نداء تونس... الطريق إلى الهاوية

02 نوفمبر 2015
الخلاف بين القيادات يهدد وحدة الحزب (أمين لاندولسي/الأناضول)
+ الخط -
بلغت الخصومات داخل حزب "نداء تونس" حالة منذرة بالقلق، إلى درجة لم تكن متوقعة بالمرة. وقد بلغت القاع، صباح أمس الأحد، حين ألغي اجتماع المكتب التنفيذي الذي كان يُفترض أن تحتضنه مدينة الحمامات.

لم يكن إلغاء الاجتماع بسبب خلافات في وجهات النظر، أو بسبب التنافس المحموم، الذي أصبح يشكل الحالة السياسية داخل الحزب، وإنما بسبب تبادل العنف. قيادات من الشقين المتصارعين داخل الحزب (سواء المحسوبة على الأمين العام محسن مرزوق، أو نائب الرئيس حافظ قائد السبسي)، أكدت حضور مجموعات من الطرفين، أولى لحماية الاجتماع وثانية بهدف إفشاله، وتهشمت بعض مقتنيات الفندق الذي كان سيحتضن الاجتماع، الذي أُلغي نتيجة لذلك.

يُعدّ هذا الأمر سابقة خطيرة في أزمة هذا الحزب، التي مرت بكل أصناف التصارع، وبلغت مستوى متدنّياً بسبب تبادل الشتائم على الهواء والتراشق بالتهم الخطيرة، قبيل عقد مؤتمر نهاية هذا العام، الذي لم يعد من المؤكد ما إذا كان سيعقد بالفعل. وبلغ السباق المحموم للسيطرة على الحزب حالات غريبة على الممارسة السياسية، تنذر بسقوط التوازن الهش داخل الائتلاف الحاكم في الحكومة والبرلمان.

ويخشى متابعون أن يهوي صمود الكتلة النيابية لهذا الحزب في مجلس نواب الشعب، بحيث يسقط تجانس تصويتها، بما يمكن أن يغيّر من طبيعة التحالفات مع باقي الأحزاب، ويقلص من توازناتها في التصويت على بعض القوانين ذات الأولوية القصوى، بل يهدد بتفتيت الكتلة وربما بتحول بعض نوابها إلى كتل أخرى مصطفة في المعارضة، وهو ما يمكن أن يغير من المشهد السياسي التونسي برمته، وربما يعجل بإسقاط الحكومة، التي تتقاذفها الانتقادات من كل جانب.
ولم تفلح إلى حدّ الآن كل المحاولات في إيجاد تفاهمات بين الشقين المتصارعين، بما فيها جهود مؤسس الحزب، الباجي قايد السبسي، الذي اجتمع مرات عديدة بالمتصارعين وبالأمين العام من دون التوصل إلى نتيجة تذكر، حيث يصرّ كل طرف على موقفه من الصراع الدائر للسيطرة على أكبر حزب في تونس، لتتجلى ضخامة الطموحات الشخصية من دون اكتراث لظروف البلاد الصعبة.