يسار فلسطيني يهلل لإبادة حلب... ويثير الاستياء

18 ديسمبر 2016
نظمت فعاليات تضامنية مع حلب في غزة(عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

بينما كانت جريمة تهجير أهالي حلب تبثّ على الهواء مباشرة، خرجت مواقف فلسطينية واضحة ترفض ما تتعرض له المدينة، بما في ذلك موقف حركة "حماس" الذي عبر عنه بيان رسمي صدر عن الحركة، وتصريحات لقياديها خليل الحية في مهرجان انطلاقة الحركة المركزي بمدينة غزة، الذي دعا لوقف المجازر والقتل في حلب وسورية عموماً. ونظمت حركة "حماس" وجمعيات أهلية ونسوية وقفات تضامن على مدار الأيام الثلاثة الماضية انتصاراً لحلب وأطفالها ونسائها في مواجهة التهجير الذي يعيشونه، ورفع مسلحون من كتائب القسام شعارات "حلب تباد" و"النصرة لحلب" في مسيرات عسكرية نظمت تزامناً مع ذكرى انطلاقة الحركة.

كما تناقلت مواقع إخبارية فلسطينية قبل أيام تصريحات لعضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي، محمد الهندي، ندد فيها بما تتعرض له مدينة حلب بقوله إن "حقوق الإنسان والقانون الدولي يلفظ أنفاسه في حلب". ووصف العالم كله الذي يشاهد الحرائق ومذابح الأطفال في حلب بأنه "بلا ضمير"، فيما "الدول الظالمة تجبي ثمن صراعها ومصالحها من دماء أهل حلب المحاصرة". واعتبر الهندي أن "كل الأكاذيب والترهات التي يتشدق بها الظلمة وأبواقهم تتساقط على مشارف حلب".



في المقابل، لم تجد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومعها يساريون فلسطينيون آخرون حرجاً من الانحياز إلى النظام السوري. واعتبرت الجبهة أنّ استعادة النظام للمدينة بمثابة "انتصار كبير". وذهبت الشعبية إلى حد القول إنّ استعادة حلب (من سكانها) "بداية انكفاء للمشروع المعادي لأمتنا العربية وافشال المخطط الامبريالي الصهيوني الرجعي".
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، ينقسم الفلسطينيون بين موقف مندد وآخر مرحب لما جرى في حلب، فيما كان لافتاً أن أكثر "المهللين" لتهجير سكان حلب، يساريون قدامى ويساريون منظمون في الفصائل، ومقربون من إيران.

يبرر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، كايد الغول، في حديث مع "العربي الجديد"، موقف الجبهة بالقول إنه يأتي في إطار "تأييد سورية واعتبار ما يجري في حلب وغيرها من المدن جزءا من مخطط معادٍ يستهدف تفتيت الدولة السورية كما هو الحال في العراق وغيرها من الدول العربية"، على حد وصفه.
ويشير الغول إلى أنّ ما سمّاه "الانتصار على قوى الإرهاب المعادية في حلب وغيرها من المدن في سورية هو خطوة باتجاه هزيمة الإرهاب الذي يستهدف سورية كوطن يهدف من خلاله إلى العمل على إضعاف كل الحالة العربية ككل"، على حد قوله.

من جهته، يقول مدير مركز أبحاث المستقبل في غزة، إبراهيم المدهون، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "موقف الجبهة الشعبية جاء منسجماً مع تحالفاتها المرتبطة بالنظام السوري وإيران وحزب الله اللبناني المعلن منذ بداية الأزمة السورية"، على الرغم من كون موقفها صادماً ومغايراً لموقف أغلب الشعب الفلسطيني. ويشير إلى أن "موقف الشعب الفلسطيني المتعاطف مع الشعب السوري جاء في إطار اعتباره ما يجري في حلب انتكاسة جديدة تتعرض لها الأمة العربية".
أما الكاتب والمحلل السياسي، تيسير محيسن، فيقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "موقف الجبهة يعتبر موقفاً سياسياً لا يوجد به أي درجة من درجات الإنسانية، وحتى الرؤية المستقبلية لواقع الجغرافية العربية، التي لا تنسجم مواقفها مع المزاج العربي العام". ويعتبر "أن المواقف تجاه ما يجري كان ينبغي ألا تتماهي مع التوجهات السياسية لنظم سياسية بعينها ولا يجب أن يؤيد نظام أو يدان بهذه الطريقة التي جرت بل يجب النظر إلى الفعل نفسه في ظل حالة الرفض الشعبي لما يجري في سورية".
ويؤكد محيسن أن موقف الجبهة الشعبية يأتي في إطار الحسابات السياسية التي تدخل في الحسابات البحتة بعيداً عن المبادئ، ويأتي في ظل حاجتها لإنتاج مواقف من أجل إيجاد حلفاء في ظل حالة التراجع المحلي لها.
ويرجع محيسن موقف الجبهة الأخير إلى أنها تبحث عن تقاطع مع روسيا الحليف الأبرز للنظام السوري في أزمته أخيراً والذي يتقاطع فكرياً مع ذات الأفكار والمبادئ التي تحملها على أمل فتح مجال للعلاقات معها، وتتبنى روسيا دعم مثل هذه الفصائل والأحزاب. ولا يستبعد أن يؤثر الموقف الأخير للجبهة عليها محلياً.

المساهمون