تزامناً مع حملة الـ 16 يوماً التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تحت شعار "اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة، أطلقت بعض الجمعيات والمنظمات الحقوقية في لبنان، المعنية بتمكين المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف، حملاتها لمناهضة العنف ضد المرأة. فالأرقام التي أحصتها منظمة "كفى عنف واستغلال"، تشير إلى أن نسب العنف ضد المرأة في ازدياد مستمر. ففي عام 2011، تعرضت 172 امرأة للعنف، ليرتفع العدد إلى 197 عام 2012، و291 عام 2013.
تهدف هذه الحملات إلى توعية المرأة حول قانون "حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري" الذي أقره مجلس النواب خلال العام الجاري، نتيجة ضغوط مارسها المجتمع المدني لسنوات عدة. ووصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إقرار القانون بالإنجاز التاريخي. وتسعى المنظمات الحقوقية إلى توعية المرأة حول حقوقها، والاستفادة القصوى من القانون، بخاصة أنه يستحيل إدخال أي تعديلات اليوم. فالقانون لم يخص النساء بالحماية، بل ربط الأمر بجميع أفراد الأسرة، علماً أن معظم حالات العنف تسجل ضد النساء.
أطلقت منظمة "كفى عنف واستغلال" حملة "زلفا"، بهدف متابعة تطبيق القانون بالصيغة التي أقر بها، والاستفادة قدر المستطاع من المواد التي لم يطلها التشويه. تطرح "زلفا" بعض الأسئلة الشائعة والمشروعة التي تتبادر إلى ذهن أية امرأة تتعرّض للعنف، وتتولى المنظمة الإجابة عنها بأبسط طريقة ممكنة، وفقا لما نص عليه القانون، لتكون النساء في لبنان على دراية بحقوقهن والخيارات القانونية المتاحة أمامهن اليوم، بالإضافة إلى ثغرات هذا القانون التي تقف عائقاً أمام حقهن في الحصول على الحماية الكاملة.
تقول المحامية في المنظمة ليلى عواضة: "نجحت كفى في الحصول على 14 قرار حماية لنساء معنفات، في ظل قانون يرفض إعطاء المرأة حقاً حصرياً في طلب الحماية من أجهزة الدولة المدنية". أما الحملة التي أطلقتها مؤسسة "أبعاد"، المعنية أيضاً بالدفاع عن حقوق المرأة، وحملت عنوان "بالعنف... ما بيطلع حدا راس"، بالتعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني، فسلطت الضوء على أهمية الإرادة السياسية ودورها في وقف العنف ضد النساء والفتيات، والتعاطي مع هذه القضية في لبنان بنظرة شمولية، من خلال إخراجها من الحيّز النسائي الخاص بالمنظمات النسائية، والتعاطي معها بوصفها قضية لها أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بعيداً عن كونها قضية نسائية حصراً.
في السياق، تؤكّد مديرة "أبعاد" غيدا عناني أن "وقف العنف ضد النساء مرتبط بجهود مجتمعية متكاملة، يجب أن تتم مُمارستها على مستويات عدة ومن مواقع مختلفة. فهي مسؤولية رجال الدين كما السياسيين، والأفراد نساءً ورجالاً، كما هي مسؤولية المؤسّسات التي تساهم بعمليات التنميط الاجتماعي".
وشددت على أهمية منصب رئاسة الجمهورية في "ترجمة القضايا الصحية والاجتماعية إلى سياسات تضمن حماية شاملة وكاملة من أية شكل من أشكال العنف"، معتبرة أن الهدف الأهم هو مباشرة الوزارات على اختلافها (الصحة، العدل، الداخلية وغيرها)، في وضع خطط عمل وتطبيقها، وتخصيص ميزانية لكل وزارة تساعد على تمكين المرأة اجتماعياً واقتصادياً.
وكانت "كفى" قد طالبت بإدخال تعديلات على القانون الذي تم إقراره سابقاً، منها تعديل المادة 3 من القانون لتشمل جميع الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، وإلغاء الفقرة الثانية من المادة 12 من القانون، ليشمل قرار الحماية أطفال الضحية بغضّ النظر عن سن الحضانة. بالإضافة إلى تعديل المادة 13 من القانون حتى يصبح للنيابة العامة صلاحية إصدار قرار حماية إلى جانب قاضي الأمور المستعجلة.
خلال العام الجاري، شهد لبنان أربع جرائم عنف ضد النساء. قتلت منال عاصي في فبراير/شباط الماضي، وكريستال أبو شقرا في الشهر نفسه، نتيجة تعرضهما للضرب على يد زوجيهما. نجت تمارا حريصي من الموت بعدما انهال عليها زوجها بالضرب. أما نسرين روحانا، فقتلت في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.