكان، خاصة مع تزايد الفقر، وارتفاع معدل البطالة إلى أكثر من 83 في المائة، وتوقف معظم منشآت القطاع الخاص عن العمل.

يقول الخبير العقاري السوري محمد فؤاد إن أسعار العقارات لم ترتفع بين عام 2011 واليوم إذا قيست بالعملات الأجنبية، فسعر المنزل بدمشق كان بين 50 و60 ألف دولار، وهو يباع بالسعر ذاته اليوم. بمعنى أن المشكلة هي تراجع سعر صرف الليرة السورية من 50 مقابل الدولار قبل عشر سنوات، إلى نحو 3000 ليرة اليوم.

ويشير فؤاد إلى أن نظام الأسد يواصل رفع أسعار مواد البناء المحلية، إذ زاد مطلع الشهر الجاري سعر طن الإسمنت إلى 150 ألف ليرة سورية، ما أوصل سعر المتر المكعب من الباطون (الخرسانة) المجبول إلى نحو 120 ألف ليرة سورية، كما رفع سعر طن الحديد إلى 2.3 مليون ليرة، فيما وصل سعر ربطة الأسلاك الكهربائية اليوم إلى 85 ألف ليرة وسعر باب الألمنيوم إلى 400 ألف ليرة.

ولكن، يستدرك المختص السوري: "الأسعار في سورية، وأسعار مواد البناء والعقارات ضمناً، لا تأخذ الدخل بالاعتبار، فمواد البناء ارتفعت أسعارها نحو مائة مرة، إلا أن الطلب لا يزال كبيراً، خاصة في بعض مناطق دمشق وحلب".

أما السبب الثاني لارتفاع أسعار العقارات، فيعود إلى "رفع مستوى الأسعار بسبب إقبال الإيرانيين والعراقيين"، بحسب ما يقوله صاحب المكتب العقاري في دمشق، مصطفى الدالي، حيث إن أسعار المنازل التي يشتريها غير السوريين صعدت بمستويات الأسعار بشكل عام، وهذه الأسعار أعلى من تكاليف البناء والأسعار الرائجة، ولكن معظم المكاتب العقارية وأصحاب المنازل المعروضة للبيع، وضعوها كمقياس لتحديد أسعار المنازل.

ويشير الدالي من منطقة دمر لـ"العربي الجديد" إلى أن أسعار المنازل في مناطق حي الأمين والمحال في الحريقة وعموم أحياء دمشق القديمة، باتت بمليارات الليرات، فهناك "سعي محموم لشراء المنازل والمحال التجارية بأي ثمن، وحينما يمتنع أحد المالكين إنْ وقع الاختيار على بيته أو محله، يتم حرق العقار أو تلفيق تهم أمنية".

ويضيف: "رأينا حرائق في سوق البزورية ودمشق القديمة ومنازل كثيرة بعدما رفض أصحابها بيعها للإيرانيين". وحول الكثافة السكانية في دمشق وتأثير زيادة الوافدين إليها من المدن المهدمة على ارتفاع الأسعار، يلفت صاحب المكتب العقاري، إلى أن معظم سكان دمشق من المدن السورية، لا طاقة لهم على الشراء، إلا أن "هؤلاء ساهموا في رفع أسعار الإيجار الشهري إلى أكثر من 200 ألف ليرة للمنزل".

ويُعتبر بحسب خبراء، قانون الرسوم العقارية، العامل الثالث لارتفاع أسعار العقارات، حيث أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مطلع الشهر الجاري، القانون رقم 15 لعام 2021 القاضي بتنظيم استيفاء ضريبة البيوع العقارية والتي يتم تحديدها بمعدل من القيمة الرائجة للمتر المربع استناداً إلى الوصف المالي للعقار وفق معايير وعوامل لكل من العقارات السكنيّة أو التجاريّة أو الصناعيّة أو الزراعيّة أو السياحية.

ويرى الخبير العقاري عمار يوسف من دمشق، أن أسعار العقارات بالمجمل ارتفعت منذ أكثر من شهر حتى تاريخه بين 30 و40 في المائة، معتبراً هذا الارتفاع غير حقيقي لأنه لا يواكب سعر الصرف حالياً. ويضيف الخبير السوري خلال تصريحات صحافية، أن حركة بيع وشراء العقارات ازدادت بشكل ملحوظ خلال الفترة الحالية ومع القفزات الكبيرة التي حصلت بسعر الصرف أخيراً اتجهت نسبة كبيرة من الناس لشراء العقارات، لافتاً إلى أنه من الملاحظ أن بيع وشراء العقارات يتمّان حالياً بالعملة الصعبة أو بالذهب.

ويلفت إلى أن معظم الناس يلجؤون لشراء العقارات ليس بغرض السكن أو الاستثمار، إنما بغرض تحويل الكتلة النقدية التي يمتلكونها إلى عقار باعتبار أنه أضمن من العملة الصعبة والذهب ويعتبرون أن العقار ملاذ آمن لمدخراتهم. وحدد القانون مقدار الضريبة بمعدل من القيمة الرائجة للوحدة العقارية لتكون واحداً في المائة للعقارات السكنية، واثنين في المائة للأراضي الواقعة داخل المخطط التنظيمي المصدق وواحداً في المائة للأراضي الواقعة خارج المخطط التنظيمي المصدق وثلاثة في المائة عن بيع العقارات غير السكنية وواحداً في المائة للأسطح في العقارات السكنية.

وأما نسبة الضرائب على العقارات، فنصت المادة السابعة من القانون الجديد على تحديدها عند خمسة عشر في المائة من المعدل المنصوص عليه في القانون إذا كانت للأصول والفروع والأزواج.

المساهمون