معركة تكريت: تقدم طفيف والمدنيون يموتون ببطء

04 مارس 2015
معارك متقطعة بين "داعش" والقوات العراقية والمليشيات (علي محمد/الأناضول)
+ الخط -

حققت القوات العراقية والمليشيات المساندة لها، برفقة العشرات من عناصر الحرس الثوري الإيراني، أمس الثلاثاء، تقدماً بسيطاً يحسب لها على الأرض في ثاني أيام الحملة العسكرية التي أطلقتها بغداد لاستعادة مدينة تكريت شمال العاصمة من سيطرة تنظيم "داعش"، فيما أكد قائد عسكري عراقي اكتشاف ما وصفه بنقطة ضعف تنظيم "الدولة الإسلامية" يمكن من خلالها للقوات العراقية تحقيق المزيد من التقدم على الأرض في تكريت والمدن الأخرى.

وقال قائد فوج المهمات الخاصة المتجحفلة قرب تكريت، العميد الركن مهدي عبدالله، لـ"العربي الجديد": إن تسعة كيلومترات هي مجمل المساحة التي تمت السيطرة عليها في محيط تكريت حتى الآن من المحورين الشرقي والشمالي. ولفت إلى أنها "تضم مناطق صحراوية وأخرى سكنية قيد الإنشاء تخلى عنها "داعش"، فجر أمس الثلاثاء، بسبب شدة القصف وكثافة النيران الموجهة من بنادق الجنود لعدم امتلاكه غطاءً فيها يحتمي به".

وأوضح عبدالله، أن التقدم الذي أحرزته القوات المشتركة "جيد حتى الآن، لكن ليس بالمستوى المطلوب بسبب حرصنا على عدم تقديم خسائر بشرية من القوات المهاجمة والتي يعول عليها داعش كثيراً من خلال تحصنه بالمدينة وانتظار تقدمنا". وأشار إلى أن "القصف الجوي والصاروخي على مناطق تواجد تنظيم داعش في محيط المدينة، تسبب في مقتل ما لا يقل عن 50 مسلحاً منهم، من دون أن يكون هناك مواجهات مباشرة مع قواتنا". كما لفت إلى أن "طائرات أميركية زودت القوات على الأرض بصور واضحة ومعلومات عن نقاط تواجد المسلحين تمكنّا من خلالها من تسديد نحو 180 صاروخاً على تلك المواقع، فضلاً عن أن قطع الاتصالات والانترنت عن المدينة بعد بدء الهجوم دليل على أن التنظيم في مأزق كبير" على حد قوله.
كما أوضح العميد الركن، أن العمليات في بلدتي الدور والعلم ومدينة العوجة تحقق تقدماً، إذ تم تحرير حقل علاس النفطي الذي كان "داعش" يسيطر عليه، وينتج منه ما مجموعه 7 آلاف برميل، يومياً، ويقوم ببيعها لجهات مختلفة داخل وخارج البلاد. وأضاف "نحن نتبع أسلوباً ناجحاً، حتى الآن، على الرغم من الفشل في استدراج داعش إلى المناطق المفتوحة، لكن سندخلهم في حرب استنزاف ننهك قواتهم من خلالها، قبل تنفيذ الهجوم الواسع الذي سيكون تدريجياً، ننتقل في المدينة من حي الى آخر دون الاكتراث بطول مدة المهمة".
ووفقاً لعبدالله، فإن القوات المهاجمة "وجدت نقطة ضعف داعش، أخيراً، من خلال التجربة في أول يومين لبدء العملية، وهناك استغلال مناسب لها من قبلنا". وأضاف "نأمل أن نطبقها في مدن أخرى مماثلة لتكريت كالموصل والشرقاط والقائم"، من دون أن يكشف عن تلك النقطة التي وصفها بـ"غير قابلة للكشف، لكنها تقوم بالأساس على سلاح الجو الغربي وليس العراقي".

اقرأ أيضاً: معركة الأرض المحروقة في تكريت بتحالف إيراني أميركي عراقي

في هذه الأثناء، أفادت الحكومة المحلية في محافظة صلاح الدين، والتي تتخذ من بغداد مقراً مؤقتاً لها، أن "العمليات قد تمتد لأيام طويلة قبل إعلان تحرير المدينة". وأوضح المتحدث باسم محافظة صلاح الدين، محمد الجبوري، لـ"العربي الجديد" أن المعارك ستستمر من دون توقف، مشيراً إلى أن "داعش لن يملك القدرة على الاستمرار طويلاً بسبب محدودية أسلحته ومقاتليه على عكس القوات العراقية". كما تحدث عن "وجود سعي حثيث لإيجاد محاولة لإخراج المدنيين من المدينة".
وبالتزامن أفاد مراسل "العربي الجديد" بأن المعارك تحولت على طول حدود مدينة تكريت إلى متقطعة مع استمرار القصف الجوي والصاروخي، حيث يشتبك تنظيم "داعش" مع القوات المهاجمة عند اقترابها بمسافة 2 كيلومتر قبل أن تعود المعارك لتهدأ عند تراجعهم. إلا أن القصف متواصل ويسمع دوي الانفجارات داخل تكريت من مسافات بعيدة عنها، فيما يحتشد المئات من المواطنين على مقربة من المدينة محاولين التوصل إلى معلومات عن ذويهم العالقين داخلها.

في غضون ذلك، أفاد سكان محليون في تكريت أن تنظيم "داعش" داخل المدينة أقدم على تغيير مقراته باستمرار طيلة اليومين الماضيين لتفادي القصف وسط تراجع ملحوظ له من حدود المدينة إلى مركزها بسبب شدة القصف على الأطراف.
وأكد السكان اعتقال التنظيم لأشخاص روجوا "عزم داعش الانسحاب من المدينة لعدم جدوى المقاومة"، قبل أن يعلن التنظيم "أنه سيقاتل حتى النصر أو الشهادة".
كما أكد سكان محليون في مدينة تكريت لـ"العربي الجديد"، أن تسعة مدنيين قتلوا، بينهم ثلاثة أطفال، نتيجة القصف العنيف الذي طال المدينة أمس الثلاثاء.
وقال أحد المواطنين من أهالي المدينة المحاصرين داخل تكريت ويدعى أحمد خالد، لـ"العربي الجديد"، "نريد الخروج. نحن نموت ببطء. اليوم دفعنا تسعة، وقد نُدفن غداً، لا أحد يكترث بنا".
ويوضح خالد عبر "سكايب"، أن "القنّاصة في كل مكان، من يحاول الخروج سيقتل. لا داعش يرحمنا ولا المهاجمين. نحن محاصرون ليتهم أطلقوا تحذيراً لنا للفرار من المدينة، كنا مجبرين على البقاء في منازلنا بسبب ضعف حالتنا المادية".
من جهته، أعلن رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، عن حصول تقدم كبير في العمليات الجارية لتحرير محافظة صلاح الدين، مؤكداً عدم وجود موعد زمني للهجوم على الموصل.
وقال معصوم، في مؤتمر صحافي من مدينة كركوك، إن "هناك تقدماً كبيراً في العمليات الجارية لتحرير صلاح الدين بمشاركة الجيش العراقي والشرطة والحشد الشعبي وقوات البشمركة"، موضحاً أن "هذه الانتصارات تبشر بالخير، ونهاية داعش ستكون في العراق وحتى الآن لم نحدد جدولاً زمنيّاً للهجوم على الموصل وتحريرها".
من جهته، اعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، محمد الساعدي، عملية تكريت بأنها خارج سياق الجدول الذي وضعه الأميركيون لتحرير المدن. وأوضح الساعدي أن "الأميركيين نفسهم طويل جداً، ووضعوا جدولاً زمنياً يمتد لعامين ونصف، ونحن غير مجبرين به". وأضاف "طلبنا منهم غطاء جويّاً والباقي على العراقيين، وهو ما حصل ونأمل فقط أن يستمر دعمهم للقوات العراقية"، واصفاً في حديث لـ"العربي الجديد" مشاركة الإيرانيين في القتال بأنها لمساعدة العراق ولا تحمل أي طابع مذهبي أو انتقامي".

اقرأ أيضاً:  قاسم سليماني "داعماً" لا قائداً في معركة تكريت

المساهمون