يوميات القهر في ليبيا تعززها فوضى السياسات

13 ابريل 2015
الفقر يتسع في ليبيا برغم بقاء الدعم (فرانس برس)
+ الخط -
"ثلث الدعم الرسمي يذهب للتهريب إلى الدول المجاورة"، بالإضافة إلى "عمليات فساد مالي كبيرة تشوب استيراد السلع المدعومة"، ذلك ما خلصت إليه دراسات ومتابعات من الأجهزة المختصة في ليبيا، ما أعاد إلى الواجهة بقوة الحديث عن سعي الحكومة إلى رفع الدعم عن السلع الغذائية والمحروقات.

ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية

وقد انطلق ذلك من حديث لمدير "صندوق موازنة الأسعار"، جمال الشيباني، الذي قال في أغسطس/آب من العام الماضي: "إن الحكومة الليبية المؤقتة قررت رفع الدعم عن ثلاث سلع أساسية من أصل 12 في نهاية العام، ورفع الدعم عن بقية السلع بشكل نهائي في الربع الأول من العام المقبل (أي الحالي)"، ولكن ذلك القرار لم يعمل به بعد.

الأرقام في ذلك الشأن مخيفة، ففي دعم المحروقات، شهدت قيمة الدعم للسلع والمحروقات في الميزانية العامة للدولة خلال العام الماضي ارتفاعا بنسبة 22.6%، لتصل إلى 13 مليار دينار (10.4 مليارات دولار). وذلك مقارنة بـ10.6 مليارات دينار (8.5 مليارات دولار) خلال العام ما قبل الماضي.

ويرى الباحث في السياسات الاقتصادية، طارق إبراهيم، أنه "يجب رفع الدعم عن المحروقات بشكل تدريجي، لحماية الاقتصاد الوطني. فهل يعقل أن ليتر البنزين يكلف الدولة الليبية نحو 1.25 دينار (دولار أميركي واحد)، بينما يباع بنحو 20 قرشاً (16 سنتاً)، ذلك فيما يبلغ استهلاك ليبيا من المنتجات النفطية نحو 85.9 مليون برميل في السنة، بكلفة ثمانية مليارات دينار". ويشير إبراهيم إلى وجوب "استبدال الدعم السلعي بالدعم النقدي للسيطرة على عملية تهريب السلع المدعومة إلى خارج البلاد، بما يحقق استفادة حقيقية للمواطنين الليبيين، والبالغ عددهم نحو 5.6 ملايين نسمة".

ويلفت إبراهيم إلى أن "أصغر برامج الدعم النقدي تتطلب بيانات تفصيلية عن الفقراء، وهو ما يعد معضلة في دولة نامية مثل ليبيا، التي لا تمتلك البنية المؤسساتية اللازمة لتشغيل نظام واسع للدعم النقدي، ولا تمتلك قواعد بيانات عن الفقراء قابلة للتحديث بشكل تلقائي.


فأي تغير يحدث على مستويات الأسعار، رفع الدعم أو مستويات الأجور، من دون سياسات مدروسة جيداً، سيكون له تأثير سلبي على النسبة الأعظم من السكان. وبالتالي على معدل الفقر". ويشير إلى أن "الدعم السلعي يوزع على 9 ملايين نسمة، أي أن هناك نحو 3 ملايين نسمة يحصلون على دعم زائد. فالمحروقات التي يصل دعمها إلى 8 مليارات دينار يذهب جزء كبير منها للتهريب".

ويشير الأستاذ الجامعي، مازن رمضان، إلى أن ربع كلفة الدعم تصرف على المواد الغذائية، أما باقي المبلغ فتدعم به المحروقات "وهذا الشيء لا يفيد المواطن، وكثير من المواطنين لا يملكون سيارة، وحتى إن كانوا يملكونها فإن صرفهم للمحروقات قليل مقارنة بالسلع الغذائية". ويرى أن تحول الدعم إلى نقد هو "مطلب رجال الأعمال، وليس مطلب صندوق النقد الدولي، وذلك كي تكون الاستفادة أكبر، خصوصا أنهم يحتاجون إلى الأموال، وبعد ذلك يتصرفون في البضاعة التي تجلب إليهم. اقتصادياً هذا لا يخدم الدولة، وتأثير ذلك سلبي على المواطن الفقير".

ليلى محمد، ربة بيت من سكان طرابلس، تعبر عن تأييدها لرفع الدعم وتعويضه برفع المرتبات، أو علاوة الأطفال، أو أي علاوة أخرى. لأن وجود الدعم يعني أن الدولة تدعم سلعتها على الجميع، سواء كانوا من الليبيين الفقراء أو الأثرياء أو الأجانب المقيمين. فالأجانب يستفيدون من رخص سعر البنزين وبعض السلع التموينية. وتلفت محمد إلى وجود ليبيين كثر لا يملكون سيارة، نجدهم يستقلون الباصات أو سيارات الأجرة، وربما لو أُعطوا مالاً بدل دعم المحروقات على هيئة زيادة على الراتب، فهذا مفيد لهم، كون رخص البنزين لا يعني لهم شيئاً. كثيرون يشاطرون محمد رأيها، إلا أنه بين رفع الدعم والإبقاء عليه لا تزال توضع الدراسات وتصدر القرارات، من دون تطبيق على أرض الواقع.

إقرأ أيضا: ثقافة "العيب" تضرب الاقتصاد الأردني
المساهمون