يختار نذير الطنبولي في كل معرض جديد قصة تجمع كائناته البشرية والحيوانية التي تتآلف في عالم يخصّها وحدها، يسيّرها الرقص والمرح والفكاهة، وتتفاعل على طريقتها في عالم طفولي أو خرافي ابتدعته لتحيا فيه ولا تريد الخروج منه.
يرسم الفنان المصري شخصياته في حالة طيران وتحليق أو تحوّل في هيئتها وشكلها، حيث القطط قد تتصرف كبشر، والأحصنة بألوان زرقاء، والفارس بأجنحة، والبشر كلهم خفيفون، حتى إن نسمة هواء يمكنها أن تطير بهم، وكأنها في اجتماعها هذا تخالف العزلة التي فرضتها جائحة كورونا.
عند السادسة من مساء بعد غدٍ الثلاثاء، يفتتح معرض جديد للطنبولي في "غاليري بيكاسو" بالقاهرة، ويتواصل حتى الحادي والعشرين من الشهر الجاري، وهو يضمّ مجموعة من اللوحات نفّذ معظمها خلال العام الماضي، وتشكّل امتداداً لتجاربه السابقة.
تحمل إحدى اللوحات عنوان "رقص"، وهي تقارب الموضوع نفسه الذي تناوله معرضه "مساحات راقصة" الذي أُقيم عام 2018، وفيه استعاد عشرات من أفلام الأبيض والأسود التي احتوت على مشاهد لراقصين من ثقافات مختلفة، ومنها ما قدّمته الأفلام الاستعراضية المصرية حتى سبعينيات القرن الماضي، في تتبّع لتلك اللغة الخفية التي تعبّر عن الجسد في حركته وتماهيه مع الإيقاعات الموسيقية.
يظهر في هذه اللوحة عدّة راقصين بوجوه لا تتّضح ملامحها، وهي تنظر إلى الأعلى، وتبدو فاقدة لاتصالها المادي بالأرض، وتتمايل في عالم آخر تطير فيه أسراب من الحمام وسط حقل من الزهور في ليلة مقمرة.
وفي لوحة "أرض الخير"، يسير أناس يحملون أسماكاً فوق ظهورهم أو سلالاً فيها فواكه بملامح إنسانية، وإلى جوارهم أسماك وحيوانات وبشر يطيرون، وكأنهم في موكب احتفالي ينتمي إلى عصور ماضية، رغم أن الأبراج السكنية تظهر في خلفية اللوحة، وتصوّر لوحة أُخرى فارسين يعزفان الناي فوق حصان، وحولهما كائنات طائرة.
درس الفنان التشكيلي المصري (1971) الفن والتصميم في جامعة الإسكندرية بين عامي 1989 و1994، قبل أن ينتقل إلى المملكة المتحدة عام 2002 حيث يعيش فيها منذ ذلك الحين. في 2010 حصل على درجة الماجستير في الفنون من "كلية كامبرويل للفنون" في جامعة لندن، حيث درس فن الطباعة، وشارك في العديد من المعارض في بريطانيا وروسيا والنمسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة.