يوميات بائع حلويات في المخيم
مع حلول شهر رمضان المبارك من كل عام، تنتشر العربات والبسطات التي تعرض الحلويات الرمضانية في أرجاء مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوبي لبنان، ولا سيما في الشارع التحتاني (الأسفل) للمخيم. لم يشهد هذا الشارع التوترات الأمنية التي شهدها الشارع الفوقاني التي وقعت في أوائل شهر أبريل/ نيسان الماضي. فالشارعان حالياً على نقيض كبير. اليوم، لا تستطيع أن تمرّ في الشارع الفوقاني إلاّ سيراً على قدميك، لأن أصحاب البيوت والمحلات التجارية التي تضرّرت خلال الاشتباكات الأخيرة يقطعون الطريق بالأتربة والردميات وبقايا الأثاث الذي احترق أو أصيب بالرصاص والقذائف. يلفّ الحزن والدمار هذا الشارع من بدايته حتى نهايته. أما وضع الشارع التحتاني فمختلف، إذ يعجّ بالباعة والبسطات من حلويات وعصائر على اختلاف أنواعها، وتنشط فيه حركة المارة والسيارات، مع ذلك تعكّر يومياته بعض الإشكالات اللفظية التي تقع فيه بين الحين والآخر.
يُعدّ بيع الحلويات الرمضانية على البسطات وكذلك على العربات المتنقلة، مهنة مؤقتة يمارسها أهل المخيم في شهر رمضان، خصوصاً مع ندرة فرص العمل بسبب الأوضاع الاقتصادية الخانقة. ويزداد الإقبال على شراء هذه الحلويات خلال هذا الشهر، لكن بنسب متفاوتة. بعد نهار الصيام يحتاج جسم الإنسان إلى تعويض ما خسره خلال فترة الصوم، ومن بينها السكريات.
محمد دبدوب، الفلسطيني النازح من مخيم اليرموك إلى مخيم عين الحلوة، واحد من هؤلاء الذين أقفلت في وجوههم فرص العمل. اختار الشاب العشريني أن يجد عملاً مؤقتاً، مثل غيره من الشبان، كي يتمكن من تأمين مصاريفه الخاصة ومصاريف أهله.
يقول دبدوب: "أعيش في مخيم عين الحلوة منذ خمس سنوات بعد أن نزحت مع أهلي بعد اشتداد المعارك في مخيم اليرموك. صحيح أن منزلنا هناك لم يتدمّر، بل لحقت به بعض الأضرار، لكننا لم نعد نستطيع العيش في اليرموك. لذلك نزحنا إلى عين الحلوة". ويتمنى دبدوب الذي يقف خلف بسطته يومياً خلال رمضان ليبيع الحلويات أن يترك المخيم إلى الأبد "فالمخيم ليس فيه أمن ولا أمان ولا استقرار". بين الفينة والأخرى تحصل اشتباكات، فيضطر وغيره من أصحاب البسطات إلى التوقف عن العمل، ما يكبّدهم الخسائر.
اقــرأ أيضاً
يتابع دبدوب أنّ "في سورية، كنت موظفاً في شركة للأجهزة الإلكترونية، وكان وضعي مستقراً إلى أن وقعت الحرب وقضت على أحلامي. عندما نزحنا إلى مخيم عين الحلوة استأجرنا منزلاً بمبلغ 200 دولار أميركي. وقد اضطررت إلى التنقل بين مهن بسيطة متعددة كي أتمكن من تسديد المبلغ. بعد ذلك، بقيت فترة طويلة من دون عمل، ولمّا يئست قررت أخيراً تأسيس بسطة حلويات في الشارع. بدأ مشروعي هذا قبل شهر رمضان المبارك بأسبوعين، وأرجو أن يستمر بعد انتهاء شهر الصيام".
ويخبر دبدوب أنه يشتري الحلويات التي يعرضها على بسطته من أحد سكان المخيم، قائلاً: "أشتري منه البضاعة التي أحتاجها يومياً. وبعد بيعها أسدّد لصاحب البضاعة ثمنها، وما يتبقى لي أساعد عائلتي من خلاله، وأدّخر بعضاً منه إن تمكنت من ذلك. فقد خطبت مؤخراً وأحتاج إلى ادخار مبلغ من المال كي أتمكن من الزواج". يضيف: "نعيش في المخيم، وقد مللنا من كل الأحداث التي تحصل فيه، إذ لا يمرّ يوم إلا ويقع إشكال أو اشتباك، وهذا يؤثّر سلباً علينا وعلى الاستقرار في المخيم وعلى الوضع ككل. بالإضافة إلى ذلك، نتعرّض إلى المضايقات في المخيم. فقد مُنِعت قبل فترة من وضع بسطتي أمام مكتب أحد القياديين الفلسطينيين، قبل أن أتمكّن من تسوية هذا الأمر في وقت لاحق".
يتباين حجم مبيعات دبدوب بين يومٍ وآخر، بحسب ما يقول. ففي أيام تكون المبيعات مرتفعة وفي أيام أخرى تكون منخفضة. لكنّه يحاول أن يجتهد في عمله بكل الأحوال، ويشدّد: "لا أريد أن أحتاج أحداً".
لماذا البقاء؟
يقول محمد: "لا أرغب بالعودة إلى سورية، وأتمنى أن أهاجر إلى أي بلد أوروبي، فهناك يحصل الإنسان على حقوقه الاجتماعية على الأقل. لا حقوق للمواطن الفلسطيني في هذه البلاد. في لبنان سواء تعلّم الشاب أو لم يتعلّم فالأمر سيان، فهو لن يجد عملاً بكل الأحوال. فلماذا البقاء؟ أتمنى أن أهاجر كي لا أظلّ رهينة للحروب والفقر".
اقــرأ أيضاً
يُعدّ بيع الحلويات الرمضانية على البسطات وكذلك على العربات المتنقلة، مهنة مؤقتة يمارسها أهل المخيم في شهر رمضان، خصوصاً مع ندرة فرص العمل بسبب الأوضاع الاقتصادية الخانقة. ويزداد الإقبال على شراء هذه الحلويات خلال هذا الشهر، لكن بنسب متفاوتة. بعد نهار الصيام يحتاج جسم الإنسان إلى تعويض ما خسره خلال فترة الصوم، ومن بينها السكريات.
محمد دبدوب، الفلسطيني النازح من مخيم اليرموك إلى مخيم عين الحلوة، واحد من هؤلاء الذين أقفلت في وجوههم فرص العمل. اختار الشاب العشريني أن يجد عملاً مؤقتاً، مثل غيره من الشبان، كي يتمكن من تأمين مصاريفه الخاصة ومصاريف أهله.
يقول دبدوب: "أعيش في مخيم عين الحلوة منذ خمس سنوات بعد أن نزحت مع أهلي بعد اشتداد المعارك في مخيم اليرموك. صحيح أن منزلنا هناك لم يتدمّر، بل لحقت به بعض الأضرار، لكننا لم نعد نستطيع العيش في اليرموك. لذلك نزحنا إلى عين الحلوة". ويتمنى دبدوب الذي يقف خلف بسطته يومياً خلال رمضان ليبيع الحلويات أن يترك المخيم إلى الأبد "فالمخيم ليس فيه أمن ولا أمان ولا استقرار". بين الفينة والأخرى تحصل اشتباكات، فيضطر وغيره من أصحاب البسطات إلى التوقف عن العمل، ما يكبّدهم الخسائر.
يتابع دبدوب أنّ "في سورية، كنت موظفاً في شركة للأجهزة الإلكترونية، وكان وضعي مستقراً إلى أن وقعت الحرب وقضت على أحلامي. عندما نزحنا إلى مخيم عين الحلوة استأجرنا منزلاً بمبلغ 200 دولار أميركي. وقد اضطررت إلى التنقل بين مهن بسيطة متعددة كي أتمكن من تسديد المبلغ. بعد ذلك، بقيت فترة طويلة من دون عمل، ولمّا يئست قررت أخيراً تأسيس بسطة حلويات في الشارع. بدأ مشروعي هذا قبل شهر رمضان المبارك بأسبوعين، وأرجو أن يستمر بعد انتهاء شهر الصيام".
ويخبر دبدوب أنه يشتري الحلويات التي يعرضها على بسطته من أحد سكان المخيم، قائلاً: "أشتري منه البضاعة التي أحتاجها يومياً. وبعد بيعها أسدّد لصاحب البضاعة ثمنها، وما يتبقى لي أساعد عائلتي من خلاله، وأدّخر بعضاً منه إن تمكنت من ذلك. فقد خطبت مؤخراً وأحتاج إلى ادخار مبلغ من المال كي أتمكن من الزواج". يضيف: "نعيش في المخيم، وقد مللنا من كل الأحداث التي تحصل فيه، إذ لا يمرّ يوم إلا ويقع إشكال أو اشتباك، وهذا يؤثّر سلباً علينا وعلى الاستقرار في المخيم وعلى الوضع ككل. بالإضافة إلى ذلك، نتعرّض إلى المضايقات في المخيم. فقد مُنِعت قبل فترة من وضع بسطتي أمام مكتب أحد القياديين الفلسطينيين، قبل أن أتمكّن من تسوية هذا الأمر في وقت لاحق".
يتباين حجم مبيعات دبدوب بين يومٍ وآخر، بحسب ما يقول. ففي أيام تكون المبيعات مرتفعة وفي أيام أخرى تكون منخفضة. لكنّه يحاول أن يجتهد في عمله بكل الأحوال، ويشدّد: "لا أريد أن أحتاج أحداً".
لماذا البقاء؟
يقول محمد: "لا أرغب بالعودة إلى سورية، وأتمنى أن أهاجر إلى أي بلد أوروبي، فهناك يحصل الإنسان على حقوقه الاجتماعية على الأقل. لا حقوق للمواطن الفلسطيني في هذه البلاد. في لبنان سواء تعلّم الشاب أو لم يتعلّم فالأمر سيان، فهو لن يجد عملاً بكل الأحوال. فلماذا البقاء؟ أتمنى أن أهاجر كي لا أظلّ رهينة للحروب والفقر".
المساهمون
المزيد في مجتمع