أدت سياسات أوباما المتردّدة والتزامه المطلق باستراتيجية إعادة التموضع، ونقل مركز الثقل الأميركي من الشرق الأوسط إلى الباسفيك إلى تعقيد الأوضاع في المنطقة، ومهدت الطريق أمام روسيا وإيران لكي تصبحا لاعبين رئيسيين فيها، يتشاركان ودمشق، قمع الانتفاضة السورية.
في فضاء الحلم "الأوراسي" وأحلام بوتين بالقيصرية الجديدة، باتت روسيا تلعب دوراً مشاكساً وعنيداً مع الغرب، وتمارس سياسات تسلطية، وأحياناً عدوانية، كما حصل في جورجيا منذ سنوات. وفي أوكرانيا، بعد ضم شبه جزيرة القرم في الأمس القريب، واليوم في سورية.
تعمل دول الاتحاد الأوروبي على اجتراح توافقات في ما بينها للتعامل مع أزمة الهجرة الكبيرة إليها، وكشفت طرائق التعامل تباينات في ما بينها، وخصوصاً بين الدول الغربية منها والأخرى في شرق أوروبا
أمام التباسات الواقع، وحدّة أوجه المذهبية والانقسام والطائفية والممارسات الدكتاتورية والثورات المضادة على الربيع العربي، فإن "صحوة المثقفين" العرب تصبح ضرورة تُمليها شروط النجاة من ظلام الدكتاتورية والتطرف والفوضى الدموية إلى بر الأمان.
كتب غسان كنفاني قصته عن هذا الزمن، منذ نصف قرن تقريباً، تحت عنوان (الصغير يذهب إلى المخيم – 1967)، والسؤال الذي بات ملحاً، هل توقف زمن الاشتباك يوماً لدى الفلسطيني عبر العقود الطويلة التي مرت منذ نكبته عام 1948؟
الحلول المطروحة سياسياً وعسكرياً، تبقى ناقصة إذا لم ترافقها عملية مراجعة ثقافية شاملة وبنيوية، لا تكتفي بإحالة ظاهرة التطرف إلى أسباب داخلية وخارجية، والنظر إليها بطريقة سطحية، من دون الغوص في بيئتها الاجتماعية والسياسية والدينية.
يرزح نتنياهو تحت ضغوط كبيرة، ويسعى إلى كسب الوقت في جولة جديدة، ليُثبت أنه تعلم من هزيمته القديمة، وأنه الابن البار للكيان العبري وسياساته العامة، وهو، الآن، يُعيد ترتيب بيته الداخلي ويتهيأ للانقضاض على الطرف الفلسطيني.
بات بديهياً القول إن الكيان العبري صار، الآن، في مواجهة مباشرة مع أخطر أزماته الوجودية، ولعل هذا أهم ما حققه الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في معركة التصدي للعدوان الوحشي على قطاع غزة.
أصبحت الجريمة الإسرائيلية مكشوفة أمام العالم، وحالة التضامن العالمية هذه تفتح الباب على اتساعه للعمل من أجل استثمارها في عزل إسرائيل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، قبل أن تخبو وتيرتها تدريجياً، مع انتهاء العدوان على قطاع غزة.