في عام 1982، وإثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان، كتب الباحث التونسي في مجال التاريخ، محمد العربي السنوسي (1948)، مسرحية بعنوان "الأخطبوط أو دير ياسين وشاتيلا"، وقدّمها على الخشبة المُخرج البشير الدريسي. ولكن لم يُقيّض للعمل سوى عرضٍ واحد، إذ طالته، في ذلك الحين، يدُ المَنع، سواء على مستوى النشر أو العرض، بحُكم مضمونه الذي لم تسمح بتمريره وزارة الثقافة التونسية.
مرّت أربعون عاماً على كتابة النصّ قبل أن تُعيد إصداره، مؤخّراً، "دار خريّف للنشر" التونسية، إلى جانب عددٍ من النصوص المسرحية في كتاب صدر بالتزامُن مع "أيّام قرطاج المسرحية"، التي انتظمت بين الثاني والعاشر من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، ونظراً لما تعيشه غزّة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي من حرب إبادة مفتوحة، تُذكّر بإرث وتاريخ المجازر الصهيونية مثل "دير ياسين" و"شاتيلا".
ينطلق العمل، وفقاً للكاتب، من مقاربة أنّ "هذا النوع من المسرح مفقود في العالَم العربي، نظراً إلى أنّنا لم نتعوّد الكتابة عن الواقع المُعاش بما فيه من مرارة، ثم لأنّ جلّ الكُتّاب العرب، منذ انطلاق النهضة الثقافية أواخر القرن التاسع عشر، لجأوا إلى الماضي وتواروا خلفه، أو ارتموا في أحضان الاقتباس عن الغرب".
ويكتب السنوسي حول مصير المسرحية في ذلك العام، مُوضِّحاً أنّه عمل مع أعضاء "فرقة مدينة تونس"، بقيادة المُخرج البشير الدريسي، أثناء حصار بيروت ومجزرة "صبرا وشاتيلا"، لكنّ قرار وزارة الثقافة وضع حدّاً لرحلة المسرحية، التي نُشرت مرّة واحدة فقط في المُلحق الثقافي لـ"صحيفة العمل".
"الأخطبوط" هي العمل المسرحي الوحيد للعربي السنوسي، الذي قدّم ترجمات لدراسات تاريخية مختلفة، منها: "الرحلة إلى تونس 1724" لجان بيسونال، و"مذكّرات خير الدين باشا"، و"وصف إيالة تونس" لإرنست دي راينو، و"مذكّرة حول الإيالة التونسية" لهنري دونان.