خالد مشبال.. شراع توقّف في طنجة

21 اغسطس 2017
(مشبال في شبابه بإذاعة طنجة)
+ الخط -

غالباً ما اعتبرت الثقافة في الإعلام مجموعة من المواد النخبوية التي يصعب أن تمرّ إلى شريحة موسّعة من الجماهير، غير أن بعض التجارب عرفت كيف تجمع بين الثقافة والجماهيرية من خلال حلول مبتكرة كثيرة. كان الإعلامي خالد مشبال أحد هؤلاء، وهو الذي رحل عن 83 عاماً يوم الجمعة الماضي في الرباط.

في نعي مشبال، يصف بيان "اتحاد كتاب المغرب" الراحل بـ"أحد رواد الإعلام الوطني بعد الاستقلال" ، ويشير إلى كونه عُرف "بإسهاماته الصحفية العديدة والكبيرة، وتحديداً في الفترة التي اشتغل فيها في "إذاعة طنجة" وتولى إدارتها باقتدار وجرأة وشجاعة، كما عُرف الفقيد بمبادراته الإعلامية المتميزة، وعلى رأسها تأسيسه لمشروع "سلسلة شراع"، التي عملت على نشر مئات الكتب حول عديد القضايا والأسئلة الثقافية والإعلامية والأدبية والفكرية، دعماً منها لحركة الكتابة والنشر والقراءة".

تجربة "شراع" انتبهت مبكراً إلى إشكالات القراءة وانحسارها في المغرب، من هنا كان انخراط الراحل في مشروع وطني كبير بمساهمته الفاعلة في إخراج تجربة "كتاب الجيب"، الذي كان يطبع أمهات الكتب والإصدارات ويجعلها في متناول القارئ المغربي (مبلغ 10 دراهم/ ما يقارب دولاراً واحداً).

هكذا كان مشبال دائماً نقطةً تقاطع فيها الإعلامي بالثقافي والفني والسياسي، لكن أهم القضايا التي شغلته كان تأسيس إعلام جديد. وفي سنواته الأخيرة، ساهم في تأسيس "المنظمة المغربية للإعلام الجديد" (2014) مع مجموعة من زملائه الإعلاميين، وقد كان هذا النزوع إلى "إعلام جديد" جزءاً أساسياً في مسيرته.

ومن خلال مشواره الإعلامي الطويل، سواء في الإذاعة أو التلفزيون أو الصحافة المكتوبة والمسموعة، كان الراحل أيضاً مرتبطاً بطموح آخر هو الإعلام "القريب" من المواطن، ضمن التفكير في دمقرطة الحقل الإعلامي وجعله صورة وصدى مباشراً لحراك المجتمع.

الراحل من مواليد مدينة تطوان وهو خرّيج "المسيد" و"المعهد الحر" الذي أسسته الحركة الوطنية بداية القرن الماضي، كشكل من عصرنة التعليم التقليدي، ساهم في تأسيس أول نقابة إعلامية في المغرب، سنة 1959، بتشجيع من عالم الجغرافيا السياسية المهدي المنجرة، مدير عام الإذاعة المركزية حينها، إلى جانب ثلة من الإعلاميين (العربي المساري، محمد الخضر الريسوني، ابراهيم الوزاني، محمد الكواكبي، محمد حسن الجندي (الفنان)..) وكان الدافع حينها الدفع في اتجاه إصدار القانون الأساسي للإذاعة ودعم مشروع المهدي المنجرة لاستقلاليتها.

ساهم مشبال في قيادة مرحلة مهمة في مسار الإعلامي الإذاعي، داخل دواليب إذاعة طنجة (1984-1995)، في محاولة لترسيخ مسار الاستقلالية للإعلام الحر، إلى أن "أُجبر" على التقاعد. وكان أبرز ما فعله هو أن استطاعت الإذاعة أن تتحوّل إلى نقطة جذب للمثقفين، ولكن للهامشيين أيضاً، وكل ألوان الطيف المجتمعي.

المساهمون