المنتدى السنوي لفلسطين.. مواجهة من نوع آخر

28 يناير 2023
+ الخط -

لساعات، ظننا أنّ الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين اشتعلت من جديد، من الضفة الغربية هذه المرّة. حالة ذعر عاشها أبناء مخيم جنين بعد تصعيد إسرائيلي هو الأكبر منذ سنوات، والأول منذ بداية هذا العام، نفّذت خلاله قوات الاحتلال مجزرة أسفرت عن سقوط تسعة شهداء على الأقل، بينهم امرأة مسنّة وعشرات الجرحى من أهالي المدينة المفجوعين.

هذا ميدانياً. أما في السياسية، فيأتي هذا التصعيد في إطار ترجمة الاتفاقات الداخلية التي أدّت إلى تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو، والسير باتجاه ضم الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين، في ظلّ التطبيع المستمر مع الدول العربية، خاصة أنّ إسرائيل ارتكبت هذه المجزرة عقب اللقاء الذي جمع ملك الأردن عبد الله الثاني مع نتنياهو في عمّان.

باختصار، إن حسم معركة فلسطين ومقدّساتها لن يكون بيد السلطة الفلسطينية ومواقفها الضعيفة ولا بيد الدول العربية المكتفية بمواقف رسمية محدودة.

هذا الواقع من شأنه أن يعزّز الحاجة إلى مواجهة من نوع آخر، في ظلّ كلّ التطورات والحسابات السياسية القائمة، بهدف جعل القضية الفلسطينية حاضرة دائماً من خلال مجموعة من الأعمال والفعاليات على المستوى العربي. وفي هذا الإطار، انطلقت في الدوحة اليوم السبت؛ 28 يناير/ كانون الثاني 2023، أعمال "المنتدى السنوي لفلسطين" في دورته الأولى الذي ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

يشكّل هذا المؤتمر فضاءً أكاديمياً يقدّم فيه باحثون فلسطينيون، وغير فلسطينيين، من أنحاء العالم كافة، أوراقاً بحثية تتعلّق بفلسطين وتاريخها، والقضية الفلسطينية، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في ظلّ الاحتلال، ونظام الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني، والصهيونية وحركات التحرّر الوطني، وفلسطين في العلاقات العربية، وفلسطين في العلاقات الدولية، وقضايا الرأي العام وغيرها من القضايا ذات الصلة. 

يشكّل هذا المؤتمر فضاءً أكاديمياً يقدّم فيه باحثون فلسطينيون، وغير فلسطينيين، أوراقاً بحثية تتعلّق بفلسطين وتاريخها، والقضية الفلسطينية، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في ظلّ الاحتلال

تقدّم إحدى الأوراق البحثية قراءةً تحليلية للهبّات الفلسطينية وأنماط المقاومة بين عامي 2013 و2022، إذ يعتبر الباحث الفلسطيني أحمد أسعد أنّ الهبّات التي اندلعت في فلسطين خلال هذه الفترة الزمنية لها سماتها وأدواتها وفواعلها، التي جعلت منها هبّات انتفاضية محدودة زمانياً ومكانياً، ولم تتحوّل إلى انتفاضة شعبية ذات ديمومة لمحو الاستعمار والتحرّر.

أما الباحث أحمد مأمون فقد تساءل في ورقته البحثية إذا ما كانت إسرائيل تطبّق على قطاع غزة سياسات تفضي إلى تفريغه ديموغرافياً منذ عام 1967. وحول الفكر والممارسة المسيحيَين الفلسطينيَين في العلاقة بالسياق الاجتماعي والسياسي المتغيّر في الضفة الغربية، ترى الباحثة في جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونخ (ألمانيا) إليزابيث مارتين أنّ تغيّرات التاريخ القريب أحدثت تجديداً في التعبيرات الدينية المسيحية الفلسطينية القديمة، أعادت الجماعة من خلاله ابتداع ذاتها وتكييف لاهوتياتها وممارساتها مع الأوضاع الاجتماعية والسياسية المتغيّرة.

عناوين متعددة تتفرّع عن القضية الفلسطينية وتصبّ في قلب هذا المؤتمر الذي يشكّل فرصةً للباحثين الذين يعملون أصلاً على أبحاث للنشر لتقديمها ومناقشتها، كما هو الحال في المؤتمرات العلمية الكبيرة.

مما لا شك فيه أنّ مثل هذه المؤتمرات بطبيعتها الأكاديمية هي بمثابة فرصة للمهتمين بقضية فلسطين، وسياقاتها الإقليمية والعالمية، للالتقاء وتبادل وجهات النظر. ففضلاً عن القيمة العلمية التي يضفيها المؤتمر بالنسبة لفلسطين والقضايا المرتبطة بها يعزّز أيضاً مركزية هذه القضية وحجم الاهتمام العربي والدولي بها.