عن اللقاءات الطازجة
غبش الفجر البارد
في آخر رواق المطار الطويل
حفيفٌ مُتخامد
من متجر الكتب المنعزل.
البائعة ضجرة لوحدها عند أوّل الشروق
لماذا صوت الدقائق مثيرٌ هكذا،
ودفق الهواء المتسرّب من خلايا الزجاج
ورائحة السَّفَر والخبز
وخواطر تومض
عن الشّمس والسُّحُب الفضّية
والمدن القائمة على قيد الحياة؟
أسلّم على الشابّة فتَعِدني عيناها بلحظة يقين
أُقلّب الصفحات الرماديّة
لأعثر على رفاقٍ غرباءَ لا يكترثون لاسمي
فتأتي وهي تحكي لي قصّة لم أسمع بدايتها
تقول شيئاً عن الممرّات وظلالها العسليّة
وعن المخمل الأخضر في الحجرات الملتفّة على نفسها
عن أطفال ينتظرون آباءهم
وعن الطَّير المكنّى بأبي الغرائب
تترك في يدي كوب قهوة تقول إنّه هديّة
تمضي أخيراً ووجهها يانعٌ ريّان
بعد أن حلّت بفَيْضها على وجودي الذّاهل.
■ ■ ■
هَيْنَمة
ألف عام
من الجَوَلان في الأرض
ثم تلتقي طرقنا في المدينة
ماذا يحدث حين تلتقي الوجوه المنهكة؟
أراكِ تجوسين في المكان
تبتسمين للرِّفاق بقلق واقتضاب
وعيناك حولي في كل الأمكنة.
ما أحلى انتهازك للحظة ينكسر فيها الوقت!
تشقّين دربك بين حطامه السديميّ
نحو شبحي المتنقّل بين الزوايا القريبة
تُلقين على كتفيّ ظلالك وبعضَ الأنفاس
أسمع منكِ هينمةً
"سبحان الذي يجمع جسمين في مكان!"
ثم بلا وداعِ تختفين.
* شاعر وكاتب سوري مقيم في السويد