توظّف الفنانة المفاهيمية اللبنانية، منيرة الصلح (1978)، أسلوباً يقترب من السخرية والعفوية في أعمالها الفنية التي تُزاوج بين اللوحة والتركيب والفيديو وعروض الأداء، وتتناول قضايا سياسية وجندرية، إلى جانب حياة اللجوء واللغة ودور الفن في المجتمعات العربية.
مثّلت الحرب الدائرةُ في سورية موضوعها الأساسي في السنوات الأخيرة، بدأته برسم بورتريهات للاجئين سوريّين وفلسطينيين على أوراق صفراء مسطّرة، مع تدوين بعض الملاحظات التي تختزل أحوالهم. قدّمت تلك الأعمال في معرض أقامته منذ أربع سنوات ضمّ أيضاً شريطَي فيديو، تناول الأوّل تجربة عاشتها بعد قصف الغوطة بالكيميائي، وكان الثاني عن لاجئين يتعلّمون اللغة في بلجيكا.
وفي معرضها "أؤمن بشِدَّة بحقِّنا في أن نكون طائشين"، الذي يتواصل في "المتحف العربي للفن الحديث" بالدوحة حتى السادس من شباط/ فبراير المقبل، تُواصل الصلح جمع تجارب وسجلّات شخصية من الأزمات الإنسانية والسياسية التي تشهدها سورية والمنطقة العربية، والذي بدأته منذ عام 2012.
توثِّق الفنّانة المولودة في بيروت لأب لبناني وأم سورية، في هذه السلسلة من الرسومات، تجارب وحوارات شخصية أجرتها مع أشخاص فرّوا من الحرب السورية ونزحوا إلى لبنان وأوروبا والولايات المتّحدة؛ إذ تسرد البورتريهات المعروضة، والتي يزيد عددها عن مئة وخمسين، ما لاقاه أولئك خلال الرحيل والوصول إلى بلد اللجوء، ثمّ العيش في حالة من الصدمة وعدم اليقين.
تعرض الفنانة، أيضاً، أعمالاً مُطرَّزة أنجزتها بالتعاون مع لاجئات أو نساء ينتمين لأقليات مجتمعية، وتهدف إلى تقديم حكايات تتشارك بها العائلات ومجموعات الأشخاص، وليس مجرّد قصص فردية، على عكس أعمال البورتريه.
أمّا عملها "سبيرفيري" (2017)، الذي تستدعي فيه المفقودين وضحايا الحروب، فهو خيمة مشغولة بالتطريز ومواد متعدّدة على كتّان وقطن، بينما يتكوّن عملٌ بعنوان "تسريحة فلّاحية في منتصف الليل"، كانت أنجزته بين 2014 و2017، من مجموعة أعمال منسوجة يدوياً أو آلياً مع مواد متعدّدة.
وتعرض في مجموعة "كلّي إيمانٌ في حقّنا بالطيش"، التي اقتُبس منها عنوان المعرض، البورتريهات المتنوّعة للاجئين والمشغولة من مواد متعدّدة على أوراق مستندات إدارية، وتظهر عليها كتابات تشير مثلاً إلى صف دراسي في الرسم، أو شخص يجلس في المقهى، أو امرأة تستعيد ذكرياتها حول خالها الرسّام.
وثّقت الصلح شهادات فردية لكلّ لاجئ. وقد بدأت التجربة بدعوتها لاجئين إلى الاستوديو ليرسموا وجوههم وملامحهم "المليئة بالقوة والثبات، لكي أسرد للعالم حكايات من عوالِم الهجرة والاندماج"، كما تقول في أحد حواراتها، مضيفةً: "بعد ستّ سنوات متواصلة في هذا العمل، أصبحتُ أكثر وعياً بمدى قدرة الوجوه على سرد القصص الإنسانية وأفكارها عن الحياة وتطلّعاتها".