وهم خفض الأسعار

27 سبتمبر 2016
يجب أن ننسى وعود خفض الأسعار (العربي الجديد)
+ الخط -

 

لو أرادت حكومة ما خفض أسعار السلع والخدمات داخل أسواقها فعليها باتخاذ عدة إجراءات وخطوات على أرض الواقع، منها ما يتعلق بزيادة الإنتاج وتشديد الرقابة على الأسواق مع زيادة المعروض من السلع داخلها، ومنها ما يتعلق باستقرار سوق الصرف وسعر العملة المحلية وتدبير التمويل المصرفي للسلع المستوردة التي لا يوجد لها بديل محلي، ومنها ما يتعلق بتكلفة السلعة نفسها سواء المنتجة محليا أو المستوردة، هكذا يقول الواقع وكتب الاقتصاد.

هذا يعني أنه لا يمكن الحديث عن خفض الأسعار في ظل التراجع المستمر في قيمة العملة الوطنية أمام العملات الرئيسية مثل الدولار واليورو والجنيه الإسترليني خاصة إذا ما كانت هذه الدولة تستورد الجزء الأكبر من احتياجاتها الغذائية من الخارج مثل حالات مصر والجزائر وليبيا مثلاً.

وبالتالي لا يمكن خفض سعر السلع في مصر والدولار يواصل قفزاته ليصل اليوم الثلاثاء إلى 13.10 جنيها في السوق السوداء وهي قفزة لم يصل لها من قبل.

ولا يمكن كذلك خفض الأسعار مع زيادة الأعباء المالية الملقاه على دورة عملية الاستيراد مثل فرض مزيد من الجمارك والرسوم الأخرى على السلع المستوردة، ورفع تكلفة الشحن والنقل وأسعار المشتقات البترولية مثل البنزين والسولار، وزيادة مخاطر السداد والتأمين ضد السلعة المستوردة، فكلما تحمل المستورد تكلفة أعلى كلما باع سلعته بسعر أعلى والعكس.

ولا يمكن لتاجر أن يخفض سعر سلعة مستوردة وهو يعاني صعوبات شديدة في تدبير النقد الأجنبي اللازم لفتح الاعتمادات المستندية، أو ترفض البنوك منحه تمويلا لوارداته، أو يشتري الدولار من السوق السوداء بسعر مرتفع وزيد كثيراً عن السعر الرسمي.

ولا يمكن لحكومة أن تتحدث عن خفض في الأسعار وفي المقابل ترفع قيمة الضرائب بشكل مستمر، بل وتسن قانوناً يتم بموجبه فرض ضريبة قيمة مضافة على الصناعة والتجارة بل وعلى المستوردين والمستهلكين.

ولا يمكن لدولة التحكم في أسعار سلعة وهناك تجار محتكرون لها، ويوجد ضعف حكومي في تطبيق القوانين المتعلقة بحماية المستهلك ومقاومة الاحتكارات، ويزيد الوضع سوءاً عندما نتحدث عن سلعة يحتكر استيرادها ثلاثة تجار فقط.

ولا يمكن لحكومة ضبط الأسعار وهي تهمل قطاعات حيوية في الاقتصاد مثل الزراعة والصناعة والصادرات وتخفض بشكل مستمر الدعم المالي المخصص لها.

ولا يمكن مواجهة سرطان زيادة الأسعار الذي يلهب جيوب المواطنين ولا يوجد في المقابل تحسن في دخول الأفراد وزيادة لقدرتهم الشرائية.

والأهم من ذلك أنه لا يمكن الحديث عن خفض أسعار دون زيادة الإنتاج المحلي وخفض تكلفة إنتاج السلعة المستوردة وتوفير أيد عاملة محترفة ودعم الصناعات المغذية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

السؤال: هل تتوافر لمصر العناصر التي تدعم خطة خفض الأسعار؟

لا أظن، ولذا يجب أن ننسى وعود خفض الأسعار حتى وإن جاءت على لسان أهم مسؤول في الدولة، أو تكررت 4 مرات على لسان السيسي وفي مناسبات مختلفة.



المساهمون