عبير نصر

جلاوزة الأسد في سورية ليسوا إلاّ صناديق سوداء تضم كلّ أسرار الطاغية، تستمدّ شرعيتها ومبرّرات وجودها من علاقتها بأجهزة المخابرات والمؤسّسات الأمنية.

يعيش بشار الأسد حالة من العزلة والرعب في مناخٍ سياسي يعاني من الانهيارات التي مهدت لتآكل هيكلي تتسع دوائره، مع محاولات لتوطيد سلطته وسط توقعات باستحالة ذلك.

يعرف بشار الأسد المخاطر المحدِقة بنظامه، ويدرك أنّ الحاجة إليه، إسرائيلياً وأميركياً، قد ضعفت، وأنه أهدر كلّ الفرص التي قُدمت له للتغيير والإصلاح الحقيقيين.

القاطرة الإيرانية ستسير حكماً، وعليه ليس من عجائب الصدف أنّ السياسة العميقة لإيران لم تكُن يوماً في يدِ من يتولّى سدّة الرئاسة

تمكن نظام الأسد من تحويل مؤيديه إلى طبقةٍ عاملة بدون جذور، إنّما بمواصفاتٍ مجتمعية استثنائية، ليمارسَ ضدها أكثر الألعاب الأمنية والدعائية دهاءً.

انفصام بشار الأسد عن الواقع هو انفصال واعٍ وتنكُّر مقصود، بوهم حماية نظام قمعيٍّ لا يستطيع اكتساب قبوله من الناس إلا بقوّة الحديد والنار.

رقص الأسد الهزلي فوق مواجع شعبه يمثّل الدافع الدينامي للسلوك الاستبدادي، وهو انعكاسٌ لحالة يعيشها الطاغية عبر ادّعاء خفّة الظل لاقتحام ساحات الاستعراض السياسي.

الحفاظ على العرش الأسدي تطلّب من سيّده، على الدوام، إظهار مستوى غير مسبوق من المراوغة والدهاء، في حين يُجمع كثيرون على أنّ بشار الأسد ليس كوالده المُحنّك.

مهازلُ الأسد ستُنهي مملكة الأبد إلى غير رجعة، وهو استقراء مبنيّ على بصيرةٍ سياسية تؤكّد أنّ ثمّة تاريخاً هزلياً لم يُكتب بعدُ في العالم، كما كُتب في سورية.

"في المزاح كثيرٌ من الحقائق" يقول الروائي المصري نجيب محفوظ، وفي تهريج بشار الأسد ثلّة من المعطيات التي تعرّي شخصية بارانوية ملوثة بسمات سايكوباتية ونرجسية.