قراءات إسرائيلية في "اغتيال نصرالله": "ترتيب جديد" للمنطقة

28 سبتمبر 2024
مبنى تعرض للقصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت، 26 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

نشوة إسرائيل ستدفعها نحو مزيد من التصعيد في لبنان وتوسيع أهدافها

لواء إسرائيلي: أمامنا فرصة لمواصلة الهجوم واستغلال فوضى حزب الله

اغتيال نصر الله "يفصل عملياً بين جبهة لبنان وجبهة غزّة"

أطلق الاحتلال الإسرائيلي اسم "ترتيب جديد" بعد إعلانه رسمياً، اليوم السبت، اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، وعدد من قياديي الحزب في لبنان باستهدافهم بأكثر من "80 طناً من المتفجرات" في مقر للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس، وسط حديث بأن هذا الاغتيال قد يغيّر وجه المنطقة، ويحمل في طياته "فرصة استراتيجية" وفق الرواية الإسرائيلية يجب استغلالها، كما يحمل رسائل لإيران ولحركة حماس في قطاع غزة.

وقبل عملية الاغتيال، التي لم يصدر حزب الله أي بيان بشأنها حتى الساعة، وبعدها، واصل جيش الاحتلال قصفه المكثّف لعدة مواقع في لبنان. وسيواصل فعل ذلك، بحسب ما يتردد في بياناته وعلى لسان مسؤوليه وعلى رأسهم رئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هليفي، الذي أعلن أن استهداف نصر الله "ليس نهاية العمليات"، مهدداً بأن ذراع إسرائيل "يمكن أن تصل إلى كل مكان" في رسالة واضحة إلى إيران.

وردد معلقون وخبراء عسكريون وأمنيون سابقون بأنه بعد اغتيال قياديي حزب الله في الأيام الأخيرة، تتجه الأنظار بالأساس نحو إيران، وما إذا كانت سترد على "الزلزال الذي ضرب أحد أهم مشاريعها في المنطقة"، وهم ما ينسجم أيضاً مع خطاب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمس الجمعة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي وجه خلاله تهديداً واضحاً لإيران، وحاول تحريض العالم عليها. كما سارعت إسرائيل بعد الهجوم على الضاحية الجنوبية أمس، لمطالبة الولايات المتحدة بردع إيران.

إسرائيل قد تغير أهدافها في لبنان

تعيش إسرائيل حالة من النشوة منذ تفجير أجهزة الاتصال في لبنان قبل نحو عشرة أيام، ازدادت مع توجيه المزيد من الضربات وعمليات الاغتيال، وبلغت ذروتها بإعلانها عن اغتيال نصر الله. نشوة ستدفعها على الأرجح نحو مزيد من التصعيد في لبنان وتغيير أهدافها من "إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان"، من خلال ضرب حزب الله وإبعاده إلى ما وراء نهر الليطاني، إلى محاولة سحق حزب الله والقضاء على قدراته العسكرية، مستغلة ما تعتقد أنه فراغ قيادي، على غرار ما تحاول القيام به في قطاع غزة مع حركة حماس، فضلاً عن مواصلة استهداف أهداف إيرانية في سورية.

 يرى اللواء في الاحتياط كوبي مروم، في حديث لوسائل إعلام عبرية، من بين كثيرين يفكّرون مثله، أن "أمام إسرائيل فرصة لمواصلة الهجوم"، واستغلال الفوضى في حزب الله وخسارته قيادته. ويؤيده في ذلك مراسل الشؤون العسكرية في القناة 12 العبرية، نير دفوري، الذي يرى أن إسرائيل لا يمكنها التوقف الآن، قبل تدمير الأسلحة في جنوبي لبنان، زاعماً أن أمامها فرصة لفرض واقع أمني جديد، وبناء قوة في المنطقة تساعدها وتساعد الشرق الأوسط من أجل "ترتيب جديد"، ما يتطلب "خطوات عسكرية وسياسية في ذات الوقت". وتابع ضمن ادعاءاته "إسرائيل تحتاج إلى هذا الائتلاف للعمل معاً. نتواجد في مكان لم نتواجد فيه منذ عقود (عقب الضربات لحزب الله)، ولذلك يجب استغلال الفرصة".

أما المقدّم السابق في جيش الاحتلال ألون افيتار، المختص بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فاعتبر أن رسالة اغتيال نصر الله وصلت إلى إيران، مضيفاً "في السطر الأخير يجب إعادة المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزّة). لا نعلم حالياً كيف سيؤثر الاغتيال على موقف حماس بشأن المختطفين، ولكن على إسرائيل استغلال الوضع الحالي للضغط على الوسطاء لكي يضغطوا بدورهم على حماس".

وترى أوساط إسرائيلية أن اغتيال نصر الله "يفصل عملياً بين جبهة لبنان وجبهة غزّة"، معتبرة أن الفرصة مهيئة لائتلاف جديد في المنطقة، في إشارة إلى اتفاقات التطبيع التي يطمح الاحتلال لإبرامها مع دول عربية أخرى. ومن بين هؤلاء السفير الإسرائيلي الأسبق في الولايات المتحدة، داني أيالون، الذي يعتقد أن الضربات التي وجهتها إسرائيل لحزب الله وعلى رأسها اغتيال أمينه العام، "لم يعزز الردع الإسرائيلي فحسب، ولكن أيضاً بالنسبة للولايات المتحدة والقوى التي معها، وفتح الباب برأيه لترتيبات جديدة في المنطقة".

وأضاف في حديث للقناة 12 العبرية، "عندما يقول رئيس الحكومة نتنياهو إنه سيفعل كل شيء لمنع المشروع النووي الإيراني، فنحن نعلم أن هذا المشروع يتقدّم منذ 15 عاماً، وأن الكلام لا يخلق واقعاً مختلفاً، لذلك يجب العمل بهدوء والتخطيط لخطوات واسعة، وترتيبات جديدة في المنطقة بمشاركة دول منها السعودية".

ترقب لرد حزب الله وإيران

من جهته، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، أن نصر الله "راهن على حياته" منذ ربط مصيره بغزة. واعتبر أن "عملية الاغتيال أدت إلى تفاقم الفوضى في صفوف التنظيم، وعززت قلق راعيته إيران التي توقّعت منه نتائج مختلفة تماماً. لكن رغم أن نصر الله مسؤول عن مقتل آلاف المدنيين والجنود من إسرائيل والدول الغربية، فمن الأفضل التخفيف من فرحة النصر. حتى عندما يشعر حزب الله وإيران الآن بصدمة من هذه الخطوة المفاجئة، يجب على إسرائيل الاستعداد لتصعيد محتمل في ردود أفعالهما".

وأضاف أن "الضربات غير المسبوقة التي تلقّاها حزب الله تسبب إرباكاً في طهران". وتابع ضمن مزاعمه "تم بناء ترسانة الأسلحة الضخمة في لبنان بتمويل إيراني لردع إسرائيل عن مهاجمة المواقع النووية. وقد فُقد جزء منها في الأيام القليلة الماضية، والباقي معرض للخطر إذا استمرت الحرب في الشمال".

وأردف "لدى إيران اعتبارات أخرى، على رأسها علاقاتها مع الولايات المتحدة، والرغبة في التقدّم تحت الرادار في تطوير البرنامج النووي، ومن ناحية أخرى الوصول بسلام إلى الموعد النهائي لإعادة العقوبات المفروضة عليها، في إطار الاتفاق (النووي) مع القوى عام 2015، والذي ينتهي بعد عام". ويرى الكاتب أن ثمة أهمية لرد الفعل الأميركي على الأحداث الأخيرة، مضيفاً أن "عملية الاغتيال لم تدفن نصر الله ومسؤولين كبار في حزب الله فقط، ولكن أيضاً جهود وقف إطلاق النار بشكلها الحالي"، على حد زعمه. وختم بالقول إنه سيتعيّن على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن "تقدم سريعاً مقترحاً جديداً وتمارس ضغوطاً سياسية لم تستخدمها حتى الآن، إذا أرادت تحقيق نتائج".

المساهمون