موازنة 2018: تونس نحو إجراءات لخفض العجز

11 ديسمبر 2017
تونس تفرض مزيد من الضرائب (فرانس برس)
+ الخط -

تعد موازنة 2018 من أصعب الموازنات على التونسيين حيث تتأهب الحكومة للتخفيف من أزمتها المالية والحد من العجز عبر إجراءات تقشفية جديدة ومزيد من الضرائب والرسوم الجمركية.
ورغم تصاعد الانتقادات الشعبية للموازنة الجديدة، إلا أن ذلك لم يثن الحكومة عن المضي قدماً في إقرارها والعمل بها، ما سيؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين، وسط ضغوط من صندوق النقد الدولي.

وتنتظر موازنة تونس لعام 2018، مجموعة من تحديات التمويل ما جعل الزيادة في الضرائب وتقليص الدعم وتجميد الانتدابات في القطاع الحكومي العناوين الأبرز للموازنة.
وأقر البرلمان التونسي موازنة العام المقبل، أول من أمس، ويبلغ حجمها 36 مليار دينار (14.55 مليار دولار) وتتضمن مجموعة من الإجراءات المالية لخفض العجز، وسيبدأ العمل بها في الأول من يناير/ كانون الثاني. وتتوقع الموازنة عجزاً يبلغ 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018 من نحو 6% متوقعة العام الجاري. وتهدف تونس لرفع معدل نمو الناتج المحلي لنحو 3% العام المقبل من 2.3% العام الجاري.
وتتعرض تونس لضغوط من صندوق النقد الدولي للتعجيل بتغيير في السياسات للمساعدة في تعافي الاقتصاد من هجمات متشددين في عام 2015 أضرت بقطاع السياحة الحيوي. ونالت تونس إشادة واسعة بوصفها حالة النجاح الوحيدة على الصعيد الديمقراطي بين الدول التي شهدت ثورات "الربيع العربي" في 2011، لكن الحكومات المتتالية أخفقت في إجراء التغييرات اللازمة لخفض العجز وتحقيق نمو. وترفع ميزانية 2018 الضرائب على السيارات والمشروبات الكحولية والاتصالات الهاتفية والإنترنت وأسعار الفنادق وغيرها. كما تشمل الميزانية رفع الرسوم الجمركية على بعض المنتجات المستوردة. وأقر البرلمان زيادة ضريبة القيمة المضافة وفرض ضريبة ضمان اجتماعي جديدة.
ومنذ الكشف عن ملامح مشروع الموازنة قوبلت بموجة رفض كبيرة شملت المعارضة والأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج الداعمة لحكومة الشاهد من أحزاب ومنظمات. ويتأهب التونسيون مع بداية العام الجديد إلى تقبل زيادات مختلفة في أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات في ظل الإجراءات الجديدة رغم الإبقاء على مخصصات الدعم في نفس مستويات العام الماضي في حدود 1466 مليون دولار.
وحسب قراءة الخبير المالي محمد الجراية فإن حكومة الشاهد سلكت الطريق الأسهل لتعبئة الموارد للموازنة وذلك عبر فرض مزيد من الضرائب على الأفراد والشركات، مشيرا إلى أن الحكومة لا يمكن أن تذهب بعيدا بهذه السياسة في ظل مناخ اجتماعي محتقن.
وقال الجراية لـ"العربي الجديد" إن الحكومة كانت لها خيارات أخرى لتمويل الموازنة عبر ملاحقة المتهربين من الضرائب ومراجعة القوانين المالية التي تسهل عملية إدماج الاقتصاد الموازي في الرسمي.
وترى نائب رئيس حزب أفاق تونس سميرة مرعي فريعة في حديثها لـ "العربي الجديد" أن الحكومة تستنسخ نفس الأخطاء الماضية في تصوراتها لتمويل الموازنة، مؤكدة على أن هذه السياسة قادت طوال السنوات الماضية إلى إنهاء العام بسن قانون مالية تكميلي. وقالت مرعي إن الحكومات المتعاقبة اشترت الهدنة الاجتماعية بكلفة باهظة عبر التداين الداخلي والخارجي لإخماد الغضب الشعبي.

ولخفض منسوب الغضب سارعت حكومة الشاهد قبل المصادقة على النسخة النهائية للموازنة إلى ابرام جملة من الاتفاقات مع الاتحاد العام التونسي للشغل تعهدت بمقتضاها بتسوية وضعيات العمل الهشة وعدم الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية إلى جانب النظر تحسين وضع قطاعي التعليم والصحة.

وبحسب المراقبين للوضع الاقتصادي فأن حكومة الشاهد بحثت عبر الاتفاقات المبرمة مع النقابات العمالية عن درع للتوقي من الغضب الشعبي مؤكدين على أن الحكومة مطالبة كذلك بإيجاد أرضية توافق مع منظمة رجال الأعمال للتجنب تعطيل الاستثمارات وبلوغ نسبة النمو المستهدفة.

المساهمون