في الخامس عشر من كانون الثاني/ يناير الماضي، مرّت سنةٌ على افتتاح "متحف الإعلام العراقي" في بغداد، والذي يُعنى بتاريخ الصحافة العراقية، من خلال عرض مقتنيات وأدوات وأجهزة كانت تُستخدم في البث الإذاعي والتلفزيوني، إضافةً إلى صور فوتوغرافية ومواد أرشيفية لصحف ومجلّات عراقية.
ويُعدّ المتحفُ الأوّلَ من نوعه في البلاد، الذي يعرض مقتنيات للإذاعة العراقية منذ تأسيسها عام 1936، وهي ثاني إذاعة عربية بعد "إذاعة القاهرة" التي تأسّست عام 1934، ومقتنيات التلفزيون العراقي الذي انطلق عام 1954، كأوّل تلفزيون في البلاد العربية والمنطقة.
كان مبنى المتحف، عند افتتاحه عام 1972، معهداً للتدريب الإعلامي، تخرّجت منه غالبيّة مقدّمي البرامج الإذاعية والتلفزيونية في العراق. لكنّه أُهمل لاحقاً، وظلّ مغلقاً حتى 2019؛ حين أُدرج ضمن مبادرة "ألَق بغداد" التي سعت إلى إعادة تأهيل الفضاءات المُهملة في العاصمة وبثّ الحياة فيها. وقد شارك في المبادرة 27 بنكاً خاصّاً، إضافة إلى "البنك المركزي".
كان مبنى المتحف معهداً للتدريب الإعلامي عند افتتاحه عام 1972
استمرّ جمع المقتنيات قرابة سنتَين، تواصلَت إدارةُ المتحف، خلالهما، مع مؤسَّسات وشخصيات إعلامية وأدبية وفنّية وهواة جمع "الأنتيكات" وموظَّفين سابقين في الإذاعة والتلفزيون؛ إذ كانت المقتنياتُ، التي تعود إلى فترات مختلفة، مشتَّتة ولم تُجمع في مكان واحد، وكثيرٌ منها اختفى أو سُرق أو جرى بيعه.
يتكوّن المتحف من طابقَين، ويضمّ ثلاث قاعات خُصّصت الأُولى لأجهزة استُخدمت في الإذاعة والتلفزيون، مثل أوّل كاميرا، وأقدم أجهزة لتسجيل وعرض الصوت والصورة، وأجهزة مونتاج، وأجهزة إنتاج إذاعي، وأشرطة إذاعية وغنائية، وملابس لشخصيات فنّية؛ وهي معروضةٌ بحسب تاريخ صنعها واستعمالها.
أمّا القاعة الثانية، فتُعنى بتاريخ الصحافة المكتوبة؛ إذ تضمّ أرشيف مجموعة من الصحف والمجلّات الثقافية والفنّية. في حين خُصّصت الثالثة لبرنامج "الرياضة في أسبوع"؛ البرنامج الرياضي الأشهر في تاريخ التلفزيون العراقي، والذي كان يقدِّمه الإعلامي مؤيّد البدري (1934 - 2022)؛ حيث تُمثّل القاعةُ محاكاة لاستوديو البرنامج، وتحتوي على ديكور وكاميرات تصوير وأجهزة استُخدمت خلال بثّه الذي استمرّ قرابة ثلاثين عاماً.
ويعرض المتحف، أيضاً، عبر شاشات في أروقته، ملخّصات لأهمّ محطّات الإعلام العراقي وتطوُّره، وبعض كواليس البرامج وقصص انطلاقها، وصوراً لشخصيّات إعلاميّة رائدة، مع ملخّصات تعرّف بسيَرها. أمّا أبرزُ مقتنيات المتحف، فهي نسخة نادرة من القرآن طُبعت في مصر خلال الأربعينيّات، واستُخدمت في الإذاعة لغرض القراءة من قِبل القرّاء في البثّ المباشر، كما استُعين بها كمرجعٍ لغويّ، إضافةً إلى "بلبل الإذاعة"؛ وهو بلبلٌ ذهبيّ يُصدر تغريدات عند بدء بثّ الإذاعة كلّ صباح، وهو هديةٌ من أدولف هتلر للملك غازي الأوّل لمناسبة افتتاح "إذاعة الزهور" عام 1936.
يُذكَر أنّ المتحف سيشهد لاحقاً، وفق القائمين عليه، افتتاح قاعات إضافية تخصّ تاريخ السينما، والكاريكاتير، والمقتنيات الشخصية لعدد من الفنّانين والإعلاميّين العراقيّين البارزين.