كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" عن وجود وساطة تقودها جهة تونسية غير رسمية لإطلاق سراح معتقلين من نظام العقيد الراحل معمّر القذافي في السجون الليبية. وأضافت أن "الوسيط التونسي، هو جهة حزبية، بدأ مساعيه بعدما أقنعته أطراف ليبية من حساسيات مختلفة بالتدخل ومحاولة رأب الصدع والتقريب بين مختلف وجهات النظر، في هذه الفترة البالغة الدقة التي تمرّ بها ليبيا عموماً، والعاصمة طرابلس خصوصاً، التي تشهد في الأسابيع الاخيرة تصاعداً لأعمال العنف، وتغييرات في موازين القوى".
ولفتت المصادر إلى أن "هذا الوسيط التونسي يعمل على إقناع جهات ليبية، لم يسمّها، لإطلاق سراح النساء المعتقلات في السجون الليبية، وهنّ في الغالب من المحسوبات على النظام السابق، ما قد يشكّل، إشارة مهمة جداً يمكن أن تسهم في تقليص الهوّة العميقة التي تفصل بين رموز هذا النظام والسلطات الليبية الحالية، وتُشكّل خطوة مهمة في مسار المصالحة الليبية الشاملة، التي أصبحت تدعو لها أكثر من جهة في ليبيا". وأضافت أن "لهذه الخطوة رمزية كبيرة بحكم حساسية موضوع المرأة في ليبيا، وانزعاج عائلات وقبائل المعتقلات من استمرار سجنهن طيلة هذه المدة".
وأشارت المصادر إلى أن "اجتماعات متتالية جمعت بين هذه الجهة الحزبية التونسية، وعدد من القيادات السابقة لنظام القذافي من جهة، وكذلك مع مسؤولين حاليين وشخصيات حزبية وقبلية ليبية من جهة أخرى". وأشارت إلى أن "النقاشات شملت أيضاً موضوع إطلاق شخصية رمزية من نظام القذافي، تقلّدت مسؤوليات أمنية بارزة في السابق"، معتبرة أنها "خطوة أخرى من مساعي المصالحة والتقارب بين رموز النظام الليبي السابق والجهات الليبية الحالية".
كما أكدت المصادر أن "موضوع التحاور مع مسؤولي القذافي لم يعد محرّماً أو سرياً، وأن محاولات كثيرة في أكثر من عاصمة عربية جرت من أجل بداية العمل على قضية المصالحة الشاملة الليبية وجمع كل الأطراف الليبية المتناحرة منذ سنوات، من دون أن يتوصل أحدها لفرض سيطرته بالكامل على الأرض في ليبيا. وهو ما يستدعي حلاً مختلفاً عن تغذية الصراعات، والعمل على جمع الفرقاء الليبيين في قاعة واحدة، وهو الحل الوحيد المتبقي عربياً لإنقاذ ليبيا من وضعها المتردي، وتفادي التدخلات الأجنبية أو التقليص منها على الأقل".
وعلى الرغم من أن هذا الحل يصطدم بأجندات ومصالح مختلفة، إلا أن المصدر لفت إلى أن "هناك مناخاً ملائماً في هذه الفترة للدخول على خط إحياء المشاورات السياسية في ليبيا من جديد، بعد اقتناع معظم الأطراف الليبية بأن الملف الليبي وصل إلى مأزق حقيقي، وأن التقاتل لم يفضِ إلى نتيجة، ما يستوجب العودة للحوارات السياسية".
في سياق اتفاق الصخيرات، أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر أن "الاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات (في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015) سيظل هو المرجعية الوحيدة"، لافتاً إلى أن "كل الأطراف الليبية تدرك أهمية هذا الطرح، مبدية استعدادها لقبول التعديلات حفاظاً على ما جرى إنجازه". ونفى أن "تكون هناك ترتيبات أو إجراءات لتغيير رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج".
وأضاف كوبلر في تصريحات صحافية، أمس السبت، أن "مسألة تشكيل وهيكلة المجلس الرئاسي أمر وارد ومطروح للمناقشة"، مشيراً إلى أن "هناك صيغا مختلفة في هذا الأمر، خصوصاً صيغة رئيس للمجلس ونائبين، ربما تكون الأقرب ويتبناها بعض الأطراف، وإن كان الأمر لم يتحدد بعد، ومتروك لليبيين أن يقرروا بأنفسهم". وأشار المبعوث الأممي، إلى أنه "لا توجد تحفظات على عناصر نظام القذافي، ومن الممكن أن يكون هناك عناصر منه ضمن التركيبة الجديدة لمجلس الدولة والمجلس الرئاسي، طالما لم يكن هناك عوائق قانونية".