هل يؤثر الاتفاق النووي على أسعار النفط؟

27 يوليو 2015
من اليمين مراد الحطاب وباسم جميل أنطوان (العربي الجديد)
+ الخط -

مباشرة بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني، قررت الشركات النفطية الإيرانية زيادة إنتاجها اليومي، مما سيرفع من الفائض العالمي. فهل يؤثر القرار على أسعار النفط سلباً؟

باسم أنطوان: أزمة أسعار النفط ستستمر

يرى المحلل الاقتصادي العراقي باسم جميل أنطوان، أن الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الغربية سينعكس بشكل سلبي على أسعار النفط العالمية، ويؤكد على أن الأسعار في المدى القريب والمتوسط لن تشهد أي ارتفاع نظراً للفائض في الإنتاج، الذي سوف يرتفع مع رفع الحصار الاقتصادي والعقوبات على إيران.

ويفسر باسم جميل أنطوان وجهة نظره لـ"العربي الجديد"، بالقول: "إن إيران كانت تساهم قبل فرض العقوبات عليها بمليونين وستة آلاف برميل نفط من الإنتاج داخل منظمة الأوبك، لتنخفض المساهمة مع إقرار العقوبات عليها إلى مليون وربع المليون برميل، لكن الأكيد أن إيران ستعمل على استرجاع حصتها من الإنتاج، وذلك ما سيدفع الفائض المسجل أساساً في الأسواق العالمية إلى الارتفاع، ما سيجعل سعر برميل النفط متأرجحاً بين الحفاظ على قيمته الحالية أو أقل منها".

ويضيف المحلل الاقتصادي العراقي أن أولى بوادر استمرار أزمة أسعار النفط العالمية ظهرت عندما سجل سعر البرميل انخفاضاً بما بين دولار ودولارين عقب توقيع الاتفاق النووي الإيراني.

وعن إمكانية طرح توافقات اقتصادية داخل منظمة الأوبك من أجل الحد من التراجع الحاد لأسعار النفط، يوضح المتحدث ذاته أن هذه المسألة تحكمها التوجهات والقناعات السياسية الراسخة عند جميع الأطراف، خاصة عند الفريقين العربي من جهة والإيراني من جهة أخرى. ويستبعد باسم جميل أنطوان أن تكون هناك توافقات اقتصادية بهذا الشأن في المدى القريب، وما يؤكد ذلك، بحسبه، ردود الفعل العربية القلقة من مضمون الاتفاق النووي الإيراني. قبل أن يستدرك إمكانية الوصول إلى اتفاقات مبدئية فقط، في حال تقديم جميع الأطراف لتنازلات سياسية حقيقية في منطقة الشرق الأوسط.

وما يعزز وجهة نظر المحلل الاقتصادي العراقي، حسب قوله، تعويل دول مجلس التعاون الخليجي على مدخراتها المالية العالية، ولجوئها إلى الصناديق السيادية التي تدعم اقتصاداتها وتوازناتها المالية في حال حدوث أزمات مشابهة. ويشدد باسم جميل أنطوان على أن الدول العربية خارج منطقة الخليج العربي، هي التي يمكن أن تلعب دور الضغط على الدول الخليجية من أجل مصلحة عربية مشتركة لحماية مصادر التمويل الطاقية لها.

وعن هذه الدول التي قد تدفع بالبحث عن توافقات لصالح أسعار النفط عالمياً، وضع باسم جميل أنطوان في حديثه لـ"العربي الجديد"، الدولة العراقية على رأس اللائحة والتي تحتاج الدعم العربي لمواجهة تبعات "مواجهة الإرهاب" فوق أراضيها، والتي تكلفها، على حد قول المتحدث ذاته، 10 ملايين دولار سنوياً، تصرف على مختلف القطاعات الحربية، بالإضافة إلى إكراهات رعاية اللاجئين والنازحين داخلياً، حيث وصل عدد الفئة الأخيرة إلى 3 ملايين نازح.

أما الدولة الثانية على قائمة الدول العربية المتضررة من قرار رفع الشركات الإيرانية لإنتاجها اليومي من النفط، فهي الجزائر، حسبما يورد المحلل الاقتصادي العراقي باسم جميل أنطوان، إذ يؤكد أن الاقتصاد الجزائري مرتبط بعائدات النفط بنسبة تكاد تلامس الـ90%، ووصلت إلى مرحلة أعلنت معها حالة الاستنفار لإنقاذ اقتصادها من تبعات انخفاض أسعار النفط العالمية.

ويختم المحلل الاقتصادي العراقي باسم جميل أنطوان حديثه لـ"العربي الجديد"، بالقول: "سوف تبحث إيران بعد مصادقة مجلس الأمن على الاتفاق النووي الذي وقع بينها وبين الدول الغربية الست، عن جميع الفرص الاقتصادية الممكنة لاستعادة عافيتها، ومن بينها غزو مختلف الأسواق بما تنتجه إيران، وأساساً منتوجاتها النفطية، لاستعادة موقعها الدولي، وذلك ما يفسر أن قرار الرفع من إنتاج الشركات النفطية الإيرانية، كان من بين أول القرارات الاقتصادية بعد توقيع الاتفاق".

اقرأ أيضا: هل يؤثر الاتفاق النووي سلباً على الاقتصادات العربية؟

مراد الحطاب: القدرات الإيرانية محدودة

يعتبر الخبير في المخاطر الاقتصادية، مراد الحطاب، أن مسألة تقييم وتقدير توجهات أسعار النفط في الأسواق العالمية على المديين المتوسط والبعيد، مسألة معقدة وصعبة. لذلك لا يمكن القول إن الاتفاق النووي الإيراني، وما عقبه من قرار رفع إنتاجية الشركات الإيرانية من براميل النفط، قد يؤثران سلباً أو إيجاباً على الأسعار العالمية للذهب الأسود.

ويشدد الخبير الاقتصادي التونسي، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، على أن حجم قوة الإنتاجية النفطية الإيرانية ليست بالقوة التي يسوق لها، أو الإمكانيات التي يمكن من خلالها "زعزعة" الأسواق، أو احتلال حيز مهم منها. ويضيف، أن التوقعات بهذا الشأن مبالغ فيها إلى حد ما، لأن القيمة التي وصلت إليها أسعار النفط اليوم، يتجاوز تحديدها من منطلق المصالح الاقتصادية، بل أصبحت مسألة نفوذ سياسي، ومحاور متحالفة في منطقة الشرق الأوسط.

ويرى الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، أن تأثير تحرر إيران الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بإنتاج النفط وتسويقه خارجها، سوف يؤثر بالدرجة الأولى على منطقة وسط آسيا وعمقها، وصولاً إلى دول آسيا الشرقية المرتبطة سياسياً واقتصادياً بروسيا الاتحادية. ويوضح في معرض حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الدولة التي يمكن أن تتضرر اقتصادياُ وسياسياً كذلك من تبعات الاتفاق النووي الإيراني هي تركيا، لأنها كانت تستغل الحصار المضروب على الاقتصاد الإيراني، وتكبيل المجتمع الدولي لحركته التجارية، وهو الأمر الذي لم يعد ممكناً اليوم، ما سيمنح إيران إمكانية منافسة تركيا على أسواق كانت غير متاحة خلال فترة الحصار.

ويؤكد مراد الحطاب، أن القدرات النفطية العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تفوق قدرات الشركات النفطية الإيرانية من حيث الإنتاج والتسويق. كذا تتوفر الشركات على عقود ربحتها في العديد من المناطق خلال السنوات الماضية. ويشدد على أن توجهات أسعار النفط هي رهن قرار الدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية، التي يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في إقرار خفض الإنتاج داخل منظمة "أوبك"، للحد من فائض النفط في الأسواق العالمية.

ويضيف الخبير في المخاطر الاقتصادية، مراد الحطاب، أن إيران اليوم سوف تتجه أساساً نحو مناطق نفوذها الاقتصادية المتاخمة لحدودها والقريبة منها، لتعزيز دورها الاقتصادي فيها، وهي مرحلة تتطلب بعض الوقت، قبل التفكير في لعب أدوار أكبر تصل حد التأثير في الإنتاج والتسويق النفطي العالمي، خاصة بالنسبة لمنطقة الخليج العربي.







المساهمون