رحل التشكيلي الفلسطيني فتحي غبن (1946 - 2024)، صباح اليوم الأحد، في مدينة دير البلح بغزّة، بعد صراع مع المرض، حيث لم تتوفّر العلاجات اللازمة له في لحظة يواصل فيها العدوّ الصهيوني قصفه للقطاع لليوم الثاني والأربعين بعد المئة، ويحرم أهله الغذاء والدواء.
وُلد الفنّان الراحل في قرية هربيا التي كانت تتبع غزّة قبل احتلالها من العصابات اليهودية عام 1948، ما اضطره إلى اللجوء إلى مخيم جباليا مع عائلته، وهناك درس الفن بنفسه، وبدأ الرسم بألوان الزيت منذ منتصف ستينيات القرن الماضي.
عاش غبن طوال حياته ينظر إلى قريته المحتلّة التي لا تبعد سوى كيلومترات عن مكان لجوئه؛ مشهدٌ صاغ جانباً مهمّاً من تجربته، كما عبّر عنها في معظم أعماله، لكن واقعة اللجوء ستتكرّر في أيامه الأخيرة مع نزوحه داخل قطاع غزّة مع مئات الآلاف من أبناء شعبه.
وأشار بيان لوزارة الثقافة الفلسطينية في نعي الفنان إلى أنه رحل "إثر عدم سماح سلطات الاحتلال له بمغادرة القطاع لتلقّي العلاج في المستشفيات في الخارج، إذ كان يعاني مشكلات حادة في الصدر والرئتين، وفي حاجة إلى استكمال علاجه بسبب نقص الأدوية والأكسجين في غزّة".
وكان غبن يتلقى العلاج في "مستشفى شهداء الأقصى" بدير البلح في أيامه الأخيرة، وأوضح البيان إلى أن "المئات من المرضى يعانون عدم تلقي العلاج اللازم بسبب منع قوات الاحتلال إدخال الدواء والمعدات الطبية إلى القطاع الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية منذ 142 يوماً".
وأضافت أن "رحيل غبن يشكل خسارة للفن الفلسطيني الذي شهد على يده انتقالات هامة تجاه تجسيد الحياة الفلسطينية، واللجوء الفلسطيني، والمخيم، وتقاليد الحياة في البلاد التي نذر حياته لتخليدها في فنه".
حمل غبن ذاكرة القرية الفلسطينية كما رآها عن بُعد، وحفظها من الروايات الشعبية، إلى لوحته بألوان مائية في مرحلة مبكرة، حيث مشاهد الزراعة والحصاد ويوميات الفلاحين في الحقل وساحات القرى، ومواسمهم الاجتماعية والدينية وحفلات الأعراس وغيرها من المناسبات.
كما شكّل المخيم فضاء ثانياً للوحته، وظهر فيه تفاصيل عديدة سواء في معماره المتواضع، أو في وجوه أهله بما تحمل من تعبيرات راكمها الزمن، مع حضور كبير للمرأة الفلسطينية في العديد من أعماله، ولمواكب الشهداء التي احتضنتها المخيمات.