نجوم الغناء... من كرسي الضيف إلى دور المقدِّم

18 مايو 2020
تُعتبَر تجربة أصالة نصري في "صولا" ناجحة (فيسبوك)
+ الخط -
عندما سألوا السيدة أم كلثوم منذ عشرات السنين، لماذا لا تجري مقابلات صحافية أو تلفزيونية إلا قليلاً، كان جوابها أنَّ المايكرفون بيد الفنان خطير، وهو خُلِقَ للغناء فقط، في إشارةً منها إلى أنها تفضل أن يبقى المايكرفون للغناء، وليس لإجراء المقابلات. وسار على هذا النهج عدد من الفنانين الذين لا نراهم على الإعلام أبداً، سواءً في الصحافة أو الإذاعة أو التلفزيون، كالممثلة السورية القديرة سمر سامي التي لم تجرِ لقاءً واحداً طيلة مسيرتها الفنية.

على جانبٍ آخر، عدد من الفنانين دائم الحضور على وسائل الإعلام، بل وانتقل إلى الكرسي الآخر ليجلس مكان المذيع أو المحاور، إما لتقديم تجربة جديدة أو برنامج حواري أو رغبة من الوسيلة الإعلامية في جذب جمهوره، وبالتالي ضمان نجاح البرنامج. ويعتقد البعض أن ظاهرة تقديم الفنانين للبرامج جديدة، ولكن في الحقيقة هي تجربة قديمة ومنذ سنوات طويلة، ولكن ازدادت أخيرًا. فمنذ الثمانينيات والتسعينيات، ظهرت تجارب التقديم التلفزيوني للفنانين، مثل: حسين فهمي ومحمود ياسين وميرڤت أمين وسمير صبري وغيرهم.

بعض التجارب كانت لا تتعدى المرة الواحدة فقط، سواءً في برامج حوارية كتجربة دريد لحام في برنامج "على مسؤوليتي"، أو برامج مسابقات كتجربة نور الشريف وأيمن زيدان في برنامج "وزنك ذهب"، أو تجربة جهاد سعد في برنامجه الشهير "خبرني يا طير"، ومنها ما حقق نجاحاً حقيقياً. ولكن مع انتهائها، يعود الفنان إلى كاره ويترك الخبز لخبازه الأصلي.

في السنوات الأخيرة، ازدادت تجارب التقديم التلفزيوني، وامتلأت الشاشات بتجارب إعلامية لعدد من الفنانين، مثل أمل عرفة في برنامج "في أمل"، ورنا شميس في برنامج "لازم نحكي" مع الإعلامي تمام بليق، وأحمد فهمي وباسل خياط ومكسيم خليل وشريف سلامة في برنامج "قعدة رجالة". ولم تقتصر التجارب على الشباب، فحتى الفنانون "الكبار" كانت لهم تجارب ناجحة أحياناً، كإسعاد يونس في برنامج "صاحبة السعادة"، وأصالة في برنامج "صولا"، ومنها فاشلة كتجربة أنوشكا في برنامج "صالون أنوشكا" أو ميرڤت أمين ودلال عبد العزيز في برنامج "مسا الجمال مع ميرڤت ودلال"، وحتى برامج الطبخ التي هي لمختصين، دخلها الفنانون عمدًا، كغادة بشور في العام الفائت في برنامج "طبخة غادة".

المشكلة الحقيقية عند البعض هي أزمة ضياع الهوية. فلم نعد نعرف الفنان، هل بات إعلامياً ونقل "قيوده المدنية" بشكل كامل، أم أنَّها أغنيةٌ طال موَّالها. فالمخرجة المصرية إيناس الدغيدي، مثلاً، أصبحت إعلامية في السنوات الأخيرة من خلال عدة برامج حوارية. وفي رمضان الحالي أخذت مكان الإعلامية بسمة وهبة في برنامج "شيخ الحارة"، ليتحول إلى "شيخ الحارة والجريئة". وكذلك المغنية أروى التي ابتعدت عن الغناء، وامتهنت التقديم التلفزيوني لسنوات طويلة على شاشة MBC، وتزوجت منتج المحطة الذي باستقالته لم نعد نشاهد أروى على الشاشة حتى رمضان الحالي، عندما عادت لتوقع بضيوف برنامج "رامز مجنون رسمي" الذي يقدمه رامز جلال، وهو الممثل الذي امتهن تقديم برامج المقالب في السنوات الأخيرة، وكذلك الحالة بالنسبة لفيفي عبده ورزان المغربي وغيرهم.

ومع كلّ رمضان جديد، نجد سباقاً تلفزيونيّاً غير مسبوق من قبل القنوات الفضائيّة لاستقدام الفنانين لتقديم برامج المسابقات التي تدرُّ آلاف الدولارات عليهم، كتجربة قصي خولي منذ عدة سنوات في برنامج "مسيناكم"، وباسم ياخور في تجربة "كاش مع باسم" التي ألحقها بتجربة برنامج "أكلناها" والذي حقق بدوره صدى أكثر من مسلسلاته، وتجربة سيف سبيعي وشكران مرتجى في برنامج "كاش مع النجوم"، وغيرها من تجارب أيمن رضا وجيني أسبر. وكلها تحت رغبة من المنتجين أن ينجح البرنامج ويزداد عدد المتصلين، علماً أنَّ المتصل أحياناً عندما يسأله المقدّم النجم عن اسم البرنامج، لا يعرف ما هو، كما حصل مع الفنانة جيني أسبر، عندما سألت متصلاً عن اسم برنامجها فقال: "اربح مع جيني"، مع أن الاسم هو "رحلة الملايين".
فهل أخطأت السيّدة أم كلثوم عندما جعلت مايكرفونها يصدح فقط بـ"فات المعاد" و"سيرة الحب"؟
دلالات
المساهمون