هدوء حذر بأسواق النفط ترقباً لتداعيات هجوم أرامكو

18 سبتمبر 2019
محطة وقود في اليابان (Getty)
+ الخط -



يسود أسواق النفط العالمية الهدوء الحذر ترقباً لنتائج التحقيق الجاري حول المنفذ الفعلي للهجمات التي ضربت أهم منشآت النفط السعودي يوم السبت، وعما إذا كانت إيران متورطة في هذه العملية.

وعادت أسواق النفط العالمية أمس الأربعاء، للهدوء في تعاملات الصفقات المستقبلية، بعد الهلع الذي أصاب الأسواق خلال يومي الإثنين والثلاثاء، عقب الهجوم الحوثي على منشأتي أبقيق وخريص النفطيتين السعوديتين، والذي عطل إنتاج 5.7 ملايين برميل يومياً من إجمالي الإنتاج السعودي البالغ 9.8 ملايين برميل يومياً.

وهو ما أدى إلى زيادة الأسعار بنسبة تقارب 20% قبل أن تتراجع عقب التطمينات الصادرة من مسؤولين سعوديين بخصوص قرب إعادة الإنتاج لمستواه وضخ النفط السعودي في الأسواق.

ويُذكر أن البنوك الاستثمارية وخبراء في الصناعة النفطية، قد توقعوا ارتفاع أسعار النفط بمعدلات خيالية قد تصل إلى 100 دولار، لكن التوقعات الأكاديمية التي صدرت في أميركا وبريطانيا كانت بمعظمها معقولة وتوقعت ارتفاع أسعار النفط بين 10 و15 دولاراً في أسوأ الأحوال، وأنها لن تستمر طويلاً. وهذا ما حدث بالفعل حتى الآن.

لكن ورغم التراجع الكبير في أسعار النفط بعد التصريحات السعودية بشأن القدرة على استعادة طاقة الإنتاج خلال الشهرَين الجاري والمقبل، فإن الهجوم ترك قلقاً كبيراً على كبار المستهلكين للنفط السعودي في آسيا وأوروبا، وقال بعضهم إنهم يبحثون عن بدائل للطاقة بعيداً عن منطقة الخليج.

في هذا الشأن، قال محللون في مصرف "كوميرتس بنك" الألماني في مذكرة، أمس الأربعاء، إن الهجمات أظهرت على نحو مؤلم "المخاطر بالنسبة لإمدادات النفط"، وزادت من إمكانية ارتفاع الأسعار على المدى القصير.

وأضافوا في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، أن الأسعار ينبغي أن تنخفض من جديد في الأسابيع المقبلة طالما أنه لا يوجد "تصعيد في المجمل للوضع".

وكانت السعودية قد طمأنت أسواق الطاقة يوم الثلاثاء، وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن إنتاج النفط سيبلغ 9.89 ملايين برميل يومياً في المتوسط في سبتمبر/أيلول وفي أكتوبر/تشرين الأول، وإن السعودية ستعمل على ضمان تزويد العملاء بإمدادات نفطية كاملة في الشهر الجاري.

وبناء على هذه التطمينات، استقرت أسعار خام برنت في تعاملات الأربعاء عند 64.43 دولاراً للبرميل وخام غرب تكساس خام القياس الأميركي 58.43 دولاراً، وفقاً لبيانات بلومبيرغ في منتصف نهار أمس.

وعاد المضاربون على العقود المستقبلية في أسواق الطاقة العالمية للتركيز على أسس العرض والطلب في السوق النفطي والتطورات الجيوسياسية في التوتر العسكري بين واشنطن وإيران. وهي العوامل الرئيسية التي ستحدد أسعار النفط في حال تسوية الخلافات بمنطقة الخليج الغنية بالنفط.

على الصعيد الاقتصادي، يحدد حدوث تقدم في المحادثات التجارية بين الصين وأميركا التي ستبدأ اليوم الخميس في واشنطن، كمية الطلب النفطي العالمي الذي تقدره وكالة الطاقة العالمية بنحو 100 مليون برميل خلال العام الجاري.

ومن بين العوامل الأخرى التي ساهمت في طمأنة أسواق الطاقة العالمية، إضافة إلى تصريح وزير الطاقة السعودي، وجود تخمة فائضة في المعروض النفطي، والتباطؤ الاقتصادي العالمي الذي يحد من الطلب على الخامات النفطية.

يُضاف إلى هذه العوامل نمو إنتاج النفط الصخري الأميركي الذي رفع إجمالي إنتاج الولايات المتحدة إلى 12.8 مليون برميل، وفقاً لبيانات نشرتها صحيفة " وول ستريت" يوم الثلاثاء.

وفي شأن توجهات المضاربين على النفط، يرى مصرف "كوميرتس بانك" الألماني، أن الخلاف التجاري الصيني ــ الأميركي، وما نجم عنه من مخاوف بحدوث ركود وتباطؤ نمو الطلب على النفط، وصعود الدولار أكثر مما هو متوقع، سيكون هو العامل المؤثر على الأسعار.

وقال إنه من المرجح أن يضغط على أسعار النفط في الفترة المقبلة. وذكر البنك في مذكرة للعملاء، أن الاتجاه الصعودي لسعر النفط الناجم عن الهجمات على منشأتي النفط في السعودية "ليس مستداماً"، وخفّض توقعاته لعام 2020 لناحية أسعار الخامات النفطية، مشيرا إلى تدهور العوامل الأساسية بما في ذلك تباطؤ نمو الطلب العالمي.

وحسب نشرة "أويل برايس"، فإن السوق النفطية شهدت في الآونة الأخيرة تطورات نوعية، ولم تعد السعودية هي الموجه الرئيسي لأسعار النفط كما كان الوضع في السابق، إذ غيرت ثورة النفط الصخري الأميركية "لعبة الإمدادات" النفطية في الأسواق.

ويقول محللون نفطيون، إنه في السابق، كانت السعودية هي الدولة التي يعتمد عليها العالم في تلبية أي نقص يطرأ في الإمدادات لما تملكه من طاقة إنتاجية فائضة. أما اليوم، فإن دولاً مثل العراق والولايات المتحدة والبرازيل وروسيا أصبحت من كبار المنتجين، وهي تبحث عن حصص سوقية جديدة.

وتراوحت الطاقة الفائضة السعودية قبل هذا الهجوم بين مليوني و2.5 مليون برميل يومياً. كما خفف من آثار حدوث ارتفاع كبير في الأسعار، عقب هجوم الحوثي على أرامكو كذلك، وجود مخزونات نفطية سعودية في داخل وخارج المملكة تقدر بنحو 188 مليون برميل يومياً. وحسب تقرير لشركة رابيديان الأميركية، فإن إجمالي المخزونات السعودية يمكن استخدامها لتعويض الفاقد الإنتاجي من الهجوم وتغطيته تماماً لمدة 37 يوماً.

وسط هذه المعادلات التي ترجح المعروض النفطي على الطلب العالمي، تراجع المستثمرون في أسواق الطاقة عن المضاربة على العقود الآجلة لفصل الشتاء، خوفاً من الخسارة في حال تمكنت السعودية من استعادة طاقتها الإنتاجية كما ورد في تصريحات الوزير عبد العزيز بن سلمان يوم الثلاثاء.
المساهمون