في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والفلسفية والفكرية واللغويات والمجموعات القصصية والنقد الأدبي.
■ ■ ■
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" صدر للباحث المغربي محمد لشقر كتابٌ بعنوان "نظرية في التأويل: قراءة جديدة في مشروع أبي حامد الغزّالي". يحاول المؤلِّف كشْف بعض ملامح تلك الشخصية التي انقسم الدارسون حولها؛ بين كونه أشعريّاً أو فيلسوفاً أو صوفيّاً. ويضمّ الكتاب ثلاثة أقسام تشتمل على أحد عشر فصلاً؛ يتناول القسم الأول تفاعُل الثقافة العربية الإسلامية خلال القرن الخامس الهجري مع فكر الغزّالي، في حين خُصّص القسم الثاني لأحاديثه في التأويل، أما الثالث فيهتمّ بالتقاطُعات "المُضمرة عرضاً" في نظريته التأويلية.
"الحصار الفايسبوكي: يوميات وشهادات"، عنوان الكتاب الصادر للباحثة المغربية كريمة دلياس عن دار "أفريقيا الشرق". يوثّق العمل حصار منصة فيسبوك للكُتّاب والفنّانين والصحافيين والفاعلين السياسيِّين والحقوقيِّين عبر بقاع العالَم، الذين ساندوا القضية الفلسطينية - قبل اندلاع أحداث الشيخ جرّاح بالقدس المحتلّة وبعدها - على مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، وخصوصاً "فيسبوك"، الذي يضمّ حسابات عدد كبير من الكتّاب العرب والمتعاطفِين مع القضايا العادلة للشعب الفلسطيني المحاصر بكلّ الوسائل التي لم تعد تخفى على أحد في العالَم.
إلى أيّ مدى يُمكننا استعادة ذكرى شخص آخر؟ هل من المُمكن أن نفهم ما كان الأبُ من دوننا؟ يجيب خوان فيورو في كتابه "شكل العالم" الصادر بالإسبانية عن دار "راندوم هاوس"، عن هذه الأسئلة عبر استعادة ذكرى والده المفكّر المكسيكي - الكتالوني لويس فيورو. دون أن يكتب سيرة ذاتية بالمعنى الدقيق للكلمة، يستحضر خوان الحياة الفريدة لفيلسوف ومناضل اجتماعي. وهكذا يستعيد الابن جوهر الأب الذي كان حاضراً في الحياة الأسرية. يكتب خوان عن والده بحساسية ووحدة شديدَين، إلى درجة أصبحت فيها الكتابة بالنسبة إليه "رسالة دائمة إلى والده".
للكاتب المصري حجّاج أدُّول (1944)، صدرت مجموعة قصصية بعنوان "بكّات الدم". وفيها يواصل الاشتغال على ثيمته الأثيرة: ذاكرة النوبة وحكاياتُها. نقرأ من المجموعة: "لم يُجْدِ في أهل القرية أيُّ علاج، لم يشفع ترتيل الكهنة في إبرائهم من داء الخرس كما لم تشفهم رُقى السحرة. كانوا يتكلّمون كأبناء القُرى المجاورة، بل كان فيهم مغنُّون ذائعو الصيت وشعراء مجيدون، فجأةً من سنين طويلة أصابهم الخرس. ضرعوا لإله الخير، ضحّوا لإله الليل، سجدوا للشمس، بكوا للقمر. لا فائدة. سألوا إله الحكمة وجميع الآلهة. لم يعبأ أي إله حتى بقبول قربان قدّموه".
للمفكّر المغربي عبد الله العروي، صدر كتاب "الفلسفة والتاريخ" عن "المركز الثقافي للكتاب". يقول المؤلّف، في المقدّمة، إنّ كتاباته تركَت انطباعاً بأنّه يكره الفلسفة كنهج فكري، موضّحاً أنّه زاوج دائماً بين الفلسفة والتاريخ؛ إذ لا يكتفي بنتائج البحث التاريخي، بل يتعدّى ذلك إلى طرح تساؤلات ذات طابع فلسفي. ويوضّح: "التاريخانية، في ما يخصّني، دليلُ قناعة. بما أنّي أُقدّم العمل على التأمُّل، فإنّي أعتبر أنّي لا أستطيع أن أُجيب إجابة معقولة على سؤال فلسفي صائب إلّا انطلاقاً من/ في حدود ما تُمليه عليَّ الدراسة التاريخية".
عن "المركز القومي للترجمة" صدرت ترجمة كتاب الأكاديميّتين: مارثا ك. نوسباوم وسول ليفمور بعنوان "تدبُّر الكِبَر: محاورات حول التقاعد والحبّ والتجاعيد والندم"، بتوقيع المترجِم: هشام ممدوح طه. يُقسَم الكتاب إلى ثمانية فصول، ويضمّ ستة عشر مقالاً، تتناول في عمومها مسألة التقدّم في العُمر، وأفكار عن الوقت المناسب للتقاعُد، وما إذا كنّا لنستمتع بجراحات التجميل، أو نتعرّض لها بالنقد. كما يتطرّق الكتاب إلى علاقة الفرد بأبنائه وأحفاده، وكيفية منح المرء الرعاية للمُسنّين، مُقدّماً أمثلة على ما سبق من عالم الآداب والفنون.
"التلفّظ والخطاب: دراسات تطبيقية في الفلسفة اللغوية"، عنوان الكتاب الصادر للباحث السعودي محمد المشهوري عن دار "أدب". ينطلق المؤلِّف من تساؤل عما إذا كان الإنسان يخطّط خطابَه ويبني مقاصد أقواله، فيغدو الخطاب، بعدها، مدفوعاً بقوى الغاية نحو مرامٍ مضمرة أو صريحة. ويُشير إلى أنّ تلك النوايا لا تبقى رهينة لخطاب معلوم أو جنس أدبي محدود؛ فهي جامحة بفعل طاقة الحقل المعرفي، وبلاغة مُنشئ الخطاب. وبناءً على تلك المقدّمات يخلص الباحث إلى أنّ الخطاب الإنساني متطوّر بالضرورة، ولا يمكن أن يبقى رهيناً لبيئة أو عادات قديمة.
"بريكولاج"، عنوان كتاب جديد للباحث المغربي عبد السلام بنعبد العالي، صدر عن "منشورات المتوسّط". يُحيل العنوان إلى ما يصفه المؤلّف بأنّه حالةٌ يتأقلم فيها الفرد مع ما يتوافر له ليخوض غمار البحث. يكتب في هذا السياق: "لن أكون مغالياً لو قلتُ إنّ الجيل الذي أنتمي إليه تلقّى الفلسفة بطريقة لا تخلو من بريكولاج. يتّضح ذلك إن نحن دقَّقنا النظر في مسار كلّ فرد منه وتنوُّع اهتماماته، وصولاً إلى اختيار موضوعات بحثه، والاستعانة بأساتذته. لقد كانت الحياة الدراسية لذلك الجيل تتحدَّد أساساً بـ'ما يتوفَّر'، قراءةً ودراسةً وإشرافاً".