استمع إلى الملخص
- إعادة تشغيل المصافي يشكل اختبارًا للسلطة الجديدة، مع تقارير عن استعداد السعودية لتأمين النفط، وتركيا والأردن لدعم سوريا بالكهرباء، مما قد يساهم في استقرار المحروقات وتقليل الفساد والهدر.
- تشغيل المصافي قد يخفض قيمة الدولار والتكاليف العامة، محسنًا الأوضاع الاقتصادية، لكن تحدي استيراد النفط يبقى قائماً، ويتطلب تبادل النفط لتحقيق نتائج إيجابية ملموسة.
يأمل السوريون عودة تشغيل المصافي النفطية في سورية من أجل حل مشاكل الوقود والتدفئة والنقل وخاصة مع دخول فصل الشتاء القارس.
وكانت أكبر مصفاة نفط في سورية (بانياس) أوقفت عملياتها، عقب سقوط نظام بشار الأسد، بعد توقفها عن استقبال الخام من إيران الذي كان يشكل في السابق الغالبية العظمى من مدخلات البلاد، وفقًا لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية. وقال مدير مصفاة بانياس النفطية، إبراهيم مسلم، في تصريحات سابقة، إنها أنتجت آخر دفعة من البنزين يوم الجمعة الذي جاء بعد سقوط النظام السابق.
وتهاوى إنتاج سورية من النفط الخام خلال فترات الصراع، إذ هبط بصورة حادة إلى ما بين 30 و40 ألف برميل يوميًا العام الماضي، من نحو 350 ألف برميل يوميًا في عام 2011. وتعاني حقول النفط السورية من تراجع حاد في الإنتاج، بتأثير العقوبات الدولية التي استهدفت القطاع بصفة مباشرة، والصراعات المسلحة والاضطرابات الأمنية التي دمرت البنية التحتية لأهم الحقول النفطية.
وحول الأنباء التي ترددت حول عودة مصفاتي حمص ومصفاة وبانياس، أكد مدير التشغيل والصيانة في الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية محروقات "سادكوب" عيسى عيسى، لـ"العربي الجديد" أن ليست لديه أي بيانات بخصوص جميع المصافي ووضعها، لكنه أوضح أن مصفاة بانياس لم تعد للخدمة بعد، وفي انتظار التشغيل.
وأشار إلى أن مصفاة حمص تأتيها كميات ضعيفة من الحقول التي هي بحاجة إلى تهيئة وتشغيل ومتابعة، مضيفاً: "في حال افترضنا عودة المصافي للعمل فهذا يحتاج إلى وقت كاف ليعود التشغيل بالإيجابية على سوق الطاقة وتوفير مشتقات الوقود في البلاد، لكنه سينعكس بشكل إيجابي كبير من حيث توفر المادة ودعم المواطن وحل مشكلات التدفئة والنقل وغلاء المواصلات أي أن جميع القطاعات ستنتعش على جميع الصعد".
اختبار للسلطة الجديدة
من جانبه، اعتبر الأكاديمي الاقتصادي فادي عياش أن إعادة تشغيل المصافي تشكل اختباراً حقيقياً للسلطة الجديدة وفي حالة نجاحها في إعادتها للعمل فإنه سيكون دلالة على نجاحها في تأمين الخام اللازم للتشغيل وإنتاج المشتقات النفطية، وهذا سيكون إنجازاً بحد ذاته في الظروف الراهنة، ولا سيما بعد توقف المصادر الخارجية السابقة، مشيرا إلى تداول أخبار إعلامية عن استعداد المملكة العربية السعودية لتأمين النفط وكذلك استعداد تركيا والأردن لدعم سورية بالكهرباء.
وشدد على "ضرورة الاستثمار الأمثل للموارد المحلية المتاحة باتفاقات جديدة مع "قسد"، إضافة إلى إدارة توزيع المشتقات وفق أولويات محددة بهدف تأمين واستقرار المحروقات في السوق وكذلك تأمين العملية الإنتاجية والخدمات الأساسية... وهذه من أهم عوامل الاستقرار".
ورأى عياش أن "هذا كفيل بضبط الفساد وتقليل الهدر وتوقف الاستنزاف للموارد المتاحة من خلال البيع بالسعر العالمي حسب سعر الصرف. وبالتالي انتفاء حجة الدعم ومتاهاته ومافياته، فالجديد هو توفير المشتقات النفطية وبسعر موحد، مما يلغي المتاجرة فيها، ويوقف السوق السوداء. وبالتالي العقلنة في الاستهلاك بعيداً عن مفهوم الحق المكتسب الذي كان سائداً للمتاجرة فيه".
يضيف أن "تأمين المحروقات واستقرارها وتوحيد أسعارها تؤدي إلى استقرار التكاليف رغم ارتفاعها نسبياً، ويلغي ذريعتها في الاستغلال ومضاعفة الأسعار. وهذا بدوره يساعد في ضبط جموح التضخم وتعزيز القدرة الشرائية".
ويؤكد عياش أن "العديد من الوعود بزيادة الرواتب والأجور وبنسبة متدرجة تصل حتى 400% تساعد المجتمع على تقبل الوضع الراهن... فاليوم أصبح لدينا أمل بغد أفضل إن شاء الله في حال تحقيق هذه الوعود".
ارتفاع محتمل للأجور
الخبير في الشؤون الاقتصادية جورج خزام أكد أنه في حال تشغيل المصافي، من المتوقع انخفاض قيمة الدولار بشرط استثمار الأموال العائدة من المصافي بطريقة حكيمة.
وأكد الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد" "عدم وجود نقص بعدد محطات توليد الكهرباء لكن ما ينقصنا هو الوقود اللازم لتشغيلها فقط وفي حال عادت للعمل أصبح لدينا الكثير من العمل، فأول نتيجة ستحدث هي خفض التكاليف بشكل عام الأمر الذي يؤدي إلى خفض الأسعار لمختلف السلع بوقت واحد فموضوع المحروقات مرتبط بالصناعة والزراعة والتجارة في حال عادت الحقول للتشغيل وأصبح لدينا نفط فهذا أمر كافي لإدخال مليارات الدولارات إلى الخزينة والاستفادة من الدولار الذي كان يتم صرفه على استيراد النفط بعودته على الشعب وتحسين حياتهم المعيشية والاقتصادية.
دعم حكومي
الخبير في شؤون الطاقة إلياس سليمان تمنى عودة المصافي للتشغيل قائلاً: "يكفي ما عاناه الشعب المنهك بشكل عام، وهذا من شأنه أن يخفض جميع الأسعار، لكن ذلك مرتبط بدعم الحكومة فيجب أن تكون داعما للمواطن في هذه المرحلة ولا تلعب لعبة التاجر".
ورأى سليمان أنه في حال عادت مصافي النفط للتشغيل من المتوقع أن تخف التكاليف، لكن يبقى موضوع استيراد النفط قائماً فالمشتقات النفطية المستخرجة من النفط السوري ثقيلة لا تنتج مواد مفيدة لوسائل النقل وهي عبارة عن مازوت ثقيل وزيوت، لذا كان يتم تصدير النفط السوري واستيراد ما يصلح لنقل الآليات من بنزين محسن.
وأضاف: "لكن في مرحلة من المراحل من الممكن الاستفادة بأن يحدث تبادل في النفط، مشيراً إلى أن أغلب السيارات الداخلة من إدلب تعطلت عند دخولها للشام بسبب تزويدها بالديزل الموجود في المحطات، لأن أكثر السيارات حديثة وتحتاج إلى نوعية عالية الجودة وخفيفة كالبنزين، لذا لا يمكن أن نرى أي عائد إيجابي على المدى القريب لمدة أربعة أشهر إلى أن يحدث تبادل للنفط السوري".