إنتل في إسرائيل

21 يونيو 2023
إنتل تعرض منتجاتها الحديثة في معرض بكوريا الجنوبية (getty)
+ الخط -

وافقت شركة إنتل الأميركية، إحدى أكبر الشركات المتخصصة في تصنيع معالجات الكمبيوتر والشرائح الإلكترونية وغيرها من المنتجات ذات الصلة، من حيث المبدأ، على بناء مصنع جديد في إسرائيل، في أحدث خطوة من قبل شركة أشباه الموصلات الأميركية العملاقة لتنويع مصادر إنتاجها.

وأعلنت وزارة المالية الإسرائيلية، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عن توجه قريب لتوقيع الصفقة قبل يومين. وأكدت شركة إنتل عزمها على توسيع قدرة التصنيع في البلاد، لكنها لم تحدد شروط الصفقة أو تفصح عن تفاصيل أخرى.

وستكون المنشأة الإسرائيلية الجديدة مخصصة لتصنيع الرقائق، وهو الجزء الذي يصنع بالفعل في إسرائيل، التي تعد واحدة من أربعة مزودين رئيسيين للشركة الأم، وتصنع العديد من أنواع الرقائق والشرائح الإلكترونية.

وتشتهر إنتل بتصنيع معالجات الكمبيوتر، وهي عبارة عن رقائق إلكترونية تعمل كوحدة المعالجة المركزية (CPU) في الحواسب الآلية.

وتصنع إنتل شرائح الرسومات المدمجة، التي تستخدم في أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المحمولة وأجهزة الألعاب، وهي من الأكثر ربحية بين هذه النوعية من المنتجات.

وتصنع أيضًا شرائح الذاكرة "الفلاش" التي تستخدم في الأجهزة الإلكترونية المحمولة، مثل الهواتف الذكية وأجهزة التخزين القابلة للإزالة، ما يجعلها واحدة من أهم اللاعبين في السوق الأكثر تنافسية وربحية وأهمية استراتيجية في العالم.

وقدر نتنياهو قيمة الصفقة بـ 25 مليار دولار، وقال إنها أكبر استثمار أجنبي في إسرائيل، "وتعد تعبيرا عن الثقة" في اقتصاد الدولة، رغم أن أحد العالمين ببواطن الأمور قال إن هذا المبلغ يشمل استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار، سبق الإعلان عنها في عام 2021.

ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، سيضيف المشروع آلاف الوظائف إلى ما يقرب من 12 ألف عامل توظفهم شركة إنتل حاليًا في البلاد. وقالت الحكومة الإسرائيلية إن المصنع الجديد سينضم إلى مصنع قائم في كريات جات، جنوب تل أبيب، ومن المقرر أن يبدأ عملياته بحلول عام 2027، على أن يبقى في الخدمة حتى عام 2035، على أقل تقدير.

وكجزء من الاتفاق، ستدفع إنتل ضرائب بنسبة 7.5% في إسرائيل بدلاً من 5% التي تدفعها الآن.

وتحصل هذه النوعية من الشركات على إعانات، تكون مقدمة عادة من الحكومات الأجنبية الحريصة على التأكد من ضمان وصول إمدادات الرقائق إلى أراضيها بصورة آمنة، وأيضاً بهدف دفع الشركات لخلق المزيد من الوظائف، ما يمنحها سيولة مالية كبيرة.

وكجزء من الاتفاقية مع إسرائيل، من المرجح أن تكون إنتل مؤهلة للحصول على منحة حكومية كبيرة تمثل 12.8% من إجمالي استثماراتها.

وتعمل إنتل في إسرائيل منذ عام 1974، أي بعد عام واحد فقط من هزيمة عسكرية مذلة، كان الكيان المحتل فيها في أقرب حالته من الاختفاء من على خريطة العالم.

ولدى الشركة حالياً مراكز للبحث والتطوير في حيفا والقدس وياكوم وبيتاح تكفا، بالإضافة إلى مصنع قائم في كريات جات، والذي تسميه الشركة "منشأة التصنيع الأكثر تقدمًا".

يساهم مصنع إنتل في إسرائيل في نقل التكنولوجيا والمعرفة الحديثة إلى البلاد، حيث يتم توفير برامج التدريب والتعليم المستمر للموظفين المحليين، مما يعزز قدراتهم ومهاراتهم التكنولوجية. ويُعْتَبَرُ المصنع مركزًا للابتكار والبحث والتطوير، ويسهم في تعزيز القدرات التكنولوجية والعلمية في البلاد.

يتم تطوير تقنيات جديدة وحلول مبتكرة في المصنع بصورة يومية، وهو ما عزز ويعزز قدرة البلاد على الاستفادة من التطورات التكنولوجية، ويزيد من تنافسيتها في السوق العالمية. وتقول إنتل إن الأبحاث والتقنيات التي يتم تطويرها في المصنع تساهم في تقديم تحسينات مستمرة لمنتجاتها.

يحسّن وجود مصنع إنتل في إسرائيل من سمعة البلاد كمركز تقني رائد، ووجهة للاستثمار في قطاع التكنولوجيا.

ويزيد وجود شركة مثل إنتل من الثقة في الاقتصاد وبيئة الأعمال في إسرائيل، رغم الاضطرابات الدائمة في البلاد، كونها دولة احتلال لأرض شعب يرفض الاستسلام لفكرة ضياع وطنه، ورغم الصدامات التي تحدث بين الحين والآخر مع أصحاب الأرض.

يساهم مصنع إنتل في دعم وتنمية المجتمع المحلي، من خلال برامج المسؤولية الاجتماعية والمشاريع الاجتماعية.

وتتضمن هذه البرامج مبادرات لدعم التعليم والبحث والتطوير التكنولوجي في المدارس والجامعات والمؤسسات الأخرى، وأيضاً لتعزيز المشاركة المجتمعية وتوفير فرص تعليمية ومهنية للشباب والشابات في المجتمع المحلي.

هذا النوع من الاستثمارات هو ما يطلق عليه عن حق "الاستثمارات الأجنبية المباشرة"، حين يكون أحد قراراته ضخ استثمارات جديدة بمبلغ 25 مليار دولار، سواء كانت في عام واحد، كما أوضح نتنياهو، أو على مدار ثلاث سنوات، كما أشار البعض.

أما استثمارات "طال عمره"، التي تشهد فقدان العملة المحلية في البلد المُستَقبِل ما يقرب من نصف قيمتها، وتشترط سياسات اقتصادية محددة، قبل الدخول للاستحواذ على نسب من شركات قائمة بالفعل، تحقق أعلى ربحية وتدرّ على البلاد أكبر قدر من العملات الأجنبية مقابل صادراتها.

بل وتتدلل انتظاراً لمزيد من التراجع في قيمة العملة المحلية، أو التخفيض قي قيمة الصفقة، فلا يمكن أن تكون إلا نوعاً من الاستغلال لبلد أفلس من العملة الأجنبية ومن الأفكار والعقول عند القائمين على الأمر، ممن تسببوا في وصولنا إلى هذه النقطة.

لم يقل نتنياهو، أو أي من سابقيه، إنه "طبيب الفلاسفة"، أو "فهمناها سليمان"، ولم يفتخروا بكون أي منهم "آي بوزوبول"، وإنما كانت الوصفة لديهم أبسط كثيراً: بيئة تشريعية سليمة تضمن الحقوق، ومحاسبة للكبير والصغير تمنع الفساد، وجهود حكومية حقيقية للقضاء على الروتين، لكن قبل كل ذلك، حياة ديمقراطية سليمة!

جاء نتنياهو بانتخابات ديمقراطية، ورحل بانتخابات ديمقراطية، وحوكم بتهم فساد، وروجعت سجلاته البنكية والضريبية هو وزوجته، قبل أن يعود مرة أخرى، وبانتخابات ديمقراطية أيضاً.

ورغم "نتنياهيته"، التزم رئيس وزراء الاحتلال بالمثول للمحاكمة والإجابة على كل الأسئلة التي وجهت إليه، ولم يفكر في مرة أن يقول لهم إن "الله وحده هو من سيحاسبه". وعجبي!

المساهمون