1300 يوم من محاكمة مبارك

القاهرة

طارق نجم الدين

avata
طارق نجم الدين
28 سبتمبر 2014
3538883B-1E0D-40EC-A640-AF09E19531AE
+ الخط -

استغرق قاضي محكمة جنايات القاهرة، محمود كامل الرشيدي، أمس السبت قرابة النصف ساعة من الاستعراض والتبريرات قبل أن يعلن عن قراره بتأجيل لنطق بالحكم في قضية إعادة المحاكمة الشهيرة إعلامياً بـ"محاكمة القرن"، والمتهم فيها الرئيس المخلوع، حسني مبارك، ونجلاه علاء وجمال، ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي، و6 قيادات أمنية من كبار مساعديه، بقتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، واستغلال النفوذ والتربح وإهدار المال العام.

وبرر القاضي قراره بتأجيل النطق بالحكم إلى جلسة 29 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بعدم انتهاء المحكمة من وضع أسباب الحكم بعدما بثّ فيلماً تسجيلياً عن إجراءات المداولة وكيفية ترتيب أوراق القضية في منزله، في خطوة عدّها مصدر قضائي "سابقة قضائية غير محمودة لأنها تتيح أمام المحامين والنيابة العامة الطعن على الحكم أياً كانت نتيجته، لأن دخول مراسلة لقناة فضائية بالإضافة إلى طاقم تصويرها إلى غرفة المداولة، أمر يفتح الباب للتلاعب في الأوراق والاطلاع على حيثيات الحكم قبل صدوره".

وكانت قائمة المتهمين قد ضمت أيضاً مساعدي العادلي وهم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي السابق اللواء أحمد رمزي، مدير مصلحة الأمن العام اللواء عدلي فايد، رئيس مباحث جهاز أمن الدولة المنحل اللواء حسن عبد الرحمن، مدير أمن القاهرة السابق اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن الجيزة السابق اللواء أسامة المراسي، ومدير أمن محافظة 6 أكتوبر اللواء عمر الفرماوي، بالإضافة إلى رجل الأعمال الهارب حسين سالم.

قاضيا مبارك

حوكم مبارك وبقية المتهمين في القضية مرتين، الأولى أمام محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت، والتي أصدرت حكماً بالسجن المؤبد على كل من مبارك والعادلي، وبرأت جميع القيادات الأمنية بالقضية، كما قضت بانقضاء الدعوى الجنائية بحق نجليه ورجل الأعمال حسين سالم، وذلك لمرور الفترة القانونية التي يمكن خلالها بإقامة الدعوى الجنائية ضدهم.

وأقيمت ضد المستشار أحمد رفعت صاحب حكم براءة القيادات الأمنية دعوى "رد ومخاصمة"، أمام الدائرة 62 في محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار فتح الله عكاشة. وأقام الدعوى محامي عدد من أسر الشهداء والمصابين المدعين بالحق المدني في القضية، يدعى عبد العزيز عامر، وذكر فيها أن المستشار رفعت انتدب مستشاراً من رئاسة الجمهورية.

كما قدمت حافظة مستندات تضم مستنداً بقرار جمهوري بتعيين عصام رفعت رئيس تحرير جريدة الأهرام الاقتصادي (شقيق المستشار أحمد رفعت)، وذلك ضمن تشكيل المجلس الأعلى لتسعير الخدمات بوزارة الطيران المدني والتي كان من ضمن أعضائها المعينين أيضاً، وبنفس القرار حسين سالم المتهم بنفس القضية.

وقدم أيضاً مستندات تدل على أن شقيق رفعت كان عضواً فاعلاً في لجنة السياسات في الحزب "الوطني" المنحل، وقد تقدم وقتها متضامناً معه المحامي ممدوح إسماعيل بصفته وكيلاً عن عدد من أسر شهداء ومصابي الثورة، بمذكرة لإرفاقها في الدعوى لتدعيم موقف رد القاضي ومخاصمته، والتي ذكرت أن القاضي رفعت أصدر عام 2005 حكماً ببراءة ستة من أعضاء "الحزب" الوطني المنحل ورموز الفساد، وهم من الأصدقاء المقربين لعصام رفعت شقيق المستشار رفعت، ومن زملائه في لجنة التسعير بوزارة الطيران المدني، مؤكداً أن من برأ هؤلاء بإمكانه أن يبرئ مبارك ونجليه وصديقه والعادلي ومساعديه الستة، إلا أن المحكمة رفضت دعوى الرد والمخاصمة.

كما يواجه رفعت اتهامات بالفساد المالي، إذ اتهم بالحصول على أراضٍ من جمعية وادي النطرون بالمخالفة للقانون، واتهمه البرلماني السابق حمدي الفخراني، صراحة بأنه حصل عليها مقابل إصدار حكمه السابق.

وأحيل رفعت إلى التقاعد لبلوغه سن المعاش، وغادر بعدها مصر ليهرب من الاتهامات الموجه إليه سواء بالرد أو المواجهة عليها.

أما قاضي جلسة أمس السبت فهو المستشار محمود كامل الرشيدي، يبلغ من العمر 62 عاماً، وتخرج من كلية الحقوق جامعة عين شمس عام 1974 بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف، واعتذر عن التعيين بالجامعة والتحق بالنيابة العامة في 28 من مايو/أيار عام 1975.

وعرف عن الرشيدي تعاطفه مع مبارك والمتهمين، وبكى حينما تحدث مبارك في الجلسة قبل الأخيرة، وله جملة شهيرة وهي أن "الرحمة فوق العدل"، كان يرددها للمخلوع مبارك حينما يأمر قوات الأمن بأكاديمية الشرطة بغلق أبواب قفص الاتهام، فيقول إنه إذا كان إغلاق الباب الخلفي سيؤثر على صحة مبارك فلا داعي لإغلاقه.

وكان يسمح لعلاء مبارك بالتريض داخل قفص الاتهام، ويطلب من جميع المتهمين إبداء أي طلبات أو شكاوى لهم لكي يستجيب إليهم في تعاطف كامل مع مبارك ونجليه وبقية المتهمين.

أهم محطات محاكمة مبارك

نحو 1300 يوم مضت على بدء محاكمة مبارك، تخللتها 100 جلسة محاكمة، من ضمنها قرابة 25 جلسة سرية. أولى الخطوات الفعلية للمحاكمة بدأت ببلاغات عدة قدمت للنائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود، عقب اندلاع الثورة مباشرة، وقبل حتى سقوط مبارك، تتهمه بقتل المتظاهرين، والفساد المالي، إلا أن النائب العام وقتها لم يكن ليفتح أي تحقيقات.

عقب سقوط مبارك في 11 فبراير/شباط 2011، بدأ الضغط من أجل محاكمته ومحاكمه رموز نظامه، ونُظمت المليونيات المطالبة بذلك، وإزاء هذا الضغط، بدأت أولى الخطوات الفعلية في 11 أبريل/نيسان 2011، إذ أصدر النائب العام وقتها أمراً بالقبض على مبارك ونجليه، وهو ما تم مساء نفس اليوم، في مدينة شرم الشيخ في شمال شرق مصر.

أعقب ذلك خطوات عدة، أبرزها في 13 أبريل/نيسان 2011، إذ قرر النائب العام حبس مبارك ونجليه والعادلي وبقية المتهمين 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات، ثم أمر بتجديد حبسهم بصورة متوالية على ذمة التحقيق. وفي 24 مايو/أيار 2011، قرر النائب العام إحالة مبارك وجميع المتهمين للمحاكمة الجنائية عن وقائع الاشتراك في قتل المتظاهرين، وارتكاب جرائم فساد مالي وإهدار المال العام والإضرار العمدي به خلال فترة حكمهم.

وفي 3 أغسطس/آب 2011، بدأت أولى جلسات محاكمة مبارك وبقية المتهمين في القضية، والتي استمرت نحو 50 جلسة، تم فيها سماع قيادات عسكرية وأمنية كبرى، في مقدمتهم وزير الدفاع السابق المشير محمد حسين طنطاوي، ورئيس الاستخبارات الراحل اللواء عمر سليمان، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق سامي عنان، وكان استدعاؤهم في 15 أغسطس/آب 2011، وجميع شهاداتهم صبّت في مصلحة مبارك والمتهمين.

أما في 2 يونيو/حزيران 2012، فكانت جلسة الحكم الأولى في القضية، وعقب الحكم طعن مبارك بالحكم، وحددت محكمة النقض جلسة 23 ديسمبر/كانون الأول 2012 للنظر بالطعن، وقضت في 13 يناير/كانون الثاني 2013، بقبول الطعن المقدم وإعادة محاكمة المتهمين من جديد أمام دائرة جديدة. كما قبلت المحكمة النقض المقدم من النيابة العامة، شكلاً وموضوعاً، وقررت إعادة محاكمة جميع المتهمين الحاصلين على البراءة في قضية قتل المتظاهرين.

وفي 11 مايو/أيار 2013، بدأت أولى جلسات إعادة محكمة مبارك وباقي المتهمين في القضية، وفي 14 أغسطس/آب الماضي، حجزت المحكمة القضية للحكم بجلسة أمس السبت 27 سبتمبر/أيلول الحالي، لتمنح المحكمة نفسها 43 يوماً للمداولة ودراسة ما جاء بمرافعة النيابة والدفاع وأقوال الشهود، والتي استمرت أيضاً قرابة 50 جلسة.

قائمة الاتهامات

وجّهت النيابة العامة إلى جميع المتهمين في القضية، تهم القتل العمد والشروع في قتل المتظاهرين السلميين في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، بالإضافة إلى استغلال النفوذ لدى السلطات العامة والإضرار العمدي بالمال العام والحصول على منافع وأرباح مالية لهم ولغيرهم بغير حق والذي يعتبر تسهيلاً للاستيلاء على أموال الدولة دون وجه حق.

وأسندت النيابة للمتهم الأول، أي الرئيس المخلوع، جريمة الاشتراك في قتل المتظاهرين وذلك عن طريق الاتفاق مع العادلي وبعض قيادات الشرطة المذكورين، في ارتكاب جرائم القتل العمدي مع سبق الإصرار المقترن بجرائم القتل والشروع في قتل المشاركين في التظاهرات السلمية بمختلف محافظات الجمهورية والتي بدأت اعتباراً من 25 يناير/كانون الثاني 2011 احتجاجاً على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد، والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحية مبارك عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه المتسبب في تردي هذه الأوضاع.

وأمام المطالبات آنذاك بتغيير نظام الحكم القائم، جاء التحريض لبعض ضباط وأفراد الشرطة على إطلاق الأعيرة النارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهسهم بالمركبات؛ لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على التفرق وإثنائهم عن مطالبهم بهدف استمرار مبارك في الحكم، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى من بين المتظاهرين.

كما أسندت النيابة لمبارك تهمة استغلال النفوذ لدى السلطات العامة بصفته رئيساً للجمهورية وأخذ لنفسه ولنجليه علاء وجمال مبارك عطايا ومنافع عبارة عن "قصر على مساحة كبيرة وأربع فيلات وملحقاتها في مدينة شرم الشيخ تصل قيمتها إلى 40 مليون جنيه" بأثمان صورية مقابل استغلال نفوذه الحقيقي لدى السلطات المختصة بأن مكّن المتهم رجل الأعمال، حسين سالم من الحصول على قرارات تخصيص وتملك مساحات من الأراضي بلغت ملايين الأمتار المملوكة للدولة في محافظة جنوب سيناء بالمناطق الأكثر تميزاً في مدينة شرم الشيخ السياحية.

وأسندت النيابة للمتهم حسين اتهامه بتقديم قصراً وأربع فيلات وملحقاتها في مدينة شرم الشيخ، للمتهم حسني مبارك ونجليه مقابل استغلال نفوذ الرئيس المخلوع في تخصيص مساحات شاسعة من الأراضي المتميزة لشركاته في مدينة شرم الشيخ.

وانتهت النيابة العامة في قرار إحالتها للمتهمين، بتوجيه اتهام لكل من علاء وجمال بقبولهما وأخذهما أربع فيلات تزيد قيمتها على 14 مليون جنيه في مدينة شرم الشيخ مع علمهما بأنها مقابل استغلال نفوذ والدهما المتهم الأول.

ذات صلة

الصورة
جواز سفر مصري - مصر (إكس)

مجتمع

أُحيل محامٍ مصري إلى المحاكمة الجنائية بتهمة تزوير محرّرات رسمية وجمع أموال من عائلات سوريّة في مصر، وذلك في مقابل إتمام إجراءات الجنسية المصرية المنتظرة
الصورة
الدرس انتهى لموا الكراريس

منوعات

أحيا مصريون وعرب على مواقع التواصل الذكرى الـ54 لمذبحة مدرسة بحر البقر التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي يوم 8 إبريل/نيسان عام 1970 في مدينة الحسينية.
الصورة
المؤرخ أيمن فؤاد سيد (العربي الجديد)

منوعات

في حواره مع " العربي الجديد"، يقول المؤرخ أيمن فؤاد سيد إنه لا يستريح ولا يستكين أمام الآراء الشائعة، يبحث في ما قد قتل بحثاً لينتهي إلى خلاصات جديدة
الصورة
مئات يترقبون انتشال المساعدات على شاطئ بحر غزة (محمد الحجار)

مجتمع

يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة ملاحقة المساعدات القليلة التي تصل إلى القطاع، وبعد أن كانوا يلاحقون الشاحنات، أصبحوا أيضاً يترقبون ما يصل عبر الإنزال الجوي.
المساهمون