نتنياهو يهاجم السلطة لتخفيف الانتقادات لإسرائيل

06 ابريل 2014
نتنياهو خلال اجتماع الحكومة اليوم (غالي تيبون، فرانس برس،Getty)
+ الخط -
انتهت فترة صمت رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، التي واكبت تعثر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وتفجر صفقة الجاسوس جوناثان بولارد، الأربعاء الماضي، بعدما شنّ، اليوم الأحد، هجوماً إعلامياً مدروساً سعى من خلاله إلى نفي أي مسؤولية إسرائيلية عن فشل المفاوضات، وتحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية الكاملة.

وجاءت محاولة نتنياهو بعدما وصف التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة والتوقيع على 15 اتفاقية ومعاهدة دولية بأنه "تصرف أحادي الجانب وخرق للتفاهمات"، وليس رداً على تنصل إسرائيل من استحقاقات الدفعة الرابعة للأسرى القدامى.

ورأى نتنياهو، خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية، اليوم الأحد، أن "الخطوات أحادية الجانب ستواجه بخطوات أحادية الجانب". وأضاف "الفلسطينيون سيخسرون فقط من التوجه للأمم المتحدة". واعتبر نتنياهو "أن الفلسطينيين سيحصلون على دولة فقط من خلال المفاوضات المباشرة وليس عبر التصريحات الفارغة المضمون ولا عبر الخطوات أحادية الجنب التي من شأنها فقط أن تبعد التوصل إلى اتفاق دائم".

وحاول نتنياهو الادعاء بأن حكومته وعلى مدار المفاوضات، قامت "بخطوات قاسية (من وجهة نظرها) في الأشهر الأخيرة" بقوله: "أبدينا استعداداً لمواصلة القيام وتنفيذ عمليات غير سهلة في الأشهر المقبلة، بهدف خلق إطار يمكن من خلاله وضع حد للنزاع".

وأضاف: "لكن عند هذه النقطة بالذات، عندما كنا على وشك الدخول في إطار مواصلة المفاوضات، سارع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى التصريح بأنه ليس مستعداً حتى للخوض في مسألة الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية أو الموافقة على ذلك". واتهم نتنياهو عباس بأنه قام بهذه الخطوة "وهو يعرف حق المعرفة أنه لن يكون أي اتفاق بدون الاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي. وهو ما أوضحه أيضاً الرئيس الأميركي وعدد من زعماء العالم"، على حد قوله.

ويسعى نتنياهو من خلال تصريحاته اليوم، إلى الإيحاء بأن إسرائيل تريد السلام، لكنها لا تريد سلاماً بأي ثمن، من دون أن يحدد ماهية السلام، ومن دون الإعلان عن القبول حتى بمقترحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ولا سيما في ما يتعلق بوقف الاستيطان ومكانة القدس المحتلة كعاصمة للدولة الفلسطينية.

كذلك يتزامن إعلان نتنياهو اليوم مع الاجتماع المقرر بين الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته، جون كيري، من جهة، وقبيل ساعات من اللقاء الثلاثي المقرر اليوم بين المبعوث الأميركي مارتن إنديك، وفريقي التفاوض الفلسطيني والإسرائيلي في القدس المحتلة.
ويحاول نتنياهو التخفيف من حدة التصريحات الأميركية أيضاً، ولا سيما في ظل موقف مستشارة الأمن القومي الأميركية، سوزان رايس، الداعي إلى إعلان فشل مبادرة كيري دون إبطاء من جهة، والإحباط الذي يسيطر على كيري من جهة ثانية.

ويمكن القول إن تصريحات نتنياهو هذه ستعكس الخط الدعائي الذي ستنتهجه حكومته في الفترة المقبلة، للتخفيف من حدة الانتقادات الأوروبية والأميركية لإسرائيل وثنيها عن تحميل إسرائيل المسؤولية، علماً بأن وزيرة العدل الإسرائيلية، تسيبي ليفني اتهمت أمس صراحة وزير الإسكان من البيت اليهودي، أوري أريئيل، بتفجير المفاوضات الأربعاء الماضي، من خلال إعلان مناقصة البناء في القدس المحتلة.

بدوره، حمل وزير الشؤون الاستراتيجية ، يوفال شطاينتس، المقرب من نتنياهو، هو الآخر على الجانب الفلسطيني مستعيناً بتصريحات سابقة لأريئيل، إذ أعلن شطاينتس أن عباس "بصق عملياً في وجهنا". وأضاف "هو يقول لنا إنه غير معني بالسلام، وليس مستعداً للاعتراف بوجود الشعب اليهودي، وحقه بدولته القومية، وقام أيضاً بتفجير المفاوضات". واعتبر أن "السلطة الفلسطينية موجودة اليوم بفضلنا، وليس فقط بفعل اتفاقيات أوسلو". وأضاف "بفضل الأموال التي نجبيها ونحولها لهم، وبفضل الأمن الذي نوفره لهم، وإلا لكانت حماس والجهاد الإسلامي اللتان تسيطران اليوم على غزة، قامتا بإسقاط عباس والسيطرة على رام الله".

وكان وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينيت، قد استبق جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية، وأعلن في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية صباح الأحد، أنه ما كان ينبغي للوزيرة تسيبي ليفني تحميل وزير الإسكان من حزبه، مسؤولية تفجير المحادثات الأسبوع الماضي، باعتبار أن عباس نفسه لم ينتبه إلى مسألة إعلان مناقصة البناء في القدس المحتلة، ولم يذكرها كسبب للتوجه للأمم المتحدة. واتهم بينيت ليفني بأنها تحاول التغطية على فشلها في المفاوضات. معلناً أن حزبه أمهل الحكومة مدة تسعة أشهر من المفاوضات، لم يقم خلالها بالتظاهر ولا بتسريب معلومات عن سير المفاوضات.

وهدّد بينت بأنه في حال أصر الجانب الفلسطيني على التوجه للمؤسسات الدولية، فإنه سيوفر لعباس تذكرة السفر للأمم المتحدة، وسيقدم شكوى ضده بتهم ارتكاب جرائم الحرب والمسؤولية عن قتل إسرائيليين وتمويل منظمات إرهابية مثل حماس والجهاد الإسلامي. ودعا بينيت إلى وقف المفاوضات مع الفلسطينيين. 

عودة إلى الوراء
من جهته، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم الأحد، أن تعثر المفاوضات أعاد الطرفين إلى الوراء تسعة أشهر، أي إلى لحظة القطيعة بينهما، قبل إعلان تفاهمات يوليو/تموز، وإطلاق مفاوضات الشهور التسعة.

ويدلل فيشمان على ذلك بغياب الحوار السياسي بينهما، في مقابل استمرار روتين عمل التنسيق الأمني بين جهاز "الشاباك"، وقيادة المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال (المسؤولة عن الضفة الغربية) من جهة، والأجهزة الأمنية الفلسطينية من جهة أخرى. ويترافق ذلك مع استمرار تدفق المال المخصص لتمويل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، نظراً لإدراك الطرفين ضرورة عدم الوصول إلى مواجهة عنيفة.

وفي هذا السياق، يرى فيشمان أن أحد الدلائل على الأزمة يتمثل في نقل صلاحيات التنسيق الأمني من المستوى السياسي إلى المستوى العسكري والأمني الإسرائيلي، للتأكيد أن التنسيق لا يحصل بين كيانين سياسيين.

ولفت فيشمان إلى أن "إعلان إسرائيل وقف وتعطيل أعمال البنية التحتية لشركة الاتصالات الفلسطينية "الوطنية"، يمثل رسالة تهدف إلى تذكير الفلسطينيين بمدى ارتباطهم بالقرارات والسياسة الإسرائيلية".

كذلك اعتبرها "رسالة لكبار قادة السلطة الفلسطينية، بمن فيهم نجلا الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ياسر وطارق ) ونائب رئيس الحكومة الفلسطينية مصطفى محمود، باعتبارهم أصحاب مصالح مباشرة في "الوطنية"". يضاف إلى ذلك، وقف مشاريع تطوير فلسطينية على مساحة تصل إلى 14 ألف دونم في الضفة الغربية.
كل ما سبق، بحسب فيشمان، يشكل رسائل أولية غايتها إبراز حجم الضرر الذي ينتظر الجانب الفلسطيني، في حال مواصلة التحرك الدبلوماسي.

ويرى فيشمان أن المنطقة برمتها ستدخل حالة ترقب وانتظار، ولا سيما في ضوء اجتماع وزراء الخارجية العرب، هذا الأسبوع، والذي من المنتظر أن يؤيد الجانب الفلسطيني، ما يزيد من تمسك الأخير بموقفه الراهن.

في المقابل، يشير فيشمان وبراك رابيد في صحيفة "هآرتس"، إلى أن من المتوقع أن ينفذ الأميركيون تهديدهم، ويخففوا من درجة تدخلهم وحجم وساطتهم في العملية السياسية بين الطرفين. وهو الأمر الذي من المتوقع أن يترجم مباشرة، بعيد اللقاء المنتظر بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وكيري، هذا الأسبوع.

تخوف إسرائيلي من تفجر أعمال مقاومة
وعلى الرغم من أن إسرائيل تتحدث عن عقوبات سياسية واقتصادية، إلا أنها تتجنب، بحسب فيشمان، المغالاة في التصريحات، خوفاً من ارتداد ذلك ضدها. وعندها، بحسب فيشمان، لن يكون بمقدور أحد تكهن نقطة انكسار الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي قد تتجه لحمل السلاح وتوجيهه إلى إسرائيل.

وعلى الرغم من أن الاحتجاجات والمواجهات، التي وقعت الجمعة أمام سجن عوفر، قرب أريحا، تمثل، من وجهة النظر الإسرائيلية، خطوات احتجاج أولية، تقف وراءها جهات أوروبية تحرّض على فرض المقاطعة على إسرائيل، إلا أن قيادة المنطقة الوسطى للجيش الإسرائيلي، تستعد في الأيام الأخيرة "لمواجهة سيناريوهات تفجرأعمال العنف" والمقاومة في الأراضي الفلسطينية.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن اندلاع هذه الأعمال سيكون تدريجياً. ولتفادي تفجر الموقف كلياً، تم الإيعاز إلى القوات الإسرائيلية بخفض نقاط الاحتكاك مع الفلسطينيين، سواء خلال المظاهرات أم عند شن حملات لاعتقال الناشطين الفلسطينيين، خوفاً من أن يؤدي سقوط شهداء إلى تفجير الأوضاع كلياً.

المساهمون