وأوضحت الصحيفة، في تحقيق استقصائي، أجرته بالتعاون مع مؤسسة "بروبابليكا"، ونشر اليوم الثلاثاء، أنّ بعض العوامل ساهمت في "تلاشي" الاستقرار عن العراق بقيادة المالكي في عام 2011، مشيرة إلى أنّ البرامج التي وضعتها الإدارة الأميركية لمساعدة العراقيين، إما خُفّضت أو لم تنجز على الإطلاق.
واستندت الصحيفة في تحقيقها، إلى وثائق ومقابلات مع مسؤولين أميركيين في وزارة الخارجية، بقيادة الوزيرة هيلاري كلينتون آنذاك، تفيد بأنّ "خططاً طموحة" تم وضعها من قبل الخارجية لتعزيز استقرار العراق عبر السيطرة على العشرات من البرامج العسكرية للجيش، بدءاً من تدريب قوات الشرطة، وانتهاء بتقديم وسائل استخبارية جديدة في مدينة الموصل وغيرها من المدن الكبرى.
لكنّ هذه الخطط، بحسب الصحيفة، تم إلغاؤها أو اجتزاء بعضها، من قبل الكونغرس حيناً، ومن البيت الأبيض أحياناً أخرى، في حين أنّ حكومة المالكي أحبطت برامج أخرى باعتبارها "تدخلاً" في الشؤون الداخلية.
وتشير الصحيفة، إلى أنّ من بين "ضحايا" هذه السياسة، برنامجاً مشتركاً يتميز بسجل ناجح بين الجيشين الأميركي والعراقي لمصالحة العشائر، وُضع لحل الخلافات بين الفصائل السنية والشيعية والكردية، مذكّرة بأنّ العداء بين العشائر السنيّة وحكومة المالكي ذات الأكثرية الشيعية كان "عاملاً مفتاحياً" في سيطرة (داعش) على الأراضي ذات الأغلبية السنية في عام 2014.
وكشفت الصحيفة، أنّ فريق الخارجية الأميركية الذي أدار برامج المساعدة، وتحت إشراف البيت الأبيض، خصص فائضاً يعادل 1.6 مليار دولار كان يفترض أن يقدّمها إلى العراق، ولكنّه حوّلها لمناطق صراع أخرى مثل ليبيا، بحسب مسؤولين، وكما ورد في إحدى الوثائق.
كما تلفت إلى أنّ أحد البرامج لمكافحة الإرهاب واجه "موتاً بطيئاً"، عبر تقليصه من خلال التخفيضات لتحقيق أهداف ميزانية وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وقد أدى هذا التقليص، بحسب الصحيفة، إلى إغلاق برامج التدريب الأميركية في كركوك، والتي كانت حكومة المالكي تناهضها مسبقاً، لكونها ستدعم المحافظات ذات الأغلبية السنيّة والكردية.
وتلفت الصحيفة، إلى أنّ المالكي أمر بالقبض على سياسيين سنّة، واستبدل جنرالات عراقيين دربتهم الولايات المتحدة بآخرين موالين له، في حين أن هؤلاء المعينين من قبل المالكي، تخلوا عن فرقهم عندما بدأ "داعش" هجومه على الموصل.
وتشير الصحيفة إلى أنّ المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون، وصفت في كتابها "خيارات صعبة"، الذي صدر بعد أسابيع من سقوط الموصل بيد (داعش)، تصويتها في عام 2002 لدعم التدخل العسكري في العراق بأنه "خطأ"، لكنّها لم تأت في بقية صفحات الكتاب على ذكر دورها في ما حصل في العراق خلال فترة توليها وزارة الخارجية.
وتقول الصحيفة إنّ الوعود التي تم قطعها لضمان استقرار العراق بعيد الانسحاب العسكري "ذهبت أدراج الرياح". وتنقل عن نائب مدير مكتب الأمن المشترك في العراق التابع للبنتاغون إدوارد ونترز، قوله إنّ "مهمتنا كانت منع ما يحصل الآن في العراق. لكننا شعرنا أن القدرة على تحقيق ذلك قد سُلبت منا".