استمع إلى الملخص
- تواجه بريطانيا تحديات كبيرة في قطاع السكن، بما في ذلك ارتفاع الإيجارات ونقص المساكن اللائقة، مما يدفع منظمات مثل "جينيرايشن رينت" للمطالبة بحماية أكبر للمستأجرين.
- الأحزاب السياسية تقدم وعوداً بإصلاحات سكنية، بما في ذلك إنهاء الإخلاء دون سبب وتحسين الحماية للمساكن الاجتماعية، لكن يظل التساؤل قائماً حول جدية تنفيذ هذه الوعود.
مع اقتراب الانتخابات النيابية، تبقى أزمة السكن محور اهتمام الناخبين والسياسيين على حد سواء. تعهدات الأحزاب تتنوع، لكن التجارب السابقة تدفع المستأجرين إلى التشكيك في قدرة السياسيين على تنفيذ وعودهم وتواجه الأحزاب السياسية ضغوطاً متزايدة لتقديم حلول جذرية لأزمة السكن. فحزب المحافظين، مثلاً، أدرج في بيانه الانتخابي إجراءات لمساعدة المشردين الذين ينامون في العراء في ظروف قاسية، وتعهّد بإنهاء عمليات الإخلاء دون خطأ، بالإضافة إلى وعود بدعم ملكية المنازل من خلال "برنامج المساعدة على الشراء".
ومع ذلك، تفاقمت أزمة السكن في أثناء وجود الحزب في السلطة، حيث شهدت حقبة حزب المحافظين مستويات قياسية من التشرد وارتفاع أسعار الإيجارات الخاصة والمنازل خلال 14 عاماً من توليه السلطة. رغم هذه النتائج، يضاعف الحزب في بيانه لعام 2024 من تقديم التزامات جديدة رغم فشله في معالجة أزمة الإسكان.
في المقابل، بحسب الصحف البريطانية، كتبت 27 منظمة من ائتلاف إصلاح المستأجرين، رسالة إلى ريشي سوناك وكير ستارمر وغيرهما من القادة السياسيين، تحثّهم على التحرّك لحماية المستأجرين من الوقوع في الفقر والتشرد في رسالة مفتوحة جديدة. وذلك في خطوة تأتي بعد فشل مشروع قانون إصلاح المستأجرين في تحويله إلى قانون قبل إعلان سوناك إجراء الانتخابات العامة في 4 يوليو/ تموز، ما يعني أن وعد المحافظين في بيانه لعام 2019 بإلغاء عمليات الإخلاء من دون خطأ، الذي يسمح بطرد المستأجرين من منازلهم من دون إبداء المالك للأسباب، لا يزال قيد النظر.
وقال التحالف إن هناك حاجة أيضاً إلى مزيد من التمويل للحد من أزمة السكن عبر لجم إساءة استخدام أصحاب العقارات للقوانين الحالية والجديدة، والقضاء على عمليات الإخلاء غير القانوني، إلى جانب زيادة التمويل القانوني لمساعدة المستأجرين على مكافحة عمليات الإخلاء.
في السياق، وبحسب ما أوردت مجلّة "ذا بيغ إيشو" (The Big Issue)، يقول بن تومي، الرئيس التنفيذي لمنظمة "جينيرايشن رينت"، إحدى المنظمات المشاركة في التحالف، إن السياسيين يركزون في معظم الأحيان على ملكية المنازل فقط، بينما هناك 12 مليون مستأجر في إنكلترا يعانون من أزمة السكن المستفحلة. ودعا إلى توفير الحماية المناسبة من عمليات الإخلاء عندما لا يرتكب المستأجر أي خطأ، ووضع المزيد من القيود على الإيجارات الباهظة، حتى لا يجد المستأجرون أنفسهم في الشارع عندما يقرر المالك طردهم. وناشد الحكومة القادمة التحرك بسرعة وحسم لإصلاح نظام الإيجار المعطل قبل أن يواجه العديد من المستأجرين التشرد والفقر والاستغلال.
وفي محاولة لكسب أصوات الناخبين من خلال الزعم بمعالجة أزمة السكة في بريطانيا، أدرج كل من الديمقراطيين الليبراليين والمحافظين خططاً لإنهاء عمليات الإخلاء دون خطأ في بياناتهم الانتخابية، ومن المتوقع أن يحذو حزب العمال حذوهم. وتشير التقارير إلى تدهور القطاع الخاص للمستأجرين في إنكلترا، حيث إن 21% من المساكن المستأجرة في القطاع الخاص لا تستوفي معايير المنازل اللائقة. وفي الوقت نفسه، تظهر أحدث البيانات أن الإيجارات ارتفعت 9% سنوياً، وهي أعلى زيادة على الإطلاق.
وتتحمل مجموعات كبيرة من الأسر ذات الدخل المنخفض إيجارات لا تستطيع تحملها في إطار أزمة السكن الحالية، ما أدى إلى تزايد عدد الأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى، بالإضافة إلى الضغوط المالية المتزايدة على السلطات المحلية.
أما عمدة مدينة مانشستر الكبرى، آندي بورنهام، فتعهّد ببناء 10 آلاف منزل بلدية، في حال إعادة انتخابه، ودعا إلى حماية مساكن المجالس البلدية الجديدة من خلال تعليق برنامج "الحق في الشراء"، (الذي يسمح لسكان هذه المنازل بشرائها من البلدية بعد فترة زمنية وبسعر مخفّض). وهذا لأن حق الشراء شهد انتقال منازل البلديات إلى أيدي القطاع الخاص الذي اشترى أكثر من مليوني منزل من خلال حق الشراء، منذ أن قدمت رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر المخطط عام 1980. وقد فشلت الحكومات المتعاقبة منذ عقود في حل أزمة السكن لعجزها عن توفير حاجة البلاد إلى نحو 90 ألف إسكان اجتماعي (سكن توفره المجالس البلدية،)، في حين نشهد أعداداً قياسية في إنكلترا لأشخاص يعيشون في مساكن مؤقتة وأكثر من 1.2 مليون على قوائم انتظار الإسكان الاجتماعي.
ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، قال وزير الإسكان في حكومة الظل من حزب العمال، ماثيو بينيكوك، إن الحزب سيخفض الخصومات "المبالغ فيها" التي قُدِّمَت في عام 2012، من خلال برنامج "الحق في الشراء"، وسيعزز الحماية للمساكن الاجتماعية المستأجرة المبنية حديثاً في حال فوزه في الانتخابات.
وتبرز محاولات سوناك للحفاظ على منصبه من خلال ادعائه أن حكومة حزب العمال ستفرض ضريبة إضافية قيمتها 2000 جنيه إسترليني، ليعلن في المقابل خطته بتخفيضات ضريبية مع وعد المحافظين بخفض بنسَين من مدفوعات التأمين الوطني للموظفين، بالإضافة إلى الوعد الذي طال انتظاره بإعادة تقديم الخدمة الوطنية لمن هم في سنّ 18 عاماً.
ويبقى الالتزام بوعود حزب المحافظين محط تساؤل بعد فشله في تحويل مشروع قانون إصلاح المستأجرين الذي تعهد به منذ عام 2019 إلى قانون. لم يُحدَّد إطار زمني على الإطلاق لإلغاء عمليات الإخلاء بدون خطأ، حيث جادل المحافظون بأن إصلاحات المحكمة يجب أن تكتمل أولاً قبل فرض الحظر. مع ذلك، يكرر بيان المحافظين لعام 2024 الوعد الذي أطلقه عام 2019، حيث تعهد المحافظون "بتمرير مشروع قانون إصلاح المستأجرين الذي سيحقق العدالة في سوق الإيجار لأصحاب العقارات والمستأجرين على حد سواء". وأضاف المحافظون أن ذلك يعني أولاً إجراء إصلاحات قضائية وتعزيز الأسباب الأخرى لأصحاب العقارات لطرد المستأجرين من القطاع الخاص المذنبين بارتكاب سلوك معادٍ للمجتمع. ووعد بيان المحافظين أيضاً بتقديم إعفاء ضريبي مؤقت لمدة عامين على أرباح رأس المال لأصحاب العقارات الذين يبيعون للمستأجرين الحاليين، ما يعني أن الملاك الذين يبيعون عقاراتهم للمستأجرين لن يضطروا إلى دفع ضريبة أرباح رأس المال.
ورغم وعد المحافظين بالتخلص من النوم في العراء بحلول هذا العام، تظهر التقارير أن 3898 شخصاً كانوا بلا مأوى في ليلة واحدة في خريف عام 2023، وهو أكثر من ضعف العدد عندما تولى المحافظون السلطة في عام 2010. وفي نهاية المطاف، تبقى أصوات الملايين من المستأجرين معلقة على أمل إيجاد حلول، تعيد لهم الشعور بالأمان والاستقرار في منازلهم. ويتطلع البريطانيون إلى سياسات أكثر فعالية تلبي احتياجاتهم السكنية وتنهي معاناتهم الطويلة مع نظام الإيجار المعطل.