جوردان آن كريغ.. ذاكرة أهل أميركا الأصليين

07 ديسمبر 2021
(من المعرض)
+ الخط -

قبل مئات السنين، كانت نساء شعب الشايان في شمال غرب الولايات المتّحدة يدرن معظم شؤون مجتمعاتهن، بينما يتفرّغ الرجال للصيد، وكانت من أهمّ وظائفهن نسج السلال والمنسوجات من جلود الماعز والأغنام، وصناعة الجرار وتلوينها بالصباغ، وغيرها من الحرف التقليدية، حيث لا يزال العديد من القطع الفنية التي أنتجنها شاهداً على حضارة لم يبقَ من أبنائها أكثر من عشرة آلاف شخص، بعد عمليات إبادة قادها البريطانيون.

تستعيد الفنانة جوردان آن كريغ، التي تنتمي إلى قبائل الشايان الشمالية، ذاكرة جدّاتها في معرض "أحلامك الموحشة" الذي يتواصل في "غاليري أكتوبر" بلندن حتى التاسع والعشرين من الشهر المقبل، ويضمّ مجموعة من لوحاتها وأعمالها الطباعية والنسجية.

تعتمد الأعمال المعروضة على التجريد واللون والإيقاع بوصفها عناصر أساسية شكّلت فنون السكّان الأصليين في أميركا الشمالية، في محاكاتهم للطبيعة من حولهم واختزال تضاريسها من جبال ووديان وسهول برموز مبسّطة، وكذلك في تصويرهم لآلهتهم وما تمنحه من هِبات أو غضب، وكذلك حروبهم مع أعدائهم.

جوردان آن كريغ أمام أحد أعمالها المشاركة في المعرض (جوناثان غريك)
جوردان آن كريغ أمام أحد أعمالها المشاركة في المعرض (جوناثان غريك)

تُعيد كريغ إنتاج المنسوجات الأصلية والحلي وإكسسوارات الخرز والفخار والبُسط التي ترتكز على تكرار شكل هندسي معيّن، أو مجموعة أشكالٍ تحيل إلى مشهد معيّن، حيث الخطوط المستقيمة والشبكات المربّعة والمثلثّات كانت العلامات الرئيسية التي استخدمتها نساء الشايان في صناعة الأحذية من الصوف أو حقائب اليد أو حاملات الأطفال. كما يضمّ المعرض عدداً من الأدوات التي ميّزتها زخارف بخطوط نحيلة غالباً توحي بالنعومة والرقّة رغم أنّها تستعرض أحياناً مشاهد وأفعالاً تُشير إلى السُّلطة أو القوّة، من تلك التي يقوم بها أزواجهنّ.

الفنانة التي تلقّت تعليماً أكاديمياً متخصّصاً في الرسم والطباعة، تقدّم أعمالها بلغة بصرية معاصرة، لكنها تتقصّد العديد من الإضافات والتفاصيل المستمدّة من تراثها. إذ نجد مجموعة من الأسنان كبيرة الحجم تتكرّر فوق إحدى المطبوعات، في إشارة إلى استخدام الشايان لقشور الأسنان في تزيين أدواتهم وصناعة قلائد من الخرز، وكان يعدّ مادة ثمينة، أو إبقاء أخطاء في بعض أعمالها، بما يذكّر بهفواتٍ كانت تقع فيها نساء الشايان في صناعتهنّ.

تلفت كريغ، في تقديم معرضها، إلى أنّ الفن هو ما يخرجها من فراشها، هي التي لا تستطيع النوم، فتعمل لتروي قصصاً عن طفولتها وعائلتها وعلاقتها معها، وانكساراتها في الحياة، وشفائها منها، حيث تترجم أحلامها الموحشة، ولغة أسلافها التي لم يعد يتحدّث اليوم بها سوى المئات، وهي مكوّنة أربعة عشر حرفاً ضمن ما يُعرَف بمجموعة اللغات الألغونكوية.

كما تنفّذ أعمالها الطباعية على أوانٍ فخارية تحاكي جرار الشايان التي تحتوي عادة على أربعة ألوان هي الأسود والأحمر والبرتقالي والأبيض، وتزيّن محيطَها كاملاً زخارفُ تأخذ أشكال الزهور أو الطيور التي يُستخدَم ريشها لطرد الأرواح الشرّيرة وجلب السعادة والحظّ، وكذلك الصحّة والجمال.

يُذكر أنّ جوردان آن كريغ حازت درجة البكالوريوس في الفنون من "كلية دارتموث" في ولاية نيو هامبشير الأميركية، والتحقت بعد تخرّجها بعدّة دورات في الطباعة وتجليد الكتب، وأقامت العديد من المعارض الفردية والجماعية في بريطانيا والمكسيك وهولندا.

المساهمون