تابع الإيرانيون، اليوم الجمعة، المناظرة التلفزيونية الأخيرة بين المرشحين الستة للانتخابات الرئاسية، والتي ستجرى في 19 مايو/أيار الجاري، وهي الأهم بالنسبة لهم، كونها ناقشت ملفات اقتصادية ومعيشية. وفي الوقت الذي لم يقدم فيه أي مرشح برنامجه أو خطة عمله بدقة، احتد المتنافسون فيما بينهم، حيث فتح موضوع المناظرة الاقتصادي الباب عريضًا لتبادل التهم.
فانتقد المرشحون الثلاثة، والمحسوبون على خط المحافظين، سياسة حكومة الاعتدال الحالية، معتبرين أنها ساهمت في تراجع الوضع المعيشي والاقتصادي، فيما دافع المرشحون عن تياري الاعتدال والإصلاح عنها، ودخل الكل في نقاش طويل حول الفساد، موجهين أصابع الاتهام لبعضهم البعض، ومبرزين وجود خلاف بين بعض الساسة من جهة، والسلطة القضائية والجهاز العسكري، وعلى رأسه الحرس الثوري، من جهة ثانية.
واعتبر الرئيس الحالي حسن روحاني أنه استطاع أن يحقق منجزات اقتصادية كبيرة من خلال التوصل للاتفاق النووي، وجذب الاستثمارات الخارجية، واصفًا المشكلات التي يتحدث عنها منافسوه بأنها ما هي إلا نتاج لسياسة حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد الخاطئة.
وقال روحاني خلال المناظرة، وفق ما نقلت وكالة "رويترز": "إذا كنا نريد اقتصادًا أفضل، يجب ألا نترك جماعات تحظى بدعم أمني وسياسي تشارك في الاقتصاد"، في انتقاد واضح للحرس الثوري، الذي يدعم منافسه الأبرز إبراهيم رئيسي.
وفي السؤال المطروح عليه، حول خططه المستقبلية والمتعلقة بتطوير عمل المصارف والتسهيلات والقروض التي ستمنح للمواطنين، أكد روحاني أن المصارف في عهده منحت تسهيلات لأكثر من 24 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة، وهو ما ساعد على رفع معدلات الإنتاج، مؤكدًا أنه يركز على جذب رؤوس الأموال الأجنبية؛ وهو ما يعني تقوية النظام المصرفي، وكشف عن توقيع اتفاق استثماري مع أحد المصارف الأجنبية اليوم بقيمة عشرة مليارات دولار.
وانتقد هذه التصريحات المرشح المحافظ، سادن "العتبة الرضوية"، إبراهيم رئيسي، والذي شن هجومًا حادًّا، خلال مناظرة اليوم، على كل من روحاني ونائبه، المرشح الإصلاحي إسحاق جهانغيري، والذي أخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن حكومة الاعتدال خلال الانتخابات. وقال رئيسي إن الصادرات غير النفطية انخفضت في عهد روحاني، منتقدًا طريقته بالتهرب من المسؤولية، حيث يحمّل كل الأخطاء لحكومة نجاد.
وكان رئيسي قد دعا لمناظرة مباشرة بين نجاد وروحاني، وهو ما تحوّل اليوم لمطالبة كلا المرشحين، روحاني ورئيسي، بعقد مناظرة ثنائية مباشرة بينهما، وهو ما جعلهما ندين في نهائيات السباق.
كذلك اعتمد رئيسي، في تصريحاته الصادرة اليوم، على خطاب ديني بحت، مركزًا على الفئات الفقيرة وساكني القرى والأرياف، وعلى ضرورة تحسين الظروف المعيشية لهؤلاء، معتبرًا أن المعتدلين والإصلاحيين غير قادرين على تحقيق هذه الأمور، حيث تراجع الوضع الاقتصادي، وارتفعت نسبة الفقر من 23 إلى 33٪.
ومن ناحيته، ركّز جهانغيري على شن هجوم حاد وعدائي على رئيس بلدية طهران، محمد باقر قالييباف، بالدرجة الأولى، ومن بعده رئيسي، داعيًا هذا الأخير للكشف عن برامجه بدقة، وهو من تولى في السابق مناصب قضائية هامة، ويدعو لمحاربة الفساد حسب تعبير مرشح الإصلاح، كما سمى جهانغيري عددًا من البنوك التي قال إنها مرتبطة بالبلدية وبالمؤسسة العسكرية، قائلًا إن قاليباف استفاد من علاقاته ومنع جره للبرلمان لمحاسبته في السابق.
وعلق المرشح المعتدل مصطفى هاشمي طبا على إجابات جهانغيري، قائلًا إنه يوجد 114 منصة رسمية متورطة بتهريب البضائع للداخل الإيراني، مؤكدًا ضرورة متابعة هذه الملفات. وبدا طبا أكثر جرأة من المناظرات السابقة التي غلب عليه فيها طابع هادئ، فعاتب كل المرشحين على طريقة إدارة هذه المناظرات، معتبرًا أنهم يقدمون وعودًا وشعارات انتخابية غير قابلة للتطبيق.
وشاركه بهذه الفكرة، ولكن بطريقة ثانية، المرشح المحافظ مصطفى ميرسليم، وكلاهما أقل حظًّا من بقية المرشحين، ووجه ميرسليم كلامه بوجه خاص لقاليباف وجهانغيري.
واتهم قاليباف جهانغيري وروحاني صراحة بشراء منازل وعقارات بأسعار بخسة، بينما لا يعطون المواطنين الإيرانيين الحق ذاته، ونشرت المواقع المؤيدة له وثائق تثبت تورط جهانغيري برشوة، واعتبر خلال إجابته عن سؤال يتعلق بالنمو الاقتصادي، أن إيران تواجه كوارث عدة، من قبيل البطالة والركود والغلاء.
وذكر أن الإحصاءات الرسمية تؤكد وجود 3.5 ملايين شخص عاطل عن العمل، بينما تشير التقديرات إلى وصول هؤلاء في الحقيقة إلى سبعة ملايين، داعيًا لمحاسبة الفارين من الضرائب، ولتوزيع عادل للثروات، وهو ما أكد عليه رئيسي، مقابل خطاب الجبهة الأخرى المتمثلة بروحاني وجهانغيري، والذي يدعو لجذب الاستثمارات الأجنبية، ورفع صادرات النفط بما يحرك الاقتصاد، بينما طالب كل من مير سليم وهاشمي طبا بالمزيد من الشفافية في المؤسسات.