"المنظور الفلسفي للسلطة": إعادة بناء فكرة فوكو

21 ديسمبر 2017
(فوكو)
+ الخط -
يبرُز المفكر الفرنسي ميشيل فوكو (1926 - 1985) كأحد أكثر الأسماء الفكرية تداولاً في البلاد العربية، حيث ترجمت جلّ أعماله، كما تتعدّد المؤلفات حوله بالإضافة إلى الرسائل الجامعية والإحالات إليه كمصدر أساسي في مجالات متعدّدة، من الفلسفة إلى الأنثروبولوجيا.

يمتد هذا الاهتمام منذ ثمانينيات القرن الماضي، ويستمر إلى أيامنا، وقد صدر منذ أيام كتاب جديد حوله بعنوان "المنظور الفلسفي للسلطة في أعمال فوكو - دراسة في الفلسفة السياسية والاجتماعية"، عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" للباحث الأردني جودة محمد إبراهيم أبو خاص، وفيه يعقد مقارنة نقدية بين مفهوم السلطة لدى صاحب "الكلمات والأشياء" وكما يجري تداوله في النظريات الفلسفية السابقة عليه.

يتضمّن العمل أربعة فصول. الأول بعنوان "مدخل لدراسة ميشيل فوكو"، وفيه يقدّم المؤلف نبذة حول مشوار المفكر الفرنسي، من خلال إضاءة مراحل تطور شخصيته والأوضاع الاجتماعية التي عايشها واستمدّ منها إشكالياته النظرية، ومنها يمرّ إلى توضيح مناهجه بعامة، وحول تناول السلطة بالدرس بشكل خاص.

يقول أبو خاص "حاول ميشيل فوكو أن يقدّم تنظيراً فلسفياً يعالج من خلاله الإشكالية الحديثة للسلطة التي تتمثل بثنائية المقابلة بين المجتمع والحقوق من جهة، والدولة والقانون من جهة أخرى. فهو يعمل على بناء أنموذج جديد للسلطة انطلاقاً من فرضية أساسية مفادها أن السلطة هي شيء غامض جداً، شيء مرئي وغير مرئي في الوقت نفسه، وكل ما هو حولنا ونطلق عليه مصطلح "السلطة" مثل الدولة وأجهزتها لا يفسر مجال ممارسة السلطة ووظيفتها".

الفصل الثاني بعنوان "التأصيل الفلسفي لمفهوم السلطة"، وفيه يتناول أبو خاص السلطة في معناها الاصطلاحي، وفي تطوّر مفهومها الفلسفي في الفكر السياسي الغربي وصولاً إلى الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه الذي يجده المؤلف المؤثر الرئيسي في فكر فوكو حول السلطة.

أما الفصل الثالث، "جدلية المعرفة والسلطة عند ميشيل فوكو"، فهو مخصّص لعرض فلسفة فوكو في السلطة من خلال مناقشة طروحاته عن السلطة والمعرفة في منهجه الأركيولوجي، ومن ثم توضيح وسائل الممارسة السلطوية وتقنيات السيطرة التي يبرز فوكو من خلالها تصوّراته لإشكالية السلطة. بحسب أبو خاص، فإن الأركيولوجيا المعرفية عند فوكو هي البديل عن علم تاريخ الأفكار الذي يُنظر إليه بوصفه تحليلاً للآراء أكثر من كونه تحليلاً للمعرفة.

في الفصل الأخير، بعنوان "السلطة بين الدولة والمجتمع"، يعتبر أبو خاص أن فوكو سعى إلى قلب نظرية العقد الاجتماعي خاصة مع إظهاره أن الدولة كيان يبحث عن المصلحة. وبما أن مصلحة الدولة هي الأساس، فإن أي حديث في طبيعة السلطة التي تمتلكها الدولة يصبح ثانوياً عند المقارنة بما يعرف بالمصلحة الوطنية أو القومية.

المساهمون