- **الشخصيات والتقنيات**: يتتبع العرض مصائر خمس شخصيات من غزّة، ويعتمد على الشاشات الطولية والمؤثرات الصوتية والفيديوهات المرافقة، ليبرز معاني الفقدان والأمل والصمود، ويصور فظاعات العدوان الإسرائيلي وتجريد الشعب الفلسطيني من إنسانيته.
- **رؤية المخرج والإنتاج**: أشار المخرج إميل سابا إلى أن العمل جاء كرد فعل فني على فظائع الحرب في غزّة، واستغرق التدريب عليه شهرين ونصف، بالتعاون مع فنانة الفيديو ياسمين العمري ومصمم الصوت معتصم صيام، بهدف نقل فظاعات العدوان إلى العالم.
تحت عنوان "غويرنيكا غزّة"، قدّم "مسرح عشتار" في مقرّه بمدينة رام الله، مساء السبت الماضي، عرضاً أدائياً من توقيع المُخرج إميل سابا، عن نصّ مأخوذ من مسرحية "غويرنيكا" للكاتب الإسباني فرناندو أرابال (1931)، أعاد كتابته بالإنكليزية وعدّل عليه الفلسطيني إسماعيل الخالدي والأميركية نعومي والاس، وترجمته أليس يوسف.
ويتناول "غويرنيكا غزّة"، الذي يُعرض أيضاً في 18 و21 و25 من الشهر الجاري، حرب الإبادة الصهيونية في غزّة، من خلال حكاية خمس شخصيات يؤدّيها الفنّانون: تامر طافش، وديفيد طنّوس، وساشا أصبح، وفادي مراد، ونورسان قواسمة.
اعتمد العرض (75 دقيقة)، الذي حمل عنواناً فرعياً "رؤى من مركز الأرض"، على حكايات إنسانية عدّة، مازجاً بين الفنون الأدائية وتقنيات الفيديو والفنون البصرية، في استعادة لما تُمثِّله لوحة "غويرنيكا" للتشكيلي الإسباني بابلو بيكاسو الذي أجاب حين سأله ضابط نازيّ عن لوحته الشهيرة، التي يخلّد فيها ذكرى ضحايا المدينة الإسبانية التي تحمل اللوحة اسمها، وتم تدميرها من قبل سلاح الجوّ الألماني في عام 1937، بأن "مَن فعل هذا؟"، فأجابه: "أنت فعلتها!"، وهو لسان حال كلّ الفلسطينيّين أمام العُدوان الإبادي الإسرائيلي.
كتب العمل الفلسطيني إسماعيل الخالدي والأميركية نعومي والاس
يتتبّع "غويرنيكا غزّة" مصائر خمس شخصيات خرجت من جحيم الإبادة في غزّة: راكبة الأمواج، الشهيدة التي يستذكرها والدها على الدوام، ومُربّي النحل، وصاحب الإبرة الذي يخيط جروح الحيوانات، وشقيقه المُقاوم، في توليفة بعيدة عن الطّرح المباشر قدّمها فنّانون جلّهم أصحاب تجارب أولى على الخشبة.
ومنذ المشهد الافتتاحي تتدلّى الشاشات الطولية، لتُشكّل تكوينياً، أساساً بصريّاً طوال العرض، بل خشبة من نوع مُغاير للشخصيات، بالإضافة إلى المؤثّرات الصوتية والفيديوهات المُرافقة، التي أضافت جماليّات فنّية، على عمل يتّسم بالمأساوية، لكنّه نجح، من خلال طابعه المُتداعي، في إبراز معاني الفُقدان، والأمل، والصمود، فضلاً عن تصويره فظاعات العُدوان والطريقة التي جُرّد فيها الشعب الفلسطيني من إنسانيّته مع تصريحات مُجرم الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، الذي وصَف الفلسطينيّين، لمرّتين، بأنّهم "حيوانات بشرية".
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أشار مُخرج العمل إميل سابا، إلى أنّه، ومع توالي أشهر حرب الإبادة على قطاع غزّة، تولّد شعور لديه، ولدى فريق العمل، أنه لا بُدّ من تقديم شيء يعكس ما في دواخلهم إزاء ما لا يُمكن التعبير عنه فنّياً أو كتابيّاً، من فظائع تتواصل، ومنها مجزرة المواصي في خانيونس، التي وقعت في الثالث عشر من تموز/يوليو الجاري، وتزامنت مع يوم العرض الأول، فجاء العمل ردّ فعل فنّياً يُشبه ما حدث مع بيكاسو حين شاهد صُوَراً للمدينة الإسبانية في الجريدة، فكانت لوحته الشهيرة "غويرنيكا"، مؤكّداً أنّ لا نصّ ولا لوحة ولا عمل أدائياً يُمكنه التعبير عمّا حدث ويحدث في غزّة منذ أكثر من تسعة أشهر.
وأضاف سابا: "خرَج كلّ من والاس والخالدي بنصّ جديد حول ما يحدث في غزّة اليوم، مُستوحىً من "غويرنيكا" بيكاسو، من حيث التقطيع إلى أجزاء تعكس حالة أجساد الغزيّين التي مزّقها العدوان إلى أشلاء، وبالاستناد على نصّ "غويرنيكا" لـ فرناندو أرابال، كما أنّ التدريب استغرق شهرين ونصف الشهر، وتم تغيير النص أكثر من مرّة، تبعاً للتطوّرات على الأرض".
ولفَت المخرج الفلسطيني إلى أنّه فضّل العمل مع شباب موهوب بعيد نسبيّاً عن خشبة المسرح، باعتبار أن عمل "غويرنيكا غزّة" ليس مسرحاً تقليدياً، بل هو تركيب فنّي، لذا تعاون مع متخصصة فنّ الفيديو (فيديو آرت) الفنّانة ياسمين العمري، ومصمّم الصوت الفنّان معتصم صيام، وهو ما ينطبق على أعضاء طاقم العمل، وممثّليه.
وختم سابا حديثه لـ"العربي الجديد" بالإشارة إلى رغبة فريق "مسرح عشتار" في تناول فظاعات العُدوان ونقلها إلى العالَم من خلال تقديم العرض المُقرَّر في دول عدّة سواء بالإنكليزية أو بالدارجة الفلسطينية، وعدم أخذ مسافة بعد الحدث للكتابة عنه، أو تجسيد شيء منه.