وجوه الدنيا .. كتاب

20 اغسطس 2015
+ الخط -
بين دفتي السماء والأرض.. وجوه الناس صفحات.. لكتاب سُمي الدنيا، ولدنا كصفحات وفي أذيالنا رقم لا نراه، ويقرأه غيرنا، بعضنا ليقرأ يُقلّب بأصبعين رطبين، وبعضنا تتمزق أطراف وجه صفحته عند القراءة..


وقليلون تصور وجوههم لتخلد كلمات صفحاتهم.. هذه الصفحة تشكو من شخابيط أكلت نَصها، وأخرى تدعي أن كلماتها من بنات عقلها خالصة لها ولم تذكرها أي الصفحات.. وادعت بعض صفحاتنا وجود كتب أخرى تعيش في عوالم أخرى وفيها من الصفحات العجب العجاب، لا أحد يعلم كم من الصفحات لكتابنا الذي نعيشه إلا من ألفه.

للنصوص عيون تقرأنا كما نقرأها، والشفاه تقرأ في الصفحة التالية ثم التالية.. بعضنا صفحته دون فواصل أو نقاط، وبعضنا يرُص الكلمات رصاً بالحركات، أمل الصفحات لا ينتهي بمساحة أكبر، وبعضنا تعجبه المساحات الفارغة، لم يكتب في صفحته سوى كلمتين، وبعضنا كتب سطراً واحداً، ووضع نقطة معلناً ختام أيامه.

أُقلِّب وأقلب وفي الوجوه أحرف كتبت بالدم لتستفز عينيك بأحمرها.. كم منا قد مُزقت صفحته وهي تُتَصفَح بقسوة، نمر على كلمات باللامبالاة، أو نظلمها بالحكم المسبق بأمر صاحبة الجلالة الصفحة الأولى بعد المئة.. متسترة بقربها من سماء الغلاف، بعد السطر الرابع من الصفحة الأربعين نزلت دمعه من "ع" نفضت حبر النصوص، ونزلت بخط مستقيم لتستقر آخر الصفحة بجانب الرقم، قال البعض إن الدمعة شوهت قراءة أسطر وجه الصفحة، إلا أن البعض أقسم أنها زادتها جمالاً، وتكلمت عنها طويلاً باق صفحات الكتاب.

وبعد الألف.. صفحات شقراء تتراقص كلماتها فرحاً بكل شيء، تعقبها أخرى ممزقة، تفسد تراتب الكتاب وايقاع القراءة، ولكنها سُنة ما بعد الألف، وأفتح مسرعاً آخر الصفحات وقد كتبت بخط صامت منمق تشبه أحرفه بعضها بعضاً بلا روح، تنظر لي كلماته التي لن تقول لك إلا معلومات واضحة، ما أكبر الفرق في الروح بين الصفحات الأولى وما أرى من حروف مطبوعة اليوم .. بعد الألف.

الفهرس مخلص للكل كما الأم، يضع الأسماء بجانب الأرقام، ويحفظ للكل ذكراه برقمه، وبعضاً من أثره أمام الكل، وتناقلت بعض الصفحات أن من يتجاوز الفهرس ينتقل للخلود خارج دفتي هذا الكتاب، سيقرأ للحياة عنوان.. ويستمر فضول الصفحات في البحث لهذه الدنيا عن عنوان. 
كنت قد نسيتها.. رجعت للمقدمة فكانت كلاماً للرب بالخط العربي الأصيل طمأنني أن القلوب بين النصوص كما كل الكتاب.. محفوظة بيده.

(فلسطين)
المساهمون