ممر الثالوث المحرم

23 ابريل 2015
ياسر صافي / سورية
+ الخط -

عادة ما تقاس جودة الروايات أو الأفلام في العالم العربي بمدى جرأتها في تناول المحظور والمسكوت عنه واللامفكر فيه في الجنس والسياسة والدين.

فبدلاً من التركيز على جماليات النص، صارت الأولوية القصوى هي التحايل على الرقيب الخارجي والداخلي. وقد تفطّن الكثير من المبدعين، خصوصاً من الشباب، إلى حيلة الجرأة بوصفها الممر الوحيد نحو النجاح والشهرة.

وينبغي التذكير بأن هذا الثالوث لم ينشأ من فراغ، وإنما هو نتاج تراكم الاستبداد بأشكاله المختلفة وتسليط سيف العقاب على كل من يغرّد خارج السرب.

وكثيراً ما يلجأ المبدعون إلى استخدام الفن كوسيلة لممارسة حقهم في التعبير والتنفيس عن هواجسهم. غير أن هذا التوظيف يضر بالفن أكثر ما يخدمه.

أذكر أن صديقاً فرنسيا قرأ رواية لصنع الله إبراهيم بمشقة كبيرة واشتكى من كثرة البيانات السياسية فيها واختباء الروائي وراء شخصياته. كما يحضرني تعليق جميل لصديقة إيطالية مهتمة بالأدب النسوي، إذ وصفت استعمال الجنس في بعض الروايات السعودية التي لاقت رواجاً كبيراً كدهشة المراهق وهو يكتشف عوالم الجنس لأول مرة.

إن الجرأة الحقيقية لا تتمثل في الانتصار في لعبة القط والفأر مع الرقابة، وإنما في تحرير الفعل الإبداعي من قيود الثالوث المحرّم وربط الإبداع بالجمال في المقام الأول.


* روائي وأنثروبولوجي جزائري مقيم في نيويورك

المساهمون