عالقٌ في مصائد الحيرة

15 مارس 2021
مقطع من عمل لـ شوقي شمعون (أكريليك على قماش)
+ الخط -

حريق

افتحْ ليَ الباب، أريدُ أن أنام مُتّكئاً على ظلّي الذي حسِبتُه حبرَ الأرضِ حين تَكتُبني كما لم يَكتبْني أحدهم من قبل، وتَمحونِي بيدِ الفَناءِ كأني لم أكُ شيئاً، قَلبي بدائيٌّ يلُم الحطبَ والنارُ هاجسه الوحيد، ينحتُ بإزميل البقاءِ على صَخرةِ الكونِ البَعيدة ويبني حَجراً حَجراً بيته الذي صار قلوباً تطير ومَصابيحَ تخبو ومخالبَ تحفرُ في جَليدِ العالم. ذاك العالم الذي أريدكَ أن تفتحَ لي بابه لأحرقهُ وأستريح.


■ ■ ■


خُروج 

عالقٌ في مَصائدِ الحيرةِ، كَأني عَشرةُ وجوهٍ لِطريقٍ وَحيد، أَلهَثُ في شَتاتِ المَرايا، كُلّما أبصَرتُ وَجهي تَهشّمَ الزُجاجُ من تشَوهاتٍ لا أعرِفُها، ثم أنكبُّ على وجهِ البحيرة، خيالاتٍ من ماءٍ آسنٍ ودموع. 
أريدُ الخُروجَ فَتَشطرني عَصا اللغةِ إلى متاهةٍ تُفضي إلى صُراخٍ لانهائيّ. لماذا في كُلِ مسعىً لِلخروجِ دخولٌ جديدٌ أيتها اللغة.


■ ■ ■


صلاة 

بِروحِي 
بقلبي الذي صار عقلاً
بعقلي الذي آنسته المعاني 
بجسدي الذي يُشبه طينه 
بطينه الذي مازجه صفوك 
عرفتك يا الله 
كما يهتدي رضيعٌ إلى ثدي الحليب 
بكامل المعرفة 
دون أي قصد.


■ ■ ■


إنها دائرةٌ

إنها دائرةٌ يا صاحبَ المقام 
وإنهم خيالاتٌ تسبحُ في الظلال 
خيالاتٌ يَسوقُها الوهم 
ويَفدَحُها النقصانُ العظيم 
دائرةٌ تتّسعُ يا صاحبَ المقام 
ألمٌ يدفعهُ ألم 
ألمٌ يطردهُ ألم 
فيما كفُّك تُهيلُ المعاني وتمسّد جسدي 
بزلالِ المعارفِ
فباركني يا صاحبَ المقام 
ولا تتركني وحيداً 
إني أتحقّقُ الآن.


■ ■ ■


ابتهال 

هَب لي صَحوةً في الليلِ، أُمجّد أسماءكَ في الأعالي، أشرحها في مملكات النَحلِ قوتاً سنوياً من شمعِ العسل وبلاداً من تسابيح، يا ربَّ الرغبةِ قلتَ لي كن، فكُنت حرماناً يدوم، وحين كَشفت الطريقَ وجدتُ العطايا، في كلّ منعٍ عطاء، ورؤىً تشربُ من مَشهدكَ الأبدي. يا ربًّ الوجعِ الذي قُلتَ له كن فكان حُطام المنافي وسند المتعبين في الجهات وشعراءَ يشدّون جثث الكلام من طريق السّباع، ينحتون المعني من شجرة التكوين، يعيدونَ رسمَ المدار فيخطئون ليعود الكون من حيثُ أتى.
يا ربَّ الخطيئةِ قُلتَ لي كنْ فَشقَقتُ أقبيةَ الخلودِ وفتحتُ للنارِ المَجاز، كانَ ماءً ذاكَ الذي سبقَ النارَ. 
ماءٌ أطالَ المكوثَ في جدولِ الخطايا وحينَ اغتسلتُ به تسلّلَ المَرَدةُ بين أصابعي، وفي دمي أشغلَ الشيطانُ الغواية، ومن فرطِ الضلالِ اهتديتُ وصدّقتُ نبوءةَ الزيتونِ حينَ مَسّني زيتُ مصابيح الحوانيتِ القديمة وأبصرتُ في جسدي خَشبهُ الذي صار مِحراباً، والمحاريبَ مثلي تُصلّي في كل الجهات.


(شاعر من فلسطين)

نصوص
التحديثات الحية
دلالات
المساهمون