ورطة الاقتصاد الإيطالي... القروض الرديئة تفتك بالمصارف

27 يونيو 2017
المشاكل تعصف في القطاع المصرفي الإيطالي (Getty)
+ الخط -
يعيش الاقتصاد الإيطالي مرحلة دقيقة جداً، مع ارتفاع حدة الأزمات التي تطاول القطاع المصرفي وفشله من انتشال نفسه من الخسائر، بالإضافة إلى استمرار الركود الذي انعكس ارتفاعات مذهلة في معدلات الفقر والبطالة بين المواطنين.
وبدأ التدهور الإيطالي يتبلور ويزداد تعقيداً منذ انتهاء الأزمة المالية العالمية، حينها وقع القطاع المصرفي الإيطالي تحت قروض رديئة وصلت قيمتها إلى 356 مليار يورو، وقد امتنعت إيطاليا عن التدخل في خطط إنقاذية للمصارف، ما أدى إلى تراكم المشكلة، واستفحالها خصوصاً مع فشل المصارف المأزومة في خططها لحذف أو الخفض من قيمة القروض الرديئة.
واليوم يواجه نحو 3900 موظف احتمال صرفهم طوعياً و600 فرع لمصرفين إيطاليين إمكانية الإغلاق، في حال سارت الحكومة الإيطالية في عملية بيع الأصول الجيدة في مصرفي "فينيتو بنكا" و"بنكا بوبولاري دي فيتشنزا"، إلى مجموعة أنيتسا سانباولو، أحد أكبر البنوك الإيطالية، مقابل سعر رمزي يبلغ يورو واحداً، على أن تقوم الحكومة بنقل القروض المتعثرة أو غير المسددة، إلى "بنك متعثر".
والأصول الجيدة التي ستنتقل إلى أنيتسا تمثل قوة عاملة من 9960 موظفاً في إيطاليا و880 في الخارج، إضافة إلى 960 فرعاً مصرفياً، وفق تقرير "فرانس برس". وفي حال نجاح التدخل الحكومي، سيتم إغلاق نحو 600 فرع من الشبكة الجديدة لبنك أنيتسا وسيعرض على 3900 شخص الصرف الطوعي مع تعويضات، بحسب البنك. وبموجب خطة الإنقاذ تدفع الحكومة خمسة مليارات يورو إلى أنيتسا لتسديد كلفة دمج المصرفين وإعادة هيكلتهما وصرف الموظفين.
وتعتبر إيطاليا ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، ووقعت في العام 2013 في أطول فترة ركود لها خلال عشرين سنة. وذلك، بعدما تعمّقت أزمة إيطاليا في العام 2011، حين غرقت في دين يصل إلى 120% من الناتج المحلي مع معدل نمو سلبي وأرقام بطالة مرتفعة، وفق وكالة "يورو نيوز". وكانت الحكومة الإيطالية تعتزم في نهاية العام الماضي ضخ 15 مليار يورو في مونتي دي باشي دي سيينا ومصارف أخرى معتلة، مع مضي ثالث أكبر مصارف البلاد قدما في خطة إنقاذ ذاتي.
وعلى الرغم من استمرار الأزمة، والمخاوف المتصاعدة من امتدادها إلى مصارف أخرى في إيطاليا، قال صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، إن اقتصاد إيطاليا سينمو بنسبة 1.3% هذا العام رافعا بذلك توقعاته السابقة البالغة 0.8%، بفضل انتعاش أوسع لمنطقة اليورو وسياسات مالية ونقدية داعمة. لكن الصندوق قال في تقرير في أعقاب اجتماع مع السلطات الإيطالية إن النمو سيتباطأ إلى حوالى 1% في الفترة من 2018 إلى 2020. وجدد دعواته المتكررة لروما إلى تبني إصلاحات هيكلية عاجلة.
ويأتي رفع صندوق النقد لتوقعاته للنمو في إيطاليا للعام الحالي في أعقاب أداء أقوى من المتوقع للاقتصاد في الربع الأول، الذي نما فيه 0.4% مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة. وفي ما يتعلق بالمالية العامة وصف صندوق النقد الهدف الرسمي لإيطاليا، لخفض العجز في الميزانية إلى 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، بأنه "مناسب" رغم أن الحكومة اقترحت مؤخراً جعل الهدف أقل طموحاً.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني الإيطالي في تموز/ يوليو من العام الماضي، أن عدد الذين يعيشون في فقر في إيطاليا بلغ أعلى مستوى في عشر سنوات، إذ طال "الفقر المدقع" 4.6 ملايين شخص أي 7.6% من عدد السكان.
ويعرف مكتب الإحصاءات الفقر المدقع بأنه حالة من لا يستطيعون شراء البضائع والخدمات "الضرورية لتجنب الأشكال الخطيرة من الإقصاء الاجتماعي".
وفي جنوب إيطاليا الأقل تنمية يعيش 10% من السكان في فقر مدقع، مقارنة مع 6.7% في الشمال. وتدهورت أوضاع العمال والعاطلين فأصبحت نسبة 6.1% من الأسر تعيش في فقر، رغم أن أحد أفرادها على الأقل يعمل. وترتفع النسبة إلى 11.7% إذا كان عائل الأسرة عاملاً في مصنع.
وقال مكتب الإحصاءات إن أعداد الإيطاليين الذين يعيشون في "فقر نسبي"، أي الذين يقل دخلهم القابل للإنفاق عن نحو نصف المتوسط على مستوى الدولة، ارتفعت أيضاً إلى 8.3 ملايين شخص أي 13.7% من السكان. وبلغ عجز الخزانة الإيطالية 30.1 مليار يورو في الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي.
وكان الاقتصادي جوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل، قد توقع في نهاية 2016، خروج إيطاليا ودول أخرى من منطقة اليورو في السنوات المقبلة. وألقى باللوم على العملة الموحدة وسياسات التقشف الألمانية في المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها أوروبا. ونقلت صحيفة "دي فيلت" عن ستيغليتز قوله إن أوروبا تفتقر إلى الحسم، للقيام بإصلاحات ضرورية مثل إنشاء اتحاد مصرفي يشمل ضمانات مشتركة للودائع المصرفية، وتفتقر إلى التضامن عبر الحدود.
ونسبت إليه الصحيفة القول "ستظل منطقة اليورو قائمة بعد عشر سنوات لكن السؤال كيف ستكون؟ من المستبعد للغاية أن تظل مكونة من 19 عضواً. من الصعب التكهن بمن سيبقى فيها".
ويرى محللون اقتصاديون أن خطط إعادة رسملة 8 مصارف إيطالية قد تفشل، مما يهدد ثقة المستثمرين في الاقتصاد الإيطالي. وتقدر صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية حجم السيولة التي تحتاجها المصارف الإيطالية، لاجتياز الأزمة الكبيرة التي تعانيها بحوالى 40 مليار يورو أي ما يوازي 45 مليار دولار.
(العربي الجديد)
المساهمون