يتراوح الاهتمام بالمباني والمنشآت الخاصة بالموت بين التقديس والإهمال بحسب وظيفتها وبحسب المعطيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تحكم فترة بعينها. في مصر اليوم، توجد إشكالية حقيقية تتعلق بهذه الفضاءات، حيث نقف أحياناً على عمليات تجريف لمقابر تراثية لأغراض مثل توسعة الشوارع، كما نقف على انشغال حقيقي من الباحثين في التراث والمؤرخين والمجتمع المدني.
هذه الإشكاليات تضيئها ندوة تقام مساء اليوم في "بيت المعمار المصري" في القاهرة تحت عنوان "العمارة الجنائزية في مصر المعاصرة" يشارك فيها كل من: جليلة القاضي ومصطفى الصادق وطارق المري وعلياء نصار.
بحسب تقديم الندوة، فهي محاولة لـ "التعريف بالقيم التاريخية والمعمارية والروحية والرمزية والثقافية لجبانات القاهرة التاريخية وأهميتها كتراث عالمي ومحلي وضرورة وسبل الحفاظ عليها لكونها مكوّنٌ هام لمدينة القاهرة وجزء أصيل من المشهد العمراني ووعاء لذاكرة مصر".
تحمل محاضرة جليلة القاضي عنوان "العمارة الجنائزية علي مر العصور: المفهوم والقيم"، ويتناول مصطفى صادق "حكايات وصور الكنوز المخفية في شواهد القبور"، وتحمل ورقة علياء نصار عنوان "القرافة كتراث موصول"، فيما يختتم طارق المري الندوة بمداخلة بعنوان "نحو خطة بديلة لانقاذ جبانات القاهرة التاريخية".
يأتي هذا الانشغال البحثي في وقت تشهد فيه الكثير من المقابر اليوم عمليات إزالة بأشكال متنوعة بعضها يتم على حساب مقابر تراثية من العصر المملوكي خصوصاً، كما أن هذه العمليات قد تخفي إلى الأبد معالم أساسية كحال مدفن ابن خلدون منذ سنوات الذي أزالت أثره الجرافات.