فرانسوا بورغا: صوتٌ فكري في مواجَهة الصهيونية الفرنسية

01 يوليو 2024
بورغا خلال محاضرة في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى بمدينة أربيل، 2015
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأستاذ والباحث الفرنسي فرانسوا بورغا يواجه تهمة "التعاطف مع الإرهاب" في فرنسا بسبب دعمه للقضية الفلسطينية واحترامه لحركة حماس، معتبرًا الاتهامات وسام شرف.
- بورغا ينتقد استغلال الحكومة الفرنسية لأجهزتها الشرطية والقضائية لترهيب المدافعين عن القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن هذه التهم تعزز مواقفه بدلاً من إثنائه.
- يرفض بورغا المساواة بين المستعمر والمستعمر، مشيرًا إلى أن جرائم الاحتلال تولد المقاومة الفلسطينية، ويعتبر الاتهامات الموجهة إليه دليلًا على تقييد حرية التعبير ونهاية حرية فرنسا في تقييم موقفها من الشرق الأوسط.

في واقعة غير مستغرَبة في سياق التواطؤ الفرنسي، والغربي عموماً، مع الاحتلال الإسرائيلي، يُنتظَر أن يمثُل أستاذ العلوم السياسية والباحث الفرنسي فرانسوا بورغا (1948) أمام قسم الشرطة القضائية المحلّي في مفوّضية شرطة آكس أون بروفانس (جنوبي فرنسا)، في التاسع من الشهر الجاري، للردّ على تهمة "التعاطف مع الإرهاب"، والتي وُجّهت إليه على خلفية شكاوى قدّمها ضدّه نشطاء صهاينة في فرنسا.

ووصَف بورغا، في تغريدة نشرها على حسابه في منصّة إكس (تويتر سابقاً)، استدعاءه للتحقيق بأنّه وسامٌ منحته إياه "الماكرونية" (في إشارة إلى إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون)، متّهماً منظّمات صهيونية تستفيد من محاباة السلطات الفرنسية لها بشكل غير مسؤول، باستغلال القضاء لملاحقة المدافعِين عن القضية الفلسطينية عادةً بتهمتَي "التعاطُف مع الإرهاب" و"معاداة السامية".

وكان الباحث الفرنسي، الذي أصدر عدّة مؤلّفات حول الإسلام السياسي منذ التسعينيات، قال، في تصريحات سابقة، إنّ حماس حركةُ مقاوَمة يُكنّ لقادتها الاحترام والتقدير أكثر من قادة "إسرائيل"، رافضاً تجريمها فرنسياً وغربياً، ومُشيراً إلى أنّ تجريم الحركة لم يبدأ بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بل منذ فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006.

استغلال القضاء لملاحقة المدافعِين عن القضية الفلسطينية

وفي تعليقه على استدعائه للتحقيق، أوضح بورغا أنّه "ليس المُواطن الفرنسي الوحيد الذي يُستهدف بهذا النوع من الترهيب"، مستنكراً، في هذا السياق، استدعاء نقابيّين وسياسيّين للتحقيق معهم، على خلفية مساندتهم للقضية الفلسطينية، ومن بينهم المحامية الفرنسية من أصل فلسطيني، ريما حسن، التي فازت مؤخّراً بمقعد في البرلمان الأوروبي عن حزب فرنسا الأبية اليساري.

وقال بورغا، في تصريح لـ"وكالة الأناضول"، إنّ "الحكومة الفرنسية، التي تسمح باستغلال جهازها الشرطي والقضائي، لا تخشى تشويه سمعتها على المستوى الداخلي، بل على نطاق عالمي". وهو، وإن لم يُقلّل من قدرة هذه الأجهزة على الإزعاج، فإنّه اعتبر التهم الموجَّهة إليه بمثابة أوسمة يفتخر بها.

وأكّد الباحث أنّه يُفضّل الاحتفاظ بموقعه وانحيازه بدلاً من مكان رجال الشرطة أو القضاء الذي يضطرّون إلى لعب هذا "الدور المثير للشفقة الذي يجعلهم يخلطون بين الدفاع عن القانون الدولي والدفاع عن الإرهاب".

وكان فرانسوا بورغا أعاد في كانون الثاني/ يناير الماضي نشْر بيانٍ صحافي لحركة حماس، عبر "إكس"، انتقدت فيه مقالاً لصحيفة "نيويورك تايمز" تضمّن مزاعم بارتكاب فلسطينيّين "اعتداءات جنسية"، في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر، وهو ما أثار ضدّه هجوماً واسعاً من غالبية وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية الفرنسية، التي اتّهمته بأنّه "يُساوي بين منظمة إرهابية وبين القادة المنتخبين ديمقراطياً في إسرائيل".

ولفت مدير الأبحاث السابق في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي إلى أنّ اتهامه بـ"تبرير الإرهاب" أمر متوقَّع، لكنّه أضاف أنّ الخطوة تعكس "إشارة سيئة إلى انتهاء حرّية فرنسا في تقييم موقفها في الشرق الأوسط"، وتؤكد غياب الأصوات المدافعة عن حقّه في التعبير بالحدّ الأدنى في الإعلام الفرنسي.

وسبق للباحث الفرنسي الذي زار قطاع غزّة أكثر من مرّة والتقى قادة المقاومة فيها، أن رفض، في تصريحات صحافية، المساواة بين المستعمِر والمستعمَر، مؤكّداً أنّ جرائم الاحتلال وانتهاكاته هي التي تُولّد أفعال المقاوَمة من قِبَل الفلسطينّيين، والتي قال إنّه لا يمكن نعتها بـ"الإرهاب"؛ هذا المصطلح الذي يجري التلاعُب به سياسياً؛ إذ لا وجود فيه لأيّ معنىً موضوعي وأخلاقي، وفق تعبيره.

ويُعرَف فرانسوا بورغا بمواقفه المناهضة للتمييز وخطابات العنصرية والكراهية ضدّ المهاجرين في فرنسا، خصوصاً من المغرب العربي. وسبق أن واجه حملات إعلامية بسبب مواقفه التي تُشكّل انعكاساً موضوعياً لتجربة بحثية رصينة أصدر خلالها العديد من المؤلّفات؛ من بينها: "الإسلاموية في المغرب العربي" (1988)، و"الإسلاموية في زمن القاعدة" (2005)، و"الإسلاموية في الواجهة" (2007)، و"لا ربيع لسورية" (2013)، و"فهم الإسلام السياسي" (2016).

المساهمون