نداء تونس يغازل المنشقين للعودة: حافظ السبسي عائقاً

07 يونيو 2018
الانقسام طاول القواعد الشعبية لـ"نداء تونس" (أمين لاندولسي/الأناضول)
+ الخط -
تتوالى التصريحات في الأيام الأخيرة بخصوص محاولات حزب نداء تونس فتح أبوابه مجدداً لاستقبال المنشقين الذين غادروه من قيادات ومؤسسين، في محاولة منه لأن يكسب الرهانات الانتخابية المقبلة ويستعيد الأصوات التي خسرها. وفيما بدا أن بعض المنشقين حسموا أمرهم في العودة، فإن البعض الآخر قد تكون له شروط كثيرة لعل أبرزها الإصلاح وعقد جلسة للهيئة التأسيسية للنداء.

ويبدو أن القيادات التي غادرت نداء تونس وكونت أحزاباً مثل حزب بني وطني لسعيد العايدي وحركة مشروع تونس لمحسن مرزوق وحزب حركة تونس أولاً لمؤسسه رضا بلحاج وحزب المستقبل للطاهر بن حسين، إلى جانب اختيار عدد آخر من القيادات ممارسة النشاط السياسي بصفة مستقلة كالأزهر العكرمي، لديها حسابات جديدة فرضتها نتائجها الهزيلة في الانتخابات البلدية وعجزها عن تكوين قوة سياسية تكون قادرة على الضغط في ظل محدودية قاعدتها الشعبية التي استمدتها أساساً من نداء تونس.



وأكد القيادي في حركة نداء تونس، محمد سعيدان، أن المدير التنفيذي للحزب، حافظ قائد السبسي، أطلق مبادرة لرأب تصدعات الحزب عبر فتح الأبواب لجميع المنسلخين عن نداء تونس. ولفت في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن نداء تونس كوّن لجنة للنظر في محاولة لمّ شمل المنشقين عن نداء تونس سواء أولئك الذين كوّنوا أحزاباً أو انضووا في كتل أخرى لأنه لا مبرر للانقسام.

وأوضح سعيدان أن الانتخابات البلدية بيّنت أن تشتت القوى لم يقد إلى نتائج مرضية للجميع، فنداء تونس رغم بقائه في المرتبة الثانية إلا أنه خسر أصواتاً كثيرة، وبقية الأحزاب لم تتمكن من الحصول على أي نتائج مهمة. واعتبر أن من مصلحة الجميع ومن مصلحة تونس أن تعود جميع الأطراف.
ووفقاً لسعيدان فإن الحركة كانت منفتحة على التحالف في الانتخابات البلدية رغم أن الأحزاب المنشقة غير موجودة في أغلب البلديات والعدد ضئيل، لكن لمّ الشمل ضروري، مشيراً إلى أن الجميع في نفس المسار والمصير مشترك. ولفت إلى أنه سيتم وضع شروط البعض على الطاولة والتحاور بشأنها لكي تكون مقبولة، والمهم أنها تصبّ في مصلحة تونس لأن اختلال التوازن يحصل في التشتت.
من جهته، دعا الأمين العام لحركة مشروع تونس، محسن مرزوق، قبل أيام، رفاقه القدامى إلى الاتحاد من أجل مصلحة تونس، موضحاً أن هذه الدعوة موجهة إلى نداء تونس وإلى بقية القوى الديمقراطية بهدف تكوين جبهة لإنقاذ البلاد من الظروف التي تمرّ بها.
ووجه مرزوق، في تصريح إذاعي، نداءً إلى الجميع للتعاون، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية. وبين أنه لا بد من الاتحاد والحد من التوتر، مشيراً إلى أنه مستعد لطي صفحة الماضي والجلوس مع كل من حافظ قائد السبسي وناجي جلول وياسين إبراهيم، داعياً رئيس الحكومة يوسف الشاهد والمدير التنفيذي لنداء تونس إلى التحلي ببرودة الدم والتعقل.
غير أن هذه الدعوة سقطت في نفس اليوم بعد تسريب صوتي لمرزوق يتهكم فيه على حافظ قائد السبسي، فيما تحدث البعض عن استقالات ممكنة من مشروع تونس بسبب هذا الموقف المنفرد لمرزوق.
وذكر مراقبون أنه يجري التحضير لعقد مؤتمر سياسي واسع وإقناع شخصيات سياسية غادرت "النداء" بالرجوع إليه ودمج أحزاب سياسية في صلب الحركة، لكن للندائيين المنشقين شروطا أخرى للعودة ورؤيا تبدو مختلفة للإصلاح، معتبرين أن عودتهم إلى الحزب ممكنة شرط القيام بإصلاحات جوهرية تعيد نداء تونس إلى ما كان عليه في انتخابات 2014، وأن عودتهم رهينة تنحية المدير التنفيذي للحزب، حافظ قائد السبسي من مهامه باعتباره أحد أهم أسباب مغادرتهم.

وأوضح النائب عن حركة مشروع تونس، حسونة الناصفي، في حديث مع "العربي الجديد" أنه يجب أن يحصل حوار جدي يتم من خلاله البحث في أسباب مغادرة بعض مؤسسي وقيادات الحزب لنداء تونس، مضيفاً أنه لا بد من إصلاحات داخل نداء تونس.
وبيّن الناصفي أنّ نداء تونس حالياً دون مؤسسات، وهو ما دفع رئيس الحكومة للجوء إلى التلفزيون للحديث عن مشاكل نداء تونس، ولو وجدت مؤسسات ديمقراطية لكان طرح ذلك داخل النداء لا خارجه.
ولفت الناصفي إلى أن عدم الاعتراف بالأخطاء وعدم تقويمها أفضى إلى الفشل الذي تراكم وأدى إلى النتائج المخيبة في الانتخابات التشريعية الجزئية في ألمانيا وكذلك في الانتخابات البلدية، مضيفاً أنه حتى داخل الكتلة البرلمانية لـ"النداء" لم يحصل أي تقييم لتدارك ما حصل. وأشار إلى أنّ أغلب المشاكل الحاصلة في نداء تونس لها علاقة بالمدير التنفيذي للحزب.
ويبدو أن الدعوة للإصلاح لم تقتصر على حركة مشروع تونس، إذ أكد الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية لزهر القروي الشابي، أن أول إصلاح أساسي لحركة نداء تونس "هو الدعوة لعقد جلسة للهيئة التأسيسية في أقرب وقت باعتبارها الهيكل الشرعي الوحيد المنوط بعهدته تسيير الحزب إلى حين انعقاد مؤتمره الانتخابي".
وشدد الشابي، وهو أحد مؤسسي حركة نداء تونس، في تدوينة على صفحته على فيسبوك، على أن "ما عدا هذا يعتبر خرقاً للقانون الأساسي للحزب ولما ورد بمحضر جلسته المنعقدة بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول 2015 قبل اجتماع سوسة".
من جهته، أكّد العضو المؤسس لحزب نداء تونس، الوزير السابق الأزھر العكرمي، الذي أصبح أحد أبرز معارضي حافظ السبسي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ مسألة عودة المنشقين بيد رئيس الجمهورية الذي طالما قدم نفسه على أنه محايد، ولكن لم تعد لديهم ثقة كبيرة في هذا الحياد. ولفت إلى أن خطاب رئيس الحكومة كان خطاب مصارحة ولم يعد هناك أي شك بأن ابن الرئيس أصبح يشكل عائقاً داخل الحزب وأنه أضرّ بالتوازن الحاصل داخل "النداء"، ما أدى إلى مغادرة أغلب مناضليه ومؤسسيه.
وقال العكرمي إن نداء تونس هو في الأصل حزب الشعب التونسي ويعود لمؤسسيه ومناضليه وبالتالي يجب رفع اليد عنه، مبيناً أنهم خدموا الحزب وأوصلوه إلى السلطة وحان الوقت ليعود إلى أصحابه. وأشار إلى أن الرجوع للحزب مقيد بمغادرة المدير التنفيذي واعترافه بفشله لتتشكل إثر ذلك هيئة مسيرين وإقرار ما يجب فعله.
وعبر المنسّقون الجهويون (المحليون) لحزب نداء تونس والمجتمعون في مدينة منوبة، في بيان لهم، عن تمسك الهياكل الجهوية والمحلية بالخط السياسي للحزب، داعين إلى مزيد من الالتفاف حول قيادته الشرعية.
واستنكر المجتمعون حملات التشويه والتشكيك في رئيس الحكومة التي طاولت الحزب وعلى رأسه المدير التنفيذي للحزب والمحيطون به، داعين المكتب التنفيذي إلى الانعقاد في أقرب الآجال للنظر في مقترحهم المتعلق بتجميد عضوية كل من ثبت انحرافه على الخط السياسي للحزب مهما كان موقعه، في إشارة للشاهد. غير أن مكاتب جهوية أخرى للحزب سارعت إلى إعلان دعمها للشاهد في المقابل، ما يعني أن الحزب قد يعاني من مزيد الانشقاق بدل التوحد.