لم ينتبه كثيرون إلى أن الروائي الذي عاكس مشهد السرد الفلسطيني بخمس روايات في سبع سنوات هو من مواليد 1988. ثمة نضج ينسينا أننا بإزاء كاتب شاب.
في مطلع عشرينياته، ومن خلفيته كباحث في علم الاجتماع، كتب عبّاد يحيى روايته الجريئة شكلاً ومضموناً "رام الله الشقراء" التي نُشرت في 2013. وقبل أشهر قليلة فاجأنا بروايته الكبيرة "رام الله"، التي تُكرّس صاحبها كاتبَ المدينة التي ظنّ كثيرون أن عمله الأول كان مجرّد هجاء لها كـ"مستعمرة سعيدة"، بل وتخيّل فريقٌ آخر من "المدافعين" عنها أن العمل "سُباب" هوامش وأطراف على "المركز" لا بد أن "تُحمى" منه "مدينتهم".
بين "مستعمَرة الأجانب"، المستشرقة، في "رام الله الشقراء" و"رام الله" العمل الأخير، كتب عبّاد يحيى المدينةَ في عملين آخرين أيضاً، هما: "هاتف عمومي" و"جريمة في رام الله". وقد ضمّت أربعتها معاكسات شتّى للسائد الأدبي والسياسي في فلسطين المحتلّة، وهي معاكسات تُخفي مشروعاً أكبر طموحاً من المعاكسة.
البلدة الصغيرة التي أصبحت مدينةً بالغَصْب وخبطِ عشواء السياسة، تحظى بموهبة كبيرة تتعهّدها، وكأنما حب كبير نما على مهل من غضب الرواية الأولى ومن أهواء الفن الروائي وأقداره. وفي ما نراه، فإنّ اسم عبّاد يحيى سيقترن طويلاً برام الله المدينة، وبمسارات تطوُّر الرواية الفلسطينية أيضاً.