"سبعة".. معرضٌ يرسم الهجرة وحالاتها

02 أكتوبر 2023
بيدرو كانو (تصوير: ألفارو غارسيا)
+ الخط -

"أظن أنَّ العالم كلّه منذ نشأته في حالة حركة. لطالما هاجر البشر وتحركّوا من مكان إلى آخر. في تراثنا الغربي، لدينا هجرة يوليس الذي سافر ولبس ثوب العذاب والتشرّد من أجل أن يكتشف أراض جديدة ويتعرّض لمغامرات جديدة. لو كان الأمر لي لقلت، في البدء كانت الحركة والهجرة".

بهذه الكلمات يجيب الفنان الإسباني بيدور كانو (1977) على كل من يسأله عن معرضه الجديد "سبعة"، الذي يقام حالياً في "بيت باكس" بمنتزه الريتيرو المدريدي، ويستمر لغاية الثاني والعشرين من الشهر الجاري. 

يتكوّن المعرض من سبع لوحات كبيرة الحجم، وهي لوحات زيتية على خشب بالأبيض والأسود، إضافة إلى مئة ورقة مختلفة الشكل واللون، رسم عليها الفنان باستخدام الألوان المائية والفحم والحبر. وجميع هذه الأعمال تعالج موضوعاً واحداً هو الهجرة. 

كلُّ لوحة لها قصة لا يتردّد الرسام الإسباني في ذكرها لزوّار المعرض، فالعالَم، كما يقول، "لم يستطع أن يحدّ من الهجرات التي سبّبها الجوع والفقر والتشرّد. وقد شهد البحر المتوسط تاريخياً آلاف المهاجرين الذي عبروا أمواجه أو غرقوا. وهذه اللوحات ليست إلا تفصيلاً صغيراً لرسم المعاناة التي مرّ بها المهاجرون على مرّ التاريخ، بسبب قادة هذا العالم البشع الذي نعيش فيه". 

من المعرض
من المعرض

قد تكون الهجرة الموضوع العام لجميع رسوم المعرض، ولكن الفنان الإسباني يمزجه ببراعة بموضوعات فرعية تعبّر عن الحالات النفسية التي تولّدها الهجرة، لذلك سنرى كثيراً من الرجال والنساء والأطفال الجالسين الذي ينتظرون، أو الدراجات الهوائية التي تعبّر عن حالة الحركة، أو الحدود التي تفصل بين بلدين. هكذا يربط الفنان بين الهجرة والانتظار، غير أنه لا يعطي تأويلاً لهذا الانتظار، فقد يكون سلبياً، وقد يكون إيجابياً. ولكن في كلتا الحالتين، ليس إلا نتيجة من النتائج التي تولّدها الهجرة. 

غير أن المعرض لا يشير إلى الهجرة السلبية فحسب، بل يرسخ أيضاً مفهوم السفر، والحركة والاكتشاف، وهنا تحديداً يمزج كانو في معرضه بين العام والخاص، لا سيما عند يرسم العالم المتحرك الخاص بعائلته وأجداده: "لقد كان والدي يحبُّ السفر كثيراً. أما جدي فقد كان مهاجراً، وترك الشمال الإسباني وجاء إلى الجنوب، تحديداً إلى مدينة مرسية الأندلسية. لقد سافر كثيراً وزار الهند والمغرب واليونان وتركيا وإيران والأردن واليمن والعديد من البلدان في أوروبا وأمريكا اللاتينية. لحسن الحظ، لم يتمكنوا من تحويل العالم إلى سجن حتى الآن"، يوضح الفنان الإسباني. 

يكتمل المعرض بنوع من الفسيفساء الصغيرة التي صمّمها الفنان بقطع ورق صغيرة تصوّر مبنى دمرته الحرب. "إنها كييف، لكن ليست العاصمة الأوكرانية في عام 2023 أو 2022. لقد وجدت صورة من الحرب العالمية الثانية، على وجه التحديد، "معركة كييف" في عام 1943، وقررت أن أرسمها على قطع صغيرة من الورق. يمكن الخلط بينها وبين الغزو الحالي لأوكرانيا، لكن الشيء نفسه يمكن أن يحدث مع القطع الأخرى في المعرض. يمكن أن تشير رسومات الرجال على السياج إلى مأساة مليلية عام 2022، ولكنها يمكن أن تنطبق أيضاً على الأعمال الدرامية في الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك"، يوضّح الفنان الإسباني. 

المساهمون