نهاد الموسى.. رحيل نحوي وصّف اللغة والثقافة

02 يوليو 2022
نهاد الموسى (1942 - 2020)
+ الخط -

عند الحديث عن الاشتغالات الأكاديمية المُعاصرة في النحو العربي اليوم، تطالعُنا علامة فارقة اجتمعَ فيها البُعدُ التربوي بالهمّ التجديدي في حقل وُصف بأنّه الأصلب تراثياً.

هذه الجدلية ما بين التربية والتجديد هي ما جسّده الباحث الفلسطيني نهاد الموسى، الذي يُشكّل رحيله مساء أمس الجمعة، في العاصمة الأردنية عمّان، فقداً حقيقياً لا في أوساط المُشتغلين على خدمة اللغة العربية بشكلٍ مُباشرٍ وحسب، بل عند المنتمين إليها بوصفها الفضاء الثقافي الأوسع الذي ينتمي إليه العرب.

وُلِد الراحل في بلدة العباسيّة بالقرب من مدينة يافا الفلسطينية عام 1942، وما إن أنهى دراستَه الثانوية في "الكلّية الإبراهيمية" بالقدس عام 1958 حتّى التحق بـ"جامعة دمشق" التي تخرّجَ فيها من قسم اللغة العربية عام 1963، ولم يكن هذا الطموح المتّقد ليرتوي إلّا بإكمال سعيه بين عواصم لطالما اعتُبرَت أكاديمياتها مرجعيّة في تدريس العربية، حيث توجّه إلى القاهرة ليتابع مرحلة الدراسات العُليا: الماجستير (1966) ثمّ الدكتوراه (1969). وبهذا اكتملت في شخصِه شروط الرفعة العلمية التي ظلّت ملازمةً إيّاه.

لم يكن صاحب "العربية.. نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية" (2000) ينحو منحى التقعّر اللغوي ليمكّنَ لآرائه، بل كان من الداعين دوماً إلى التيسير، وبهذا تشهد له مسيرتُه الأكاديمية في أروقة "الجامعة الأردنية" التي امتدّت قرابة خمسة واربعين عاماً.

وما بين "الجامعة الأردنية" و"مجمع اللغة العربية الأردني" وغيرهما الكثير من الجامعات والمؤسّسات المعنيّة باللغة في العالم العربي، ظلّ أستاذ اللسانيات يُفصحُ عن قلمِ الأديب المتمكّن، حتّى وهو يؤلّف أو يقوم بمهمّة العالِم الباحث.

وبعد هذه المسيرة الحافلة، جاءت مشاركته في "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية" بوصفه عضواً مؤسّساً في مجلسه العلمي، تتويجاً لرؤيته وإيمانه بحيوية هذه الأمّة، ولتبيّن حجم الجهود المبذولة في سبيل أن يضمّ "معجم الدوحة" خيرة علماء العربية.

وهذا ما أكّده بيان النعي الصادر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، والذي جاءَ فيه "سيبقى إسهام الدكتور نهاد في التأسيس لمنهج 'معجم الدوحة التاريخيّ' موضع تقدير وإجلال من زملائه في المجلس، ولا سيّما مشاركاته المتميّزة في جلسات العصف الذهنيّ التي أفضت - على مدى عامين كاملين - إلى إرساء الأسس الأكاديميّة الصلبة التي قام عليها المعجم".

وتوزّعت أعمال الراحل بين عدّة حقول، إنّما تحت مظلّة واسعة هي النحو العربي الذي حرصَ على تقديم مقاربات مختلفة له، ففي التأريخ كتب "في تاريخ العربية.. أبحاث في الصورة التاريخية للنحو العربي" (1976)، وفي الجانب النظري قدّم "نظرية في النحو العربي" (1980)، وفي الأصول جاءَ كتابه "علم الصرف" (1996).

وكذلك عملَ على مواضيع لها علاقة بالتطوّر التقني واللسانيات الحاسوبية وأثرها على العربية، بالإضافة إلى معلمَته الفكرية "العربية في مرآة الآخر" (2005)، و"العربية: قيم الثبوت وقيم التحوّل" (2007).

آداب وفنون
التحديثات الحية

 

المساهمون